Skip to main content

قالوا ذكر القرآن لمحمد معجزات - معجزة انشقاق القمر

الصفحة 6 من 6: معجزة انشقاق القمر

خامسا : معجزة انشقاق القمر
نختم هذا البحث بذكرهم معجزة انشقاق القمر . فقد رأى بعضهم فى مطلع سورة ( القمر ) معجزة خارقة : " اقتربت الساعة ! و انشق القمر ! و إن يروا آية يعرضوا و يقولوا : سحر مستمر " ! ( 1 – 2 ) .
جاء الحديث فوثق الخبر ، فتداولته الكتب الصحاح . و صحيح البخارى يجعل المعجزة بناء على طلب الكفار . و مسند أحمد يذكر المعجزة لكن لا يشير الى طلب الكفار لها ، فهى عنده خالية من عنصر التحدى . و أكثر الروايات تؤيد أحمد فى مسنده .
و فى حديث البخارى أن أهل مكة سألوا محمدا آية فانشق القمر بمكة مرتين ! إنما حرف الآية يقول : " أتت الساعة و انشق القمر " . فانشقاق القمر مرتبط بقدوم الساعة . و ان " الساعة " فى لغة الكتاب ، و فى لغة القرآن ، كناية عن يوم الدين . و انشقاق القمر من أشراط الساعة ؟ فليس هو حادث يجرى فى حياة الرسول ، هذا بنص القرآن القاطع .
قال القرطبى فى تفسيره : " قال قوم : لم يقع انشقاق القمر بعد . و هو منتظر . أى اقترب قيام الساعة و انشقاق القمر . و أن الساعة إذاقامت انشقت السماء بما فيها من القمر و غيره . و كذا قال القشيرى . و ذكر الماوردى : ان هذا قول الجمهور. وقال : لأنه اذا انشق ما بقى أحد إلا رآه ، لأنه آية و الناس فى الآيات سواء . و قال الحسن : اقتربت الساعة ، فإذا جاءت انشق القمر بعد النفخة الثانية … و قيل : " و انشق القمر " أى وضح الأمر و ظهر ، و العرب تضرب بالقمر مثلا فيما وضح . و قيل : انشقاق القمر هو انشقاق الظلمة عنه بطلوعه فى أثنائها ، كما يسمى الصبح فلقا لانفلاق الظلمة عنه " .
ففى نظر المفسرين المدركين ، تعبير " انشق القمر " إما حقيقى ، و هو من أشراط الساعة فى اليوم الآخر ، و إما مجازى فليس فيه من حادث طبيعى .
و قال محمد عبد الله السمان ( 1 ) : " و لو سلمنا جدلا بأن الانشقاق قد حدث ، فهل من العقل و المنطق بألا ترى الدنيا بأسرها هذا الانشقاق ! لأن القمر للدنيا كلها و ليس لمكة وحدها ، إن هذا حدث ضخم ، و ليس بالأمر الهين اليسير . و لو حدث حقا لكان على
الأقل دونته كتب التاريخ المعاصر ، و تغنى به الشعراء المعاصرون و ما كثرهم فى جزيرة العرب يومئذ " .
و نقول : لو حدث شىء من مثل ذلك ، لآمن العرب من دون جهاد و قتال ، و لعرفه الفرس و الروم و آمنوا بالنبى العربى ، من دون فتوحات و حروب !
لا يسعنا إذن أن رنى فى الآية القرآنية ، على نقيض حرفها و معنااها ، حادثا تاريخيا جرى على يد محمد معجزة له ! فهذا يناقض علم الفلك ، و ارتباط عالمنا الشمسى بجاذبية واحدة ، و ارتباط هذه الجاذبية الشمسية بالجاذبية الكونية . و لنفكر فى ما يترتب على انشقاق القمر من احداث و أخطار فى مدار القمر كما فى مدار الأرض ، فى الهواء كما فى البحر ، فى النبات و الحيوان و الانسان .
إن انشقاق القمر شرط من اشراط الساعة : هذا كل ما فى آية القرآن . و من الظلم للقرآن و العقل و العلم أن ننسبللقرآن ما هو منه براء .
تلك نماذج خمسة من المعجزات التى يستنبطونها للنبوة فى القرآن ، و تهافتها فى ذاتها يقضى عليها قضاء مبرما . إنما هى الحماسة التى تدفع بالشعب و من يجاريه من العلماء بالحديث و التفسير ، الى استنباط معجزات من " آيات متشابهات " فى القرآن ، لأنهم يشعرون بالفطرة ، مثل أهل مكة أنفسهم ، أن المعجزة دليل النبوة الأوحد ، " سنة الأنبياء الأولين " ، " السلطان المبين " من لدن الله ، و انه لا نبوة بدون معجزة . فإذا لم يجدوها فى القرآن خرقوها بالحديث و التفسير .
و صريح القرآن هو بمنع المعجزة عن محمد منعا مبدئيا مطلقا ( الاسراء 59 ) ، و امتناع المعجزة عنه امتناعا واقعيا مطلقا ( الاسراء 93 ) . لذلك وقف المعتزلة قديما بوجه الحماسة الشعبية تجاه أهل الكتاب ، و حماسة المحدثين و المفسرين ، بإعلانهم : لم يجعل الله القرآن دليل النبوة . و علماء العصر فى التفسير و السيرة ، اضطروا إلى أن يعلنوا موقف القرآن السلبى من كل معجزة ، و أن يصرحوا مثل الاستاذ دروزة كما نقلنا : " إن حكمة الله اقتضت أن لا تكون الخوارق دعامة سيدنا محمد عليه السلام ، و برهانا على صحة رسالته و صدق دعوته "
أجل لم " يذكر القرآن لمحمد معجزات " على الاطلاق .

الصفحة
  • عدد الزيارات: 18082