Skip to main content

حقيقة وإثبات تعليم الثالوث الأقدس - إن كل عاقل متعلم يعرف جيد المعرفة أن الذات الإلهية غير محدودة وأن ذات الإنسان محدودة

الصفحة 2 من 4: إن كل عاقل متعلم يعرف جيد المعرفة أن الذات الإلهية غير محدودة وأن ذات الإنسان محدودة

إن كل عاقل متعلم يعرف جيد المعرفة أن الذات الإلهية غير محدودة وأن ذات الإنسان محدودة. إذاً فعقل الإنسان أصغر من أن يدرك أسرار الله العميقة الفهم- ولو لم تكن هذه المعرفة ضرورية لنا لما أعلن الله لنا نفسه في ثلاثة أقانيم ولو حاولنا أن ندرك هذا التعليم الذي أعطانا إياه الله فهذا يعتبر من قبيل التصلف والغطرسة فلنحاذر من أن نرفض شيئاً لم يستطع عقلنا إدراكه وأيضاً أن لا نقبل شيئاً لم يعلمنا إياه الله في كتابه الكريم. إن إخواننا المسلمين يؤمنون معنا بوجود الله القدير مسبب الأسباب الغير المحدود المنزه الأزلي والأبدي ولكننا عاجزين عن أن نتصور أمامنا نهاية سلسلة هذه السبيبة أو ندرك معنى أبدي وأزلي ولكن هذا لا يمنعنا من أن نؤمن بالله بكل قلوبنا وعلى هذا المثال نؤمن نحن المسيحيين بتعليم الثالوث لأن الله أعلنه لنا في كتابه "كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع للتعليم" (2تيموثاوس 3: 16). وهذا التعليم يرشدنا إلى طريق الخلاص بواسطة يسوع المسيح ويجعلنا نعرف كيف نوفق بين ما يعلمه لنا الكتاب وما يعلمه لنا روح الله القدوس فيما يختص بوحدة الذات الإلهية. ولو لم يكن الله قد أعلن لنا هذا التعليم لما أمكن الإنسان أن يعرفه بنفسه كما أنه لا يمكنه أبداً أن يعرف من تلقاء نفسه بقيامة الأموات والحياة بعد الموت ولكن العقل يعلمنا أن الله الحق يعلمنا ما هو حق وسنبين الآن البراهين المثبتة لتعليم الثالوث الأقدس في الوحدة الإلهية كما جاء في الكتاب المقدس على النمط الآتي بيانه:
أولاً- أن الآب والابن والروح القدس واحد وأنهم إله واحد.
ثانياً- أن كلا من هذه الأقانيم الثلاثة له خاصية في عمل الفداء لا يشترك الآخر فيها.
ثالثاً- أنه لو فُصلت هذه الثلاثة عن بعضها (وذلك من المحال) لم يعبر أحدها وحده عن الله.
رابعاً- أن كل أقنوم باتحاده مع الأقنومين الآخرين اتحاداً أزلياً وأبدياً غير منفصل هو الله.
خامساً- أن كل أقنوم إلهي هو من ذات ومقام الأقنومين الآخرين.
سادساً- أن الكتاب المقدس قد أعطى الأقنوم الأول لقب الآب والخالق وأعطى للأقنوم الثاني لقب كلمة الله وابن الله والفادي وأعطى للأقنوم الثالث لقب المقدس والمعزي ويجب أن تفهم أن كلها أسماء فدائية.
سابعاً- أنه بما أن الثلاثة الأقانيم واحد في ذاتها فهي واحد في مشيئتها وغرضها وقوتها وأبديتها وفي سائر صفاتها.
ثامناً- أنه وإن كنا نجد في الكتاب المقدس ما يُفهم منه حسب الظاهر أن الآب أعظم من الابن فذلك من جهة ناسوت الابن لا غير أما الآب والابن واحد في الذات.
ويمكنا أن نعبر عن تعليم التثليث في الوحدة الإلهية بما يأتي "لا إله إلا الله الحي الحق الأزلي الأبدي بلا جسد ولا أجزاء ذو قدرة وحكمة وقداسة غير متناهية وهو خالق كل شيء وحافظ كل شيء منظور وغير منظور. وفي وحدة هذا الإله ثلاثة أقانيم الآب والابن والروح القدس والثلاثة واحد في الذات والقدرة والأزلية. آمين."
والآن بعد أن رأينا أن تعليم الوحدة قد ذُكر في العهدين القديم والجديد، وجب علينا أن نثبت أن وجود الثلاثة الأقانيم في الوحدة الإلهية قد أُعلن أيضاً في الكتاب المقدس.
أن المسيح نفسه قد أظهر ذلك وعلم أن تعليم الثالوث الأقدس فرض واجب على كل مسيحي أن يعتقد به لأنه قبل صعوده قال لتلاميذه عندما أرسلهم ليبشروا بالإنجيل في جميع أنحاء العالم "دفع إلي كل سلطان في السماء وعلى الأرض فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس" (متى 28: 18و19) وهنا يعلمنا المسيح أن الأقانيم ثلاثة ولكنهم واحد-هم ثلاثة ولكنهم متحدون في الوحدة الإلهية وفي هذا المقام يظهر تعليم الثالوث جلياً لأنه من المستحيل أن نتصور أن الابن والروح القدس مشتركان مع الآب في اسم الله العلي العظيم مع وجود تفاوت بينهم وقد بينا في الفصل الأول من هذا الكتاب أن العهدين القديم والجديد قد شهدا بألوهية المسيح كلمة الله ولنترك شهادة ألوهية الآب إذ لا حاجة بنا إليها لأنها ليست موضوع شك ولأن كل صفحة من صفحات الكتاب المقدس تشهد له كما وأن هذا الكون يشهد له والآن سنبين أن الكتاب المقدس شهد أيضاً بألوهية الروح القدس وهنا يجب أن نعلم أن الروح القدس مساو للآب والابن في ذاتهما ومقامهما وقد ذكر المسيح في بعض الآيات أن الروح القدس متحد به وبأبيه اتحاداً تاماً في (يوحنا 15: 26) "ومتى جاء المعزي الذي سأرسله أنا إليكم من الآب روح الحق الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي" هنا يشهد المسيح أن المعزي متحد به وبأبيه الله في مشيئتهما وغرضهما لذا فهو من ذات الابن والآب وقد ذكرت الثلاثة الأقانيم معاً في آيات كثيرة نكتفي بواحدة منها وهذه الآية تثبت أن الحواريين أطاعوا المسيح وعمدوا الناس باسم الثلاثة الأقانيم الذين هم ذات واحدة إذ قال الرسول بولس في أخر إحدى رسائله "نعمة ربنا يسوع المسيح ومحبة الله وشركة الروح القدس مع جميعكم" (2كورنثوس 13: 14). ولو لم يتعلم المسيحيون الذين وُجهت إليهم هذه الصلاة تعليم الثالوث الأقدس قبل عمادهم وعلموا جيداً أن هذا التعليم هو جوهر الإيمان المسيحي لصعُب جداً عليهم فهمها. وإذ قد أثبتنا ألوهية ابن الله في الفصل الأول كما ذكرنا نبتدئ الآن في إثبات ألوهية الروح القدس إثباتاً صريحاً مما جاء في الكتاب المقدس- يعلمنا الكتاب المقدس ألوهية الروح القدس في طريقتين: (أولاً) بأن ينسب له صفات وأعمالً إلهية (ثانياً) بأن يتكلم عنه كأنه الله.
ففي التوراة قال النبي موسى بإلهام الله مبينا كيف خلق الله العالم "في البدء خلق الله السموات والأرض وكانت الأرض خربة وخالية وعلى وجه الغمر ظلمة وروح الله يرف على وجه المياه" (تكوين 1: 1-2) وهنا يعلمنا الكتاب المقدس أن الروح القدس ليس بكائن قبل خلق العالم فقط بل كان يرف على وجه المياه عند خلق الأرض، لذا فهو مشترك مع الله في خلق العالم ولكنا نعلم أن خلق الخليقة عمل الله لا سواه إذاً فيكون للروح القدس الذي اشترك في خلق الخليقة ألوهية الله التي أيضاً للمسيح كلمة الله الذي "به كل شيء كان".

توجد آيات كثيرة في العهد القديم تشير إلى الروح القدس
الصفحة
  • عدد الزيارات: 21024