Skip to main content

حقيقة وإثبات تعليم الثالوث الأقدس

الصفحة 1 من 4

في حقيقة وإثبات تعليم الثالوث الأقدس
في الوحدة الإلهية

قبل أن نبدأ بهذا الفصل يجب على حضرات القراء المحترمين أن يفهموا كل الفهم أن الإيمان بالوحدة الإلهية هو أساس المسيحية وإن كنا قد بينا ذلك قبلاً ولكنا نذكره ثانياً لنلفت إليه أنظار إخواننا المسلمين الذين دائماً وأبداً ينسون هذه الحقيقة المهمة بل ويسيئون فهمها أيضاً. إننا معشر المسيحيين نؤمن كما يؤمن المسلمون بإله واحد قادر على كل شيء خالق السموات والأرض وجميع ما يُرى وما لا يُرى ونؤمن بذلك يقيناً لأن العهدين القديم والجديد يعلمانا إياه صريحاً ولنذكر هنا بعض الآيات إثباتاً لذلك:
إن ناموس موسى يعلمنا وحدة الله في قوله "اسمع يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد" (تثنية 6: 4) وقال الله في نبوة (أشعياء 45: 5) "أنا الرب وليس آخر لا إله سواي" (اقرأ عدد 14و18و21و22وص42: 8) وقد ذكر المسيح الآية الأولى في إنجيل (مرقس 12: 29و30) عندما سألوه قائلين "أية وصية هي أول الكل؟" فأجاب المسيح قائلاً "أن أول كل الوصايا هي اسمع يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد وتحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك ومن كل قدرتك" ومكتوب في العهد الجديد أيضاً "نعلم أن ليس إله آخر إلا واحداً" (1كورنثوس 8: 4) وفي (أفسس 4: 6) يقول "إله وآب واحد للكل الذي على الكل وبالكل وفي كلكم" هذا قليل من كثير من الآيات التي تظهر أن لا أساس ولا صحة في دعوى الشرك التي يرموننا بها واعتقادهم في أننا مشركون افتراء محض ناشئ عن عدم معرفة الكتاب المقدس وإننا نصرح على رؤوس الملأ أن الإنسان لا يمكن أن يكون مسيحياً ما لم يؤمن أن الله واحد لا إله سواه.
إن ما بيناه الآن هو تعليم الكتاب المقدس المختص بذات الله العلية ولكن هذا ليس كل التعليم الذي أرسله الله لبني البشر عن يد أنبيائه ورسله ولا يمكن للمؤمن الحقيقي أن يقبل جزءاً من التعليم دون باقيه ومن فعل ذلك فهو في ضلال مبين وليس من عبيد الله الأمناء- إن الله كما أنه أعلن لنا وحدته في الكتاب المقدس، أعلن لنا أيضاً ذاته المقدسة في نفس الكتاب في ثلاثة أقانيم وسمى لنا هذه الثلاثة الأقانيم –الآب والابن والروح القدس. والكتاب المقدس أطلق اسم "الله" على الثالوث الأقدس فقال "الله روح" ومعنى ذلك أن الله روح مطلق وكذلك قوله "الله محبة" (يوحنا 4: 24 و1يوحنا 4: 8و16) ولكنه أعطى أحد الأقانيم اسم "الآب" كما قال يسوع "الآب يحب الابن" (يوحنا 3: 35) وقوله "الآب الذي أرسلني" (يوحنا 5: 30) وأعطى أقنوماً آخر اسم "الابن" أو "ابن الله" وهذا اللقب أُعطي لكلمة الله ومعنى هذا أنه الحكمة الأبدية التي أعلن الله بواسطتها ذاته الخفية الغير منظورة ويقول العهد الجديد في (العبرانيين 1: 3) عن الابن "وهو بهاء مجده ورسم جوهره" لذا فيمكنا أن نقول أنه هو تجلي الذات الإلهية أو المظهر الإلهي أو معلن الآب. أما الروح القدس فليس هو الملاك جبرائيل أو أي مخلوق آخر كما يتوهم إخواننا المسلمون وإنما هو ذلك الروح الذي ينير ويقوي ضمائر وأرواح البشر وبواسطته يؤثر الله سبحانه وتعالى على الإنسان لعمل الخير وينقي ويطهر قلوب وحياة عبيده الأمناء. فالمسيحيون يعتبرون الله خالق جميع المخلوقات ومانح الحسنات والبركات ويعبدونه ويؤمنون أن الآب يمنح كل نعمة وكل حسنة بواسطة ابنه الوحيد كما يعلمنا الكتاب فالله لم يخلق العالم بواسطة ابنه ولم يحفظه ويعتن به فقط ولكن يخلص بواسطته عبيده من الخطية والهلاك الأبدي ويعطيهم خلاصاً أبدياً وسعادة حقة في دار الخلود وبواسطة الروح القدس يغير الله عقولهم ويطهرهم ويقودهم إلى معرفة الحقيقة والإيمان بالرب يسوع المسيح ويقدرهم على عمل الخير وهذا التعليم يسمونه المسيحيون تعليم الثالوث الأقدس. وإن لم تُذكر لفظة "الثالوث" في الكتاب المقدس، لكن هذا التعليم واضح بدون أدنى شك ومع أن المسيحيين قد تعلموا بواسطة إعلان الله لشعبة في الكتاب المقدس أنه يوجد بين الآب والابن والروح القدس فرقاً في أعمالهم إنما هذا الفرق هو في الأعمال الفدائية فقط لأنهم تعلموا أيضاً أن هذه الثلاثة الأقانيم ليست بثلاثة ذوات. ولا توجد إلا ذات إلهية واحدة وإله واحد كما أثبتنا ذلك من كلا العهدين القديم والجديد والقول بوجود ثلاثة آلهة إنما هو كفر وتجديف وتعاليم كهذه تناقض الكتاب المقدس ويمقتها المسيحيون.

إن كل عاقل متعلم يعرف جيد المعرفة أن الذات الإلهية غير محدودة وأن ذات الإنسان محدودة
الصفحة
  • عدد الزيارات: 21026