أهمية تعليم الثالوث الأقدس - تعليم الثالوث يعلمنا أن محبة ورحمة الله لا حد لهما
إن تعليم الثالوث لا يعلمنا فقط أن قداسة الله غير محدودة ولكنه يعلمنا أيضاً أن محبته ورحمته لا حد لهما. ونؤمن أن الله لا يحب هلاك الإنسان بل يرغب في خلاصه وسعادته الأبدية وهو يعمل دواماً كل ما هو صالح لأن صفاته الصلاح والرحمة والعدل ويحب أن يقود الجميع إلى السعادة والقداسة الأبدية الحقة. وأنه وإن كان عقل الإنسان وضميره يشهدان بعدل الله ورحمته ومحبته ولطفه وقد أعلنت صفاته الإلهية في أعمال الطبيعة كتغيير الفصول مثلاً وغير ذلك إلا أننا نلاحظ في هذا العالم أن الظلم يسود لوقت ما والشرير يعيش سعيداً مغبوطاً والصالح التقي يعيش فقيراً بائساً متألماً محتقراً ومن لا يعرف عن كتاب الله شيئاً وينظر إلى أحوال هذا العالم بمرأى العين فقط يشك في عدل ورحمة الله بل كثيراً ما يقوده جهله إلى القول بعدم اهتمام الخالق بالإنسان سَعِد أم شقي وأن الله لا يفرق بين الصالح والطالح. ولكن إذ قد أعلن الله الرحيم نفسه بواسطة الكلمة الأبدية يسوع المسيح وبواسطة روحه القدوس مكلماً أنبياء ومظهراً لهم إرادته وأوامره مبيناً لنا نتائج الخطية المفزعة ناصحاً إيانا بالابتعاد عن الشر والتحلي بالبر يكون الله قد أظهر لنا رحمته وعدله في الكتاب المقدس. ومن يتصفح هذا الكتاب يجد أن الله لا يقبل الخاطئ والشرير وأن كان لا يعاقبه في هذا العالم الحاضر على شره الذي فعل فلابد وأن يعاقبه في العالم الآتي وفوق كل ذلك فقد أعلن الله محبته في ابنه يسوع المسيح الذي صلب ومات أي البار لأجل الخاطئ ولو كان مخلصنا المسيح إنساناً مخلوقاً كباقي البشر لأظهرت آلامه وموته حسناته فقط وليس حسنات الله. وهنا كان يمكن أن يظن البعض سوءاً في الله لأنه كيف يتألم ويموت على الصليب أشرف الناس وأحسنهم حباً في خلاص كل المؤمنين به ولكن لا، فتعليم الثالوث يعلمنا "أن الله المسيح مصالحاً العالم في نفسه" فلم تقع الآلام على مخلوق برئ ولكنها وقعت على الله في شخص كلمته الأبدية هذا سر عجيب عظيم. فإنه قد يمكن للإنسان أن يضحي بنفسه لأجل منفعة الآخرين ألا يكون ذلك بالحري في الله ويكون هو مثال لهذه الصفات المقدسة. فتعليم الثالوث يعلمنا إمكانية ذلك والكتاب المقدس يعلمنا أنه ما دام جميع البشر خطاة لا يمكنهم أن يتطهروا من نجاسات قلوبهم وهم عاجزون عن أن يخلصوا أنفسهم من سلاسل الخطية التي هم مقيدون بها ولا من الهلاك الأبدي والتعاسة الأبدية ولو كان الله قد قبل الخاطئ النجس لكان ذلك مناقضاً لما له من صفات العدل والقداسة. ولكن أرادت محبته أن لا يترك الإنسان غريقا في بحار الخطية فتكون أخرته الموت الأبدي فجاء كلمة الله الأبدي الذي هو واحد مع أبيه إلى هذا العالم واتخذ لنفسه طبيعة بشرية وتجسد في شخص يسوع المسيح وقد خضع للإرادة الإلهية وتحمل الصلب والموت. هو البار تحمل لأجل الخطاة فاكتسب محبة المؤمنين لكي يتوبوا عن خطاياهم التي هي سبب آلامه وأعطاهم غفراناً بلا ثمن وإن كانوا هم على الأرض غير معتوقين من الأتعاب ومن الموت إلا أن "كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله الذين هم مدعوون حسب قصده" (روميه 8: 28). وهذه الأتعاب الوقتية والآلام والاضطهادات التي تقع على المسيحيين من أعداء الله ما هي إلا نصر وغلبة تقربهم أكثر إلى الله حيث يجدون الراحة والسلام وإذ قد تحصلوا على الولادة الثانية ورجعوا عن طريق الشيطان فصاروا أبناء لله فقد خلصوا من ذلك الهلاك الأبدي الأخير ومن الظلمة الخارجية التي كانت نصيبهم في اليوم الأخير (متى 25: 41و46) وأصبحوا ورثة مع الله بواسطة نعمته وقداسته وبركاته التي لا تحد وحق لهم إن يسكنوا في ذلك المنزل السماوي الذي لا يدخله شيء دنس (رؤيا 21: 26). قال يوحنا المعمدان الذي كان يعرف أن يسوع المسيح هو مخلص العالم "هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم" (يوحنا 1: 29). وهنا عنى يوحنا بذلك أن المسيح هو الذبيحة الحقيقية لأجل خطايا البشر الذي وضع نفسه الثمينة فدية لأجل الخطاة لكي يتوبوا ويتطهروا من خطاياهم. قال أيضاً يوحنا الرسول في رسالته "يا أولادي أكتب لكم هذا لكي لا تخطئوا وإن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار وهو كفارة لخطايانا ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم أيضاً" (2: 1و2). وفي أفسس 1: 5-7 يقول بولس الرسول "إذ سبق فعيننا للتبني بيسوع المسيح لنفسه حسب مسرة مشيئته لمدح مجد نعمته التي أنعم بها علينا في المحبوب الذي فيه لنا الفداء بدمه غفران الخطايا حسب غنى نعمته".
- عدد الزيارات: 14673