البحث عن اليقين - الله ينقذني
الله ينقذني:
بعد ستّة أسابيع هربت بمساعدة خالي. ذات يوم حين لم يكن أحد في البيت كسر خالي القيود وسمح لي بعد ذلك أن أكون حرّاً إذ لم يكن أحد يريد أن يقيّدني مرّة أخرى. وصارت عائلتي وأقاربي يعاملونني بلطف ومكثت أسبوعين في البيت. ولكنّني بدأت أتساءل لماذا أعيش في بيتٍ ووَسَطٍ يخلقان في قلبي خوفاً لا سلاماً، عند ذلك قرّرت أن أرحل.
وذات يومٍ بعد تناول طعام الغداء نظرت إلى وجه أمّي فامتلأت عيناي بالدموع، لأنها لم تكن تعلم خُطّتي. وهذا كان وداعي لبيتنا. وقلت لأمّي إنّي ذاهب لآخذ حمّاماً في حمّام السباحة، وتركت البيت (أطلب من الله أن يسامحني عن هذه الكذبة وعن مرّات الكذب الأخرى التي لم يكن من داعٍ أن أرتكبها) ومشيت نحو عشرة أميال إلى محطة السكة الحديدية، حيث أخذت القطار إلى مدينة كاليكوت على بعد ثلاثين ميلاً. وهناك صرت أطوف باحثاً عن عمل. وأخيراً وجدت عملاً في مطعم بسيط يقدّم الشاي. لكن حياتي ظلّت غير مستقرّة.
وقد علمت فيما بعد أنّ أصدقائي المسيحيّين كانوا أثناء سجني يهتمّون بي ويشاركونني آلامي. وكانوا يصلّون لأجلي ويحاولون أن يجدوا طريقة بها يساعدونني، ولم يُوفَّقوا. وفي ذلك الوقت كانت الأصوات تُذاع على مكبّرات الصوت تهاجم أصدقائي بأسمائهم. وقد أمر قادة المسلمين الناس أن يبتعدوا عن مركز الإرساليّة المسيحيّة. وأن يسحبوا أطفالهم من مدرسة الحضانة المسيحيّة. وقد وُضع حرّاس على أبواب مركز الإرساليّة لضمان تنفيذ هذه الأوامر. وسُمِح للمسلمين أن يدخلوا فقط لأخذ العلاج في المستوصف المسيحيّ. ولكن سرعان ما عادت الأمور إلى مجراها الطبيعيّ. وبدأت مكبّرات الصوت تذيع نغمة أخرى: دعونا نكفّ عن إيذاء المسيحيّين، ونوجّه التفاتنا إلى أعمال الله. وبعد بضعة أسابيع انتهى الإزعاج.
واندمجت في دراسة الكتاب المقدس بالمراسلة، مع أنّ صاحب محلّ الشاي المسلم (الذي كنت أعمل عنده) لم يكن يرغب ذلك. وظللت في العمل مدّة خمسة شهور. ثمّ تركت كاليكوت وذهبت إلى بيت أختي في ميسور . وهناك كتبت خطاباً إلى جورج، وهو أخبر أصدقائي الآخرين. وهذه كانت أوّل أخبار سمعوها بأنّ الله قد أنقذني من قيودي. وقد ختمتُ خطابي بهذه العبارة: أنا الآن بخير، وإنّي دائماً أصلّي الصلاة الربّانيّة .
بعد أن قضيت سنة في ميسور مع زوج أختي، و18 شهراً أخرى في سفينة تجاريّة في كليكوت عدت إلى مالابورام وهناك التقيت مرّة أخرى مع جورج وتمتّعْتُ بشركة مع القسّ شلابان وزوجته، وكانوا مسرورين جداً أن يروني ورحّبوا بي ترحيباً قلبيّاً حارّاً. ولم أستطع أن أقابل خادم الربّ لأنّه كان قد عاد إلى بلاده. ومن هناك رجعت إلى ميسور حيث استخدمني زوج أختي مرّة أخرى لمساعدته في فندقه. وبتوصية منه حصلت على وظيفة في مصلحة التلّغراف (البرق). ولكن لغرض يريده الله اضطرّني مرض في أعلى فخذي أن أترك العمل.
قرّرت أن أعود إلى ملابار للعلاج. وكان جورج يعمل في ذلك الوقت في مستشفى الإرساليّة. وقد ساعد على فحصي طبيّاً. وعاد خادم الربّ وقتئذٍ إلى الهند وقد فرح جدّاً إذ رآني، وسأل عن كلّ ما حدث لي وأنا مقيّد بالحديد وفي تنقّلاتي، وأخبرني عن الكثيرين الذين كانوا يصلّون لأجلي. ثمّ قدّم لي توصية إلى خادم آخر للربّ يستطيع أن يساعدني في علاج مرضي وسررتُ جداً بمقابلة هذا الصديق الجديد. وصار فيما بعد واحداً من آبائي الروحيّين كما صارت زوجته أمّاً روحيّة لي, وبمعونة هذا الخادم وأحد الأطبّاء استطعت أن أذهب إلى مستشفى الإرساليّة (س. م. س.) في فيلور للعلاج.
ولمّا عدت من المستشفى التحقت بحملة الهند بكلّ بيت ومقرّها ميسور لمدّة ثلاثة شهور. وبهذه الطريقة استطعت أن أوزّع بعض النبذ وأن أشارك الناس في أخبار المسيح السارّة. فلمّا علمت أختي وزوجها بذلك غضبا جداً ومنعاني من الذهاب إلى بيتهما. وساعدني خادم الربّ في السكن في بيت راعٍ مسيحيّ يُدعى القسّ بارامسواران كان يقيم مع عائلته في مدينة غندليبت . وكان اختباراً عظيماً لي أن أكون معهم، وأن تُتاح لي الفرصة لدرس التعليم المسيحيّ مدّة أربعة شهور. وبعد ذلك التحقت بمشروع تقوم به الكنيسة الإنجيليّة اللوثريّة بالهند لتوزيع الكتب بالسيّارة، وظللت سنة كاملة أقوم بتوزيع المطبوعات المسيحيّة في جنوب الهند. وكان الله يقودني بذلك إلى خدمته.
وإذ كنتُ أتوق إلى درس الكتاب المقدّس بشكل أعمق، التحقت بمدرسة كونكورديا اللاهوتيّة في نيغركويل لمدّة سنة واحدة وذلك في حزيران (يونيو) سنة 1970. وما كان أعظم فرحي بفرصة دراسة الكتاب المقدّس. وفي مكتبة مدرسة اللاهوت وجدت عدداً كبيراً من الكتب الحسنة عن الإسلام، استطعت عن طريقها أن أتخلّص من الكثير من شكوكي.
- أنشأ بتاريخ .
- عدد الزيارات: 23810