Skip to main content

قالوا ذكر القرآن لمحمد معجزات - معجزة الغار

الصفحة 4 من 6: معجزة الغار

ثالثا : معجزة الغار
جاء فى سورة ( التوبة – براءة ) قوله : " إلا تنصروه فقد نصره الله ، إذ أخرجه الذين كفروا ، ثانى اثنين ، إذ هما فى الغار ، إذ يقول لصاحبه : لا تحزن إن الله معنا . فأنزل الله سكينته عليه ، و أيده بجنود لم تروها . و جعل كلمة الذين كفروا السفلى . و كلمة الله هى العليا . و الله عزيز حكيم " ( 40 ) . ففى الآية إشارة الى حادث اختفاء الرسول مع أبى بكر ، فى غار " ثور " ، جبل الى الجنوب من مكة ، فى طريق هجرتهما الى المدينة .
و فى سورة ( الانفال ) فسر عناية الله بالنبى بقوله : " و اذ يمكر الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك . و يمكرون و يمكر الله ، و الله خير الماكرين " ( 30 ) . فقد أنجى الله محمدا بعنايته الخاصة . و ليس فى الآيتين ذكر لمعجزات حسية جرت على فم الغار لحجب من فيه عن أعين المطاردين .
و قوله : " ايده بجنود لم تروها " يكفى لإبعاد كل معجزة حسية . لكن بعض أهل الحديث أتوا بجنود من الله محسوسة ملموسة : كنسيج العنكبوت على باب الغار ، و نماء شجرة على فمه ، و بيض الحمائم فيها . لكن السنن الصحاح لم يرد فيها ذكر لشىء من ذلك .

و نجاة محمد و صاحبه من المطاردة انما كان لمهارة محمد و صاحبه أبى بكر فى ذلك . جاء فى السيرة لابن هشام : أن النبى يوم هجرته من مكة أضجع عليا على فراشه ببردته ليوهم الناس انه لم يذهب . و أمر أبو بكر مولاه عامر بن فهيرة أن يرعى غنمه نهاره ، ثم يريحها عليهما اذا أمسى ، فى الغار ، كما امر ابنه عبد الله أن يستطيع لهما أخبار قريش ، ثم يأتيهما اذا أمسى فيقص عليهما ما علم منها . فاذا غدا عبد الله من عندهما الى مكة عفى الراعى عامر بآثار الغنم على آثار عبد الله ابن أبى بكر . هكذا " يمكرون ، و يمكر الله ، و الله خير الماكرين " . و حماية الله لمحمد فى الغار ، " بجنود لم تروها " ، ليس حادثا مشهودا يمكن التحدى به كمعجزة ، بنص القرآن القاطع .
و هنا تسعفنا السنن الصحيحة ، و سيرة ابن هشام التى وضعت بعد مئتى عام من الحادث : فجميعها لا تذكر شيئا من المعجزات الثلاث التى اختلقوها .
و لو أن القرآن نفسه علم فى الأمر معجزة لنوه بها كلما تحدوه بمعجزة ، و لما سكت عنها الى آخر سورة ( التوبة – براءة 40 ) . و ينسون على الدوام ان المعجزات منعت عن محمد منعا مبدئيا مطلقا ( الاسراء 59 ) ، و امتنعت عليه امتناعا واقعيا مطلقا ( الاسراء 93 ) .
لذلك يرى العلماء ، و منهم الاستا دروزة ، أن ليس فى حادث الغار من معجزة ، انما هو عناية ربانية : " و الآية ( براءة 40 ) تتضمن التنويه بالعناية الربانية بالنبى أولا ، و بما كان من رباطة جأشه فى هذا الموقف العصيب ثانيا ، ثم بما كان من أثر إفلاته ، و نجاحه ، و التحاقه بالمدينة ، فى قوة الاسلام و انتشاره و كبت اعدائه " .
فليس فى الحادث عنصر من أركان المعجزة : لا حادث مشهود ، و لا معجزة معهود ، و لا تحد مقصود . إنما هى حاجة الأمة للخوارق لإثبات النبوة بالمعجزة ، لم يجدوها فخرقوها . و الاساطير تحط من هيبة النبوة ، و لا ترفعها .

معجزة
الصفحة
  • عدد الزيارات: 18086