Skip to main content

اكتشفت المثل الأعلى الحقيقي - أصبح الذهاب إلى الجامع أمراً خالياً من أي قيمة

الصفحة 2 من 5: أصبح الذهاب إلى الجامع أمراً خالياً من أي قيمة

وأصبح الذهاب إلى الجامع أمراً خالياً من أي قيمة. فلم أعد أحتمل الذهاب إليه إطلاقاً، لأن رجال الفقه يتكلمون عن السلام والمحبة وقد فشلوا في تطبيق ذلك. عندما قرأت التاريخ الإسلامي، قرأت عن سلسلة طويلة متعاقبة من الحملات العسكرية: حروب ومذابح يشجعها ويقرها قادة الإسلام باسم الله والقرآن. أصابني المرض بفعل ما قرأت عن كل هذا العنف والحقد اللذين ما أزال أيضاً أشاهدهما من حولي.

وإذ لم يكن من ألجأ إليه بمشاكلي هذه، فقد شعرت بالوحدة والعزلة. ولم يكن في وسعي اللجوء إلى والدي للمشورة والإرشاد. كان إنساناً قاسياً ومغتماً لأن رجال الإسلام قد فشّلوه بنبذهم له والإستفادة من ثروته. فأصبح عنيفاً ومستبداً يسيء معاملة أمي وبقية أفراد العائلة. وفي الواقع عندما رأيت كم يعاني النساء والأولاد من الألم في مجتمعنا، يأكلني الشوق للقيام بعمل ما يرفع من مكانتهم، فأراهم يحصلون على المزيد من الحرية والسعادة. لم أتمكن من بحث هذه المسائل أو أية مسائل أخرى مع والدي. لقد فقد احترامه عندي، بالإضافة إلى أنه أصبح رجلاً مشوَّشاً ومحطَّماً لا يستطيع أن يفيد أي إنسان بنصائح أو تشجيع.

وحالة الفقر والمرض التي كنت أراها في كل مكان بين بني قومي، حفزتني لأن أصبح عالماً اجتماعيا. فقد كرهت الشعور باللامبالاة وعدم الاهتمام عند أولئك الذين يملكون الثروة والمركز الاجتماعي، لكن رغبتهم قليلة أو منعدمة في عمل شيء ما يرد غائلة الفقر والألم عن أولئك الذين حولهم. وحالة الأوضاع الحزينة هذه وُجدت ضمن إطار الإسلام. فقد بدا أن الدين يقبل بحالة الأوضاع السائدة، وأحياناً يبدو أنه يزيد من حالة البؤس الذي يُرثى له ويعيش فيه ملايين كثيرة في مجتمعنا.

لجأت إلى الشيوعية طمعاً في الحصول على بعض الحلول. على الأقل، تعترف الشيوعية باهتمامها بمشكلة الناس المضطهدين، الذين هم ضحايا الظروف واستغلال أصحاب الثروات. ولمدة واظبت على دراسة الكتب الشيوعية واشتركت بشكل فعّال مع جماعة من الشباب الشيوعيين. وقد تعرّضت زمرة منهم للتعنيف والاضطهاد، وتكثفت عمليات المقاومة حتى قتل قائدنا بإطلاق الرصاص عليه. فقصدت عميلاً روسياً في بلدنا وعرضت عليه أن أضم جماعتي إلى جماعته في السعي من أجل تحقيق الأهداف الشيوعية في مجتمعنا. ولكن، نتيجة للنزاعات الضمنية التي حصلت خلال الأشهر الخمسة التالية، في الصراع من أجل الزعامة، بدأت أوهامي تتبدد حول الإيديولوجية برمتها؛ فقد تبرهن لي أنها سطحية وغير عملية، وفي تشخيصها لحالة الإنسان الحقيقية لم تصل إلى صميم مشاكله.

وهذه السلسلة المتوالية من خيبات الأمل، قادتني من جديد، إلى البحث عن الحق في الدين. فجمعت كتباً كثيرة عن ديانات مختلفة ورحت أدرسها بدقة. صرت أصرف الوقت الطويل وحيداً، أقرأ كتبي وأفكر بمعنى الحياة وحقيقة مستقبلي. وقد قدّم لي أحدهم عدداً من الكتب التي تبحث في المسيحية، فقرأتها بشوق واهتمام شديدين. وقد ولّدت فيّ هذه الكتب أسئلة كثيرة دفعتني بأن أتردّد إلى معلم مسيحي لأجد عنده الأجابة عليها. فقد ساعدني على فهم هذه الإستفسارات: 'لماذا يُدعى يسوع ابن الله؟'، و'لماذا يُعتبر من الخطأ والزيف القول بأن المسيحيين يعبدون ثلاثة آلهة؟' وعندما رأى أن اهتمامي بالدين المسيحي يتزايد تملّكه الخوف من أن يعرف أهلي وأقربائي بترددي عليه فيسبّبوا له المشاكل.

ونهاني عن المجيء إليه بعد ذلك، حاثاً إياي على التوجه إلى مدينة كبيرة حيث يوجد فيها مسيحيون يمكنهم مساعدتي بأكثر حرية وبدون خشية من الانتقام. وعندما أطلعت أمي على رغبتي في ترك بلدتنا والتوجّه إلى المدينة بغية تحصيل المعلومات عن يسوع المسيح، استشاطت غضباً وقالت إن والدي سيُقدم على قتلي إن عرف عن تصميمي هذا. وبالرغم من ذلك ذهبت إلى المدينة، وبعد وصولي بوقت قصير، شرعت في العمل لأجل تأمين لقمة عيشي.. ولم أشأ أن أتلقى المال من والدتي إنما أحببت أن أقوم أنا بإرساله لها.

لم أعثر، للفور، على أي مسيحي في المدينة، ومع ذلك فقد واصلت البحث، ورحت أتكلم إلى الله فقلت له إني بقدر ما كنت أبحث عنه بقدر ما كان يبتعد عني. لم أكن أعلم لماذا كانت تتأكلني الرغبة في أن أصبح إنساناً صالحاً، ولكن دون أن أعرف كيف. لجأت إلى الصوم وتعذيب الجسد لإذلال نفسي. وطفقت أحاول العيش على مستويات أخلاقية عالية، ظناً مني أن تلك هي الطريق لإيجاد الله. ابتعت نسخة من الكتاب المقدس وصرت أحاول قراءته بنفسي.

عندما حصلت على مبلغ كبير من المال، شرعت في السفر إلى مناطق مختلفة من باكستان لمقابلة قادة مسيحيين لكي أطلعهم على برنامج اقتصادي، أريد أن أراه محققاً. والأفراد القلائل الذين قابلتهم أبدوا سرورهم لوقوفهم على اهتمامي، ولكن أحداً منهم لم يخبرني كيف يمكنني أن أتعرّف على الله بطريقة شخصية. كنت أعلم أن ثمة شيئاً ما يعوزني ويعوز كذلك برنامجي الإصلاحي.

عدت أتكلم مع الله وقلت له إني أعيش بلا هدف
الصفحة
  • أنشأ بتاريخ .
  • عدد الزيارات: 10787