Skip to main content

قالوا ذكر القرآن لمحمد معجزات - أسطورة شق الصدر

الصفحة 2 من 6: أسطورة شق الصدر

أولا : " أسطورة شق الصدر " ( 1 )
جاء فى مطلع سورة ( الشرح ) : " ألم نشرح لك صدرك ، ووضعنا عنك وزرك ، الذى أنقض ظهرك ، و رفعنا لك ذكرك " ( 1 – 4 ) .
و المتبادر الى الذهن أن " شرح الصدر " تعبير مجازى يدل عليه ما بعده : فقد شرح النبى صدرا بوضع وزره عنه و رفع ذكره .

فسرها الجلالان : " أى شرحنا لك يا محمد صدرك
بالنبوة و غيرها " . فلا ذكر عندهما لمعجزة شق الصدر و تطهيره . و كأن التطهير من الوزر عمل مادى ! و المعنى المجازى متواتر فى القرآن : " يشرح صدره للاسلام " ( الأنعام 125 ) ، " شرح بالكفر صدرا " ( النحل 106 ) .
فسرها البيضاوى : " ألم نفسحه حتى وسع مناجاة الحق و دعوة الخلق فكان غائبا حاضرا . أو ألم نفسحه بما أودعنا فيه من الحكم و أزلنا عنه ضيق الجهل . أو بما يسرنا لك تلقى الوحى بعدما كان يشق عليك ؟ " . فليس فى هذا كله مجال لأسطورة شق الصدر . لكن البيضاوى يضيف : " و قيل انه اشارة إلى ما روى أن جبريل أتى رسول الله صلعم فى صباه ، أو يوم الميثاق فاستخرج قلبه فغسله ثم ملأه إيمانا و علما . و لعله إشارة الى نحو ذلك " . و هناك ضحى القاضى بعلمه ارضاء لأهل الحديث من العامة : فهل العلم و الايمان أشياء توضع فى القلب ؟ و هل يقوم القلب مقام العقل ؟ و كيف فاته قول القرآن بعد ذلك : " ووجدك ضالا فهدى " ( الضحى 7 ) .
لكن اصل القصة عند المفسرين كان فى تفسير الطبرى بالحديث . فروى أن القصة وقعت لمحمد فى سن الطفولة ، أو فى سن الكهولة نحو الأربعين و قبيل البعثة . و كيف فاته حديث سورة ( الضحى 6 – 8 ) التى توجز فترة ما قبل البعثة بقولها : " ألم يجدك يتيما فآوى . ووجدك ضالا فهدى . ووجدك عائلا فأغنى " . فلو كان هناك من حادث جرى ، أو معجزة وقعت لمحمد قبل البعثة لذكرها القرآن تسلية للنبى و تأييدا لدعوته .
و الاسطورة ترويها السيرة على لسان مرضعه حليمة السعدية ، أو على لسان ابنها ترب محمد فى الرضاعة ، أو على لسان محمد و كان عمره سنتين و نصف السنة . قالت حليمة : " فخرجت أنا و أبوه فوجدناه قائما ممتقعا وجهه . فالتزمته و التزمه أبوه . فقلنا له : ما لك يا بنى ؟ قال : جاءنى رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعانى فشقا بطنى فالتمسا فيه شيئا لم أدر ما هو " . فهل الاثم شىء محسوس ؟ و هل يكون فى البطن ؟ و طفل دون الحلم هو غير مكلف و لا مسؤول عن وزر ينقض الظهر . و غسل الصدر أو البطن من وزر لا معنى له على الاطلاق - إلا أن يكون العماد " النصرانى " المستور بهذه الروايات .
و الاحاديث عن الاسطورة تختلف اختلافا كثيرا . قال الاستاذ عبد الله السمان ( 1 ) : " وحديث البخارى يقول : " ان الحادث وقع ليلة المعراج . و ابن حزم يعارض البخارى .
.
و قيل : و هو ابن عشرين سنة ، كما فى حديث ابن حيان و الحاكم . و قيل : حين كان مسترضعا لدى حليمة ، و أخوه من الرضاع ، و سنه لا تتعدى السنتين ، هو الذى شهد الحادث و نقله الى أمه حليمة . و الحافظ العراقى فى ( نظم السيرة ) يقول : فى عامه الرابع " . فلا يدرون متى وقع له الحادث و فى أى زمان و فى أى مكان . و اختلاف الاحاديث دليل تهافتها .
جاء فى صحيح البخارى : " بينا أنا عند البيت ، بين النائم و اليقظان – و ذكر بين الرجلين – فأتيت بطست من ذهب ملىء حكمة و إيمانا . فشق من النحر الى مراق البطن – أى أسفله – ثم غسل البطن بماء زمزم ثم ملىء حكمة و ايمانا " . لاحظ التهافت فى التعبير نفسه : محمد " بين النائم و اليقظان " ، فهل الرؤيا حادث واقعى ؟ و ما معنى شهادة من هو غائب عن وعيه ؟ و هل الحكمة و الايمان أشياء حسية يملأ بها طست من ذهب ؟ فيا ليت البخارى أسقط هذا الحديث مع آلاف الأحاديث التى نرفضها .
يقول الأستاذ السمان : " و قد اهتمت كتب السيرة بهذا الحادث دون التعقيب عليه . و ما كان لمنطق سليم أن يقره أو يعترف به . و رغم اضطرب الروايات ، لا يفوتنا أن هذه الأحاديث تتعلق بجانب غيبى – و هو الذى يمثله الملائكة – و لا يصح للتصديق بسوى الخبر المتواتر . و لا خبر متواتر فى القصة " .
لذلك يسميها الدكتور حسين هيكل : " أسطورة شق الصدر " لسبب ان محمدا لم يلجأ فى اثبات الى ما لجأ اليه من سبقه من الخوارق " .

الإسراء و المعراج
الصفحة
  • عدد الزيارات: 18118