Skip to main content

أهمية تعليم الثالوث الأقدس - الذين اختبروا محبة الله في المسيح يسوع لابد أن يحبوه ويطيعوا أوامره

الصفحة 5 من 6: الذين اختبروا محبة الله في المسيح يسوع لابد أن يحبوه ويطيعوا أوامره

أولئك الذين اختبروا محبة الله في المسيح يسوع وقبلوها بكل قلوبهم لابد أن يحبوه ويطيعوا أوامره. ولان محبة الله قد انسكبت في قلوبهم بواسطة الروح القدس وبواسطة إيمانهم بيسوع المسيح فهم لا يشعرون بعد أن عبادة الله وخدمته عبئاً ثقيلا متعباً على كواهلهم بل فيها فرح قلوبهم لان الروح القدس نور يضيء للمؤمنين فيرشدهم إلى معرفة الله الحقة ويسكب عليهم النعمة والقوة لكي يقدروا أن يعملوا مشيئة الله ويطيعوا أوامره ويشعروا بالسلام والفرح والراحة الدائمة في دواخلهم ولكن كيف يتسنى للإنسان أن يؤمن بألوهية يسوع المسيح ما دام يرفض تعاليم الكتاب المختصة بذاته المقدسة؟ فكل من يرفضها فقد رفض المخلّص الوحيد الذي هو الطريق الوحيد بين الله والناس ولا يمكنه أن يتأكد من قداسة الله وعدله ومحبته الكاملة ولا يمكنه أن يحب الله بل يؤمن ويرتعب كالشياطين "والشياطين يؤمنون ويقشعرون" وهذا الارتعاب لا يعطيه السلام والراحة بل يجعله تعيسا بائسا فلا يشعر بقيمة الخلاص ولا يفرح بمعرفة الله ومحبته ونور الرجوع عن الخطية وسعادة الولادة الثانية ولا بقبول الله له. فهو إما لا رجاء له مثقل بالمعاصي مهدد بالخوف من الموت وجهنم وإما يتوهم انه رجل صالح يصوم ويحج (يذهب إلى مكة) ويعمل أعمالاً أخرى يظن فيها الكفاية وهي لا تطهر قلبه النجس، وعلى مثل هذا الإنسان أن يصدق قول المسيح "فان كان النور الذي فيك ظلاما فالظلام كم يكون" (متى 6: 23) "ولا تريدون أن تأتوا إلىَ لتكون لكم حياة" ( يوحنا 5: 40)
ثالثا- حيث أن بني البشر خطاة فلا يقدر أحد ولو كان نبياً أن يخلّص نفسه أو غيره من الخطية ومن فظائع نتائجها وحيث أن الخطية هي ابتعاد عن الله بل هي داء عضال في الروح فالإنسان لا يقدر أبدا أن يصير سعيدا ما لم ينج من هذا الداء ويتحرر منه لان قداسة الله وعدله لا يسمحان بقبول إنسان ملوث بالذنوب والمعاصي. إذا فالكفارة ضرورية لكي تتم عدالة الله في إعلان محبته ورحمته. وهذه الكفارة تلين القلوب الحجرية وتقود الخطاة إلى التوبة باتضاع وخضوع. هذه الكفارة يجب أن تتم بإنسان معصوم من الخطية طاهر كامل غير مرفوض عليه خدمة الله حتى يتسنى له القيامة بخدمة الآخرين وأداء الفرائض المطلوبة منهم ويعينهم في سقطاتهم ونقائصهم وينيلهم أجرا واستحقاقا لان كل من هو خاضع تحت خدمة ما فعليه أن يقوم بتأديتها ولا يقدر أن يؤدي شيئا مما على الآخرين. يجب أن يكون مخلص العالم شخصا كاملا في الطهارة والعظمة كاملا في المجد لكي تناسب خدمته وطاعته وفضله وشفاعته عدالة الله وقداسته وتكون كفارته لخطايا العالم أجمع. يجب أن يكون المخلص الحقيقي والوسيط الوحيد كاملا بمعنى الكلمة وأن تكون ذاته إلهية. أن المسيح لو لم تكن له هذه الألوهية أي انه كلمة الله أو ابن الله واحد مع أبيه فلا يمكن أن يكون المخلص والوسيط الحق ولو لم يكن الكلمة قد صار جسدا وحل بيننا (يوحنا 1: 14) ولو لم يكن عمل الكفارة لأجل خطايانا وأطاع حتى الموت موت الصليب (فيلبي 2: 8) فلا يمكن أن يكون لنا سعادة ولا خلاص نحن البشر. ولكن حيث أن المسيح المعصوم الكامل الذي له الذات الإلهية قد صار كفارة لأجل خطايا العالم فكل من يؤمن به من صميم قلبه لابد أن يحصل على الغفران والفداء والخلاص. قال الرسول في (2كورنثوس 5: 19- 21) "أن الله كان في المسيح مصالحا العالم لنفسه غير حاسب لهم خطاياهم وواضعا فينا كلمة المصالحة. إذا نسعى كسفراء عن المسيح كأن الله يعظ بنا نطلب عن المسيح تصالحوا مع الله لأنه جعل الذي لم يعرف خطية خطية لأجلنا لنصير نحن بِر الله فيه" ومعنى هذه الآيات أن المسيح بواسطة موته الثمين صار ذبيحة وكفارة تامة كاملة كافية لأجل خطايا العالم أجمع والله يغفر خطايا أولئك الذين يتوبوا توبة قلبية وينيبون إليه بالإيمان الحقيقي بواسطة يسوع المسيح الإنسان المعصوم الكامل الذي حمل خطايانا محبة في خلاصنا وكل الذين قبلوه مبررون فيه والله لا يقبلنا إلا في المسيح وفيه يمنحنا كل نعمة وبركة روحية. إن المؤمنين لا ينالون بركة الله والحياة الأبدية بواسطة ما يعملونه من الحسنات ولكن بواسطة محبته ورحمته في ابنه يسوع المسيح لأنه يستحيل على الخاطي أن ينال خلاصا لنفسه باستحقاقاته وأعماله الصالحة كما قال الرسول في (رومية 4: 3- 5) "لأنه ماذا يقول الكتاب فآمن إبراهيم بالله فحسب له بِرا أما الذي يعمل فلا تحسب له الأجرة على سبيل نعمة بل على سبيل دين وأما الذي لا يعمل ولكن يؤمن بالذي يبرر الفاجر فإيمانه يحسب له برا" كل من يؤمن بالمسيح فقد نال خلاصا ويعمل الصلاح بعد ذلك ليس لكي ينال الخلاص ولكن لأنه ناله واحب الله واحب أن يسير حسب دعوته والمحبة والمعروف تؤثر على الإنسان لعمل الصلاح اكثر من تخويفه من العقاب أو تشويقه إلى حسن الجزاء والخلاص هذا لا يمكن أن يبتاع لأنه يعطي من الله مجانا وبلا ثمن. من يحصل علبه يعتبره كهبة من الله "لأن أجرة الخطية هي موت وأما هبه الله فهي حياة أبدية بالمسيح يسوع ربنا" (رومية 6: 23) "لأنه بأعمال الناموس كل ذي جسد لا يتبرر أمامه... وأما الآن فقد ظهر بر الله بدون الناموس مشهودا له من الناموس والأنبياء بر الله بالإيمان بيسوع المسيح إلى كل وعلى كل الذين يؤمنون. لأنه لا فرق إذ الجميع أخطئوا وأعوزهم مجد الله متبررين مجاناً بنعمة الفداء الذي بيسوع المسيح الذي قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه لإظهار بره... ليكون بارا ويبرر من هو من الإيمان بيسوع (رومية 3: 20- 26) وقال الكتاب أيضا عن المؤمنين بالمسيح إيمانا صادقا "لأنكم بالنعمة مُخلصون بالإيمان وذلك ليس منكم هو عطية الله ليس من أعمال كيلا يفتخر أحد" (أفسس 3: 8و9). ولذلك فكل من يؤمن إيماناً قلبياً مخلصاً بالمسيح يسوع ربنا ويقبله مخلصاً ووسيطاً وحيداً تغفر له خطاياه بمجرد هذا الإيمان ويعتق من الخطية ومن غضب الله ومن خوف جهنم النار الذي يرتعب منها الإنسان نفساً وجسداً عند ذكرها. ويكون قد عرف أن الله قبله وهو لا يستحق رحمته ومحبته وتأكد خلاصه المجاني في المسيح يسوع فيلهج قلبه بالشكر لله ويقول مع داود
"كما يترأف الآب على البنين يترأف الرب على خائفيه" (مزمور 103: 13). ويتأكد بعد ذلك أن كل ما يعمله أبوه السماوي يعمله لخيره ومنفعته وأن الصعوبات والآلام التي تقابله هي غلبة وفرح وسعادة ويكون اتكاله على الله تعالى كاملاً وصلواته وتضرعاته مقبولة أمام عرش الله. إن المؤمن عندما يذوق لذة الخلاص عطية المسيح، يمتلئ قلبه فرحاً ويتأكد أنه سيدخل في السماء حيث يتمتع بالحياة الأبدية والمجد الأبدي كما قال الرسول في (رومية 5: 1-8) "فإذ قد تبررنا بالإيمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح الذي به أيضاً قد صار لنا الدخول بالإيمان إلى هذه النعمة التي نحن فيها مقيمون ونفتخر على رجاء مجد الله وليس ذلك فقط بل نفتخر أيضاً في الضيقات عالمين أن الضيق ينشئ صبراً والصبر تزكية والتزكية رجاء والرجاء لا يخزي لأن محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا لأن المسيح إذ كنا بعد ضعفاء مات في الوقت المعين لأجل الفجار فإنه بالجهد يموت أحد لأجل بار ربما لأجل الصالح يجسُر أحد أيضاً أن يموت ولكن الله بين محبته لنا لأنه ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا." وقال أيضاً في (غلاطية 3: 26) "لأنكم جميعاً أبناء الله بالإيمان بالمسيح يسوع" وقال في (رومية 8: 15-17) "إذ لم تأخذوا روح العبودية أيضاً للخوف بل أخذتم روح التبني الذي به نصرخ يا أبا الآب. الروح نفسه أيضاً يشهد لأرواحنا أننا أولاد الله فإن كنا أولاداً فإننا ورثة أيضاً ورثة الله ووارثون مع المسيح. إن كنا نتألم معه لكي نتمجد أيضاً معه." ومعنى "ورثة الله" أن المؤمنين يشتركون مع الله في المجد والبركة التي يمنحها لهم هناك. وقد قال الرسول في (رومية 8: 18) "فإني أحسب أن آلام الزمان الحاضر لا تُقاس بالمجد العتيد أن يستعلن فينا." وقال في (1كورنثوس 2: 9) "ما لم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على بال إنسان ما أعده الله للذين يحبونه."
إن أبانا السماوي لا يمنحنا هذه البركات فقط في العالم الآتي ولكنه يمنحنا منها شيئاً هنا على الأرض كالمغفرة والسلام بل وأكثر من كل ذلك يمنحنا عطية روحه القدوس فتمتلئ قلوبنا بمحبة الله وبواسطة هذا الروح يمكن للمؤمن الحقيقي أن يعمل الصلاح والبر. يقول في (غلاطية 5: 22و23) "وأما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام طول أناة لطف صلاح إيمان وداعة تعفف ضد أمثال هذه ليس ناموس." إن النعمة التي يمنحها الله على المؤمنين بواسطة الروح القدس تُوجِد في نفوسهم الاشتياق لعمل الصالحات وتبعدهم عن الشر كما قال الرسول في (تيطس 2: 11-14) "لأنه قد ظهرت نعمة الله المخلصة لجميع الناس معلمة إيانا أن ننكر الفجور والشهوات العالمية ونعيش بالتعقل والبر والتقوى في العالم الحاضر منتظرين الرجاء المبارك وظهور مجد الله العظيم ومخلصنا يسوع المسيح الذي بذل نفسه لأجلنا لكي يفدينا من كل إثم ويطهر لنفسه شعباً خاصاً غيوراً في أعمال حسنة."

تعليم الثالوث في وحدة الذات الإلهية يقودنا إلى فهم تجسد المسيح
الصفحة
  • عدد الزيارات: 14676