Skip to main content

مقدمة - إن في موجودات الله أسراراً كثيرة غامضة لا يؤمل عقل الإنسان في هذه الدنيا إدراكها تماماً

الصفحة 4 من 4: إن في موجودات الله أسراراً كثيرة غامضة لا يؤمل عقل الإنسان في هذه الدنيا إدراكها تماماً

إن في موجودات الله أسراراً كثيرة غامضة لا يؤمل عقل الإنسان في هذه الدنيا إدراكها تماماً وعليه فقد أرانا الله أن صفحات كتاب الطبيعة تتضمن أسراراً عديدة غامضة تفوق إدراك عقولنا فلا غرابة أن يكون كلام الله المعلن لنا في كتابه مملوءاً من الأسرار الغامضة وأن كل شخص لا يصدق أسرار الله المعلنة لعدم فهمه إياها ولا يرغب في قبول كلامه لما فيه من الأسرار لا يكون إلا جاهلاً شريراً. وأنا نرجو من الله تعالى أن يكون الباحث في الحق بعيداً عن هذه السخافات.
وليُعرف أن الله العليم الحكيم أعلن في كلامه بعض الأسرار المتعلقة بذاته المقدسة والواجب على عبيده قبولها والإيمان بها حتى ولو أشكل عليهم فهمها.
وحيث قد بيّنا هذه الحقائق الضرورية في مقدمة موضوعنا، بقي علينا بمشيئة الله ومعونته أن نقدم البرهان من الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد على ألوهية المسيح ربنا ووجود الثالوث الأقدس في وحدة الذات الإلهية. وإذا ظن أحد القراء أنه قد حصل على بعض التغيير والتبديل في العهدين القديم والجديد، فأنا نشير عليه أن يتصفح الفصل الأول من الجزء الأول من كتاب ميزان الحق ففيه الكفاية للرد على هذه الظنون التي لا أساس لها.
وسيحتوي هذا الكتاب على قسمين رئيسيين نتكلم في أولهما عن ألوهية المسيح ربنا وفي ثانيهما نوضح بإجمال تعاليم الثالوث الأقدس ونبرهن حقيقتهما ولكن بما أن الله القدير وحده ولا سواه يقدر على تطهير قلب الإنسان النجس وإنارة عقله المظلم فيهبه الفهم الروحي ليدرك به الأمور الروحية ويؤمن بما أعلنه له في كتابه، فنتوسل إليه تعالى بقلوب خاشعة خاضعة أن ينير بصيرة القارئ الكريم ويرشده إلى سواء السبيل.
إنه ليستحيل على الإنسان أن يدرك أعمال الله العظيمة وكلامه المُعلن ما لم يؤت له بنور من الأعالي إذ "الإنسان الطبيعي لا يقبل ما لروح الله لأنه عنده جهالة ولا يقدر أن يعرفه لأنه إنما يحكم فيه روحياً." (1كورنثوس 2: 14و15). إن الله العارف مخبآت القلوب لا يلزم أحداً بالإيمان ما لم يكن هو راغباً فيه ويسوع نفسه أعلن في الإنجيل الطريقة التي بدونها لا نجد الحق قال "إن شاء أحد أن يعمل مشيئته يعرف التعليم هل هو من الله" (يوحنا 7: 17). وهو برحمته ومحبته يريد "أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون." (1تيموثاوس 2: 4).
أيها الأخوة إن الله لابد أن يهبكم نور هدايته إذا سلكتم في هذا الطريقة رغبة في الحق وحينئذ تستطيعون أن تدركوا حقيقة هذين التعليمين العظيمين. وإذ تعرفون الحق تعرفون يسوع ومقامه الحقيقي فتؤمنون به من كل قلوبكم وبه وحده تنالون الخلاص الأبدي.

الصفحة
  • عدد الزيارات: 12120