Skip to main content

تأثيرات الحُنفاء على الإسلام - آراء زيد بن عمرو

الصفحة 4 من 5: آراء زيد بن عمرو

فكل من له اطلاع على القرآن والأحاديث يرى مما تقدم أن آراء زيد بن عمرو أثرت تأثيراً مهماً جداً في تعاليم محمد، لأن كل آراء زيد نجدها في ديانة محمد أيضاً. وهذه الآراء هي:

(1) منع الوأد (2) رفض عبادة الأصنام (3) الإقرار بوحدانية الله (4) الوعد بالجنان (5) الوعيد بالعقاب في سعير وجهنم. (6) اختصاص الله سبحانه بأسماء: الرحمن. الرب. الغفور. وقد قال محمد ما قال زيد بن عمرو، لأن زيداً وكل واحد من الحنفاء قال إنهم يبحثون عن «دين إبرهيم» غير أن زيداً قال إنه أدرك غايته، وهي أنه وجد هذا الدين، وأن محمداً قال إن غايته هي دعوة الناس إلى دين إبراهيم بواسطته. وكثيراً ما أطلق القرآن على إبراهيم أنه حنيف مثل زيد وأصحابه، وإن كان إطلاقه هذا اللقب في القرآن على إبراهيم يفيد ذلك بطريق الالتزام. ولتأييد هذا نورد من القرآن بعض آيات قليلة، فورد في سورة النساء 4:125 «ومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفاً، واتخذ الله إبراهيم خليلاً» وورد في سورة آل عمران 3:95 «قل صدَق الله فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين» وورد في سورة الأنعام 6:161 «قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم ديناً قيماً ملة إبراهيم حنيفاً». فكل من له إلمام بتراكيب اللغة العربية وقواعدها يرى أنه مع أن القرآن لم يطلق على إبراهيم أنه «حنيف» إلا أنه أطلق عليه ضمناً أنه كان حنيفاً، وحض القرآن أصحاب محمد على قبول ملة إبراهيم، لأن من قبل ملة إبراهيم كان من عداد الحنفاء. وأصل كلمة «حنيف» في اللغة العبرية والسريانية تعني «نجس أو مرتد» لأن عبَدة الأصنام من العرب أطلقوا على زيد وأصحابه لقب «الحنفاء» ليصفوهم بالارتداد، لأنهم تركوا ديانة أسلافهم عبدَة الأصنام. فاستحسن محمد والعرب الحنفاء أن يختصوا بهذا اللقب، وفسَّروا هذه اللقب تفسيراً حسناً وصبغوه بمعنى مناسب. ولعلهم فعلوا ذلك لأنهم لم يروا فرقاً بين التحنُّف والتحنُّث. ولا ننسى أن هؤلاء الأشخاص الأربعة الذين دُعوا حنفاء كانوا من أقرباء محمد لأنهم تناسلوا جميعهم من لؤي. كما أن عبيد الله كان ابن خالة محمد، وتزوج محمد أم حبيبة أرملة عبيد الله. وذكر ابن هشام أن ورقة وعثمان ابني عم خديجة كانا من الحنفاء، فمن المستحيل أن آراء زيد وغيره من الحنفاء ومذاهبهم وأقوالهم وتعاليمهم لا تُحدِث في أفكار محمد أثراً مهماً جداً. ومع أنه لم يؤذن لمحمد (حسب الحديث الذي ذكره البيضاوي في تفسيره على سورة التوبة 9:113) أن يستغفر لآمنة والدته، إلا أنه استغفر لزيد بن عمرو، فقال إنه سيُبعث أمة وحده في يوم القيامة، وهذا تصديقُ محمد لمبادئ زيد بن عمرو.

تأثير محمد في ديانته
الصفحة
  • عدد الزيارات: 12205