Skip to main content

قالوا ذكر القرآن لمحمد معجزات - الإسراء و المعراج

الصفحة 3 من 6: الإسراء و المعراج

ثانيا : الإسراء و المعراج
وجد بعضهم معجزة الاسراء فى هذه الآية :
" سـبـحان الذى أسرى بـعـبده لـيلا من المسجد الحرام الى المسجد الاقصا
الذى باركــنا حولــه لــنريــه من آياتنا ، إنه هو السميع البصير "
ووجد هذا البعض معجزة المعراج فى هذه الآيات :
" و لــــــــقد رآه أخرى عـــــــند سدرة المنتهى
عـــــندها جـــــنة المأوى اذ يــغشى الــسدرة ما يــغشى
ما زاغ الــبــصر و ما طــغى لـقد رأى مـن آيات ربـه الـكبرى "
( النجم 13 – 18 )
و على هاتين الإشارتين لفقوا ، فى الحديث و السيرة و التفسير ، هذه القصة : " بينما أنا فى المسجد الحرام ، فى الحجر ، عند البيت ، بين النائم و اليقظان أتانى جبريل بالبراق – أو من الحرم و سماء المسجد الحرام لأنه كله مسجد ، أو لأنه محيط به ، لما روى أنه كان نائما فى بيت أم هانى بعد صلاة العشاء " ( البيضاوى ) . و هند هى بنت عمه أبى طالب . و البراق " دابة أبيض فوق الحمار و دون البغل ، يضع حافره عند منتهى طرفه " ( الجلالان ) ، " و هى الدابة التى كانت تحمل عليها الأنبياء قبله " ( السيرة لبن هشام 2 : 38 ) – و الكتاب و أسفار الأنبياء تجهلها . " فقال جبريل : أيها النائم ، قم . فانحنت الدابة ، و لها أجنحة كأجنحة النسر ، أمام رسول الله ، فاعتلاها و انطلقت به انطلاق السهم ، فوق جبال مكة ، و رمال الصحراء ، متجهة الى الشمال " ( حسين هيكل ، حياة محمد ) . " فسار بى حتى أتيت بين المقدس فربطت الدابة بالحلقة التى تربط فيها الأنبياء " ( الجلالان ) . " و بيت المقدس مهبط الوحى ، و متعبد الأنبياء ، محفوف بالأنهار و الأشجار " ( 1 ) ( البيضاوى ) . فصلى النبى بين الأنبياء ابراهيم و موسى و عيسى . ( 2 )
ثم أوتى بالمعراج فارتكز الى صخرة يعقوب ، و عليه صعد محمد سراعا الى السماوات يقوده جبريل ، و له ستماية جناح . فاجتاز السماء الأولى ، و هى من فضة خالصة ، علقت اليها النجوم بسلاسل من ذهب ، و قد قام على كل منها ملاك يحرسها حتى لا تعرج الشياطين . الى علو عليها ، أو يستمع الجن الى اسرار السماء ( حسين هيكل : حياة محمد ) . فرأى فيها رجالا لهم مشافر كمشافر الإبل ، فى أيديهم قطع من نار كالأنهار ، يقذفونها فى أفواههم فتخرج من أدبارهم ( سيرة ابن هشام ) . و رأى فى غيرها عزرائيل ، ملاك الموت ، بلغ من ضخامته ان كان ما بين مسيرة سبعين ألف يوم ! و كان يسجل فى كتاب ضخم أسماء من يولدون و من يموتون ! و رأى فى أخرى ملاكا ضخما نصفه من نار و نصفه من ثلج . و فى

السماء السابعة رأى ملاكا أكبر من الأرض كلها ، له سبعون ألف رأس ، فى كل رأس سبعون ألف فم ، فى كل فم سبعون ألف لسان كل لسان ينطق بسبعين ألف لغة ، من كل لغة بسبعين ألف لهجة ، فسار النبى ما بين خلق و خلق ما مسيرته بتلك السرعة خمسماية عام ، حتى وصل الى حضرة القديم ، فكان ما بينه و بين العرش " قاب قوسين أو أدنى " . و ذلك عند " سدرة المنتهى ، فإذا أوراقها كآذان الفيلة ، و اذ ثمرها كالقلال . فلما غشيها من أمر الله ما غشيها تغيرت فما أحد من خلق الله يستطيع يصفها من حسنها . قال : فأوحى الله إلى ما أوحى " ( الجلالان ) . هناك " رأى من آيات ربه الكبرى " – " فرأى من عجائب الملكوت رفرفا أخضر سد أفق السماء " . حينئذ مد العلى القدير يدا على صدر محمد ، و الأخرى على كتفه دليل الرضى و القبول . و فرض الله على أمته خمسين صلاة فى كل يوم و ليلة . و رجع بها محمد حتى لقى موسى ، فحذره موسى و قال : ارجع الى ربك فاسأله التخفيف فإن أمتك لا تطيق ذلك . فأخذ محمد يطوف بين الله و موسى ، حتى خفف الله الفريضة الى خمس مرات فى اليوم . أخيرا نزل محمد على المعراج الى الأرض ، و امتطى البراق الى مكة . " رواه الشيخان . و روى الحاكم فى ( المستدرك ) عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلعم رأيت ربى عز و جل " ( الجلالان ) .
1 – تلك هى قصة الاسراء و المعراج فى الحديث و السيرة و التفسير . أصحيح ان النبى الصادق الأمين قد رواها ؟ ظاهرها يدل عليها : إنها من الاسرائيليات التى تزخر بها كتب اليهود المنحولة .
نعرف أن الملاك روح لا جسد له ، أو هو " من نار " كما يقول القرآن . فكيف يكون لعزرائيل رأس ، ما بين العينين فيه مسيرة سبعين ألف يوم ؟ و ما هذا الملاك الذى نصفه من نار و نصفه من ثلج ؟ و ذاك الملاك الذى هو أضخم من الأرض كلها ، و له سبعون ألف رأس ، فى كل رأس سبعون ألف فم ، فى كل فم سبعون ألف لسان ، و كل لسان ينطق بسبعين ألف لغة ، و من كل لغة بسبعين ألف لهجة ؟ ! و ما هو هذا البراق " الدابة فوق الحمار و دون البغل ، و له أجنحة كأجنحة النسر " ! و محمد يربط البراق " دابته بالحلقة التى كانت تربط بها الأنبياء " : و نعرف من التاريخ أنه لم يكن فى زمن محمد لا هيكل و لا حلقة ، بل أطلال على أطلال . و حديث الشيخين يضع عيسى فى السماء الثانية مع يحيى ابن خالته ، و يوسف فى الثالثة ، و ادريس فى الرابعة ، و هارون فى الخامسة ، و موسى فى السادسة و ابراهيم
فى السابعة . مع أن القرآن جمع " ابراهيم و موسى و عيسى " معا ( الشورى 13 ) ، و ميز عيسى عن سائر الرسل بأنه " كلمته ألقاها الى مريم و روح منه " ( النساء 171 ) فهل يكون كلمة الله و روح الله أدنى من سائر الرسل ، فى السماء الثانية ؟ ! و ما هو هذاالمعراج الحسى كالسلم يصل ما بين الأرض و السماء السابعة ؟ و هل يعقل أن يفرض الله على أمة محمد خمسين صلاة فى اليوم ؟ و اذا فرض الله فريضة فهل يراجعه العبد فيها ؟ لقد استذوق القوم دس " الاسرائيليات " و أخذوا يتغنون بها !
و يا ليتهم اكتفوا بالاسراء النبوى الروحى الذى حصل لبعض المرسلين كبولس الرسول الذى " أسرى به الى السماء الثالثة ، أبالجسد أم بدون جسد ، لست أعلم ، الله يعلم " ، " قد أسرى به الى الفردوس و سمع كلمات معجزة لا يحل لإنسان أن ينطق بها " ( 2 كور 12 : 1 – 4 ) . لكنهم ارادوا أن يستجمعوا لمحمد ما وزعه الله على جميع الأنبياء : كما صلى موسى و إيليا مع المسيح و شهدا له حين تجليه . و فاتهم تصريح القرآن : " إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلى ... " !
2 – أما الاسراء و المعراج بحسب القرآن فقد اختلفوا فيها اختلافا كبيرا . قال الزمخشرى عن الحادث نفسه : " و اختلفوا فى وقت الاسراء . فقيل كان قبل الهجرة بسنة . و عن أنس و الحسن أنه كان قبل البعثة " . فما معنى المعجزة قبل البعثة ؟ و كيف يكون اسمى الوحى فى المعراج ، و لم يبعث محمد بعد ؟
" و اختلف فى أنه كان فى اليقظة أم فى المنام . فعن عائشة : " و الله ما فقد جسده ، و لكن عرج بروحه " . و عن معاوية أنه عرج بروحه . و عن الحسن كان فى المنام رؤيا رآها . و أكثر الأقاويل بخلاف ذلك " – و هذه الخلافات تثير الشبهات على الحادث نفسه .
و قال الاستاذ دروزة ( 1 ) فى هل يصح اعتبار الاسراء كما وصفه القرآن معجزة : " و اذا ما دققنا فى مدى آية الاسراء ، وجدنا أن الاسراء النبوى الذى أشارت اليه الآية لم يكن جوابا على تحد ، و انما كان حادثا خاصا بالنبى صلعم ليريه من آياته . و أنه لم يدركه و لم يشعر به غيره . و استطعنا بالتالى أن نقول : إنه لا يدخل فى مدى اصطلاح المعجزة ، و لا

يصح أن يعد و الحالة هذه ناقضا للموقف السلبى العام . و نصل الى النتيجة نفسها إذا ما دققنا فى مدى آيات ( النجم 13 – 18 ) التى قال بعض المفسرين إنها تضمنت خبر المعراج النبوى . و هذا بغض النظر عما هناك من أقوال و روايات مختلفة فى كيفية و ظروف الحادثتين . حيث هناك روايات بأن كليهما رؤيا منامية ، أو أنهما كانا فى اليقظة و الجسد و الروح أو بالروح دون الجسد . أو بأن الاسراء كان باليقظة و الجسد و الروح ، دون المعراج الذى كان مناما أو كان بالروح . أو بأن حادث المعراج النبوى لم يقع ، و انما الواقع الثابت هو حادث الاسراء ، أو بأن الاسراء كان فى وقت ، و المعراج فى وقت آخر ، أو بأنهما كانا فى ظرف واحد . و بأنهما وقعا فى أوائل البعثة ، و فى أواسطها ، بل هناك قول بأنهما وقعا قبل البعثة بسنة " .
إن الخلاف قائم فى أساس الحادث و فهمه ، فهو مشبوه ، و لا تقوم معجزة على مشبوه . و القرآن لا يذكر المعراج ، و لا يجعل الاسراء الليلى معجزة له .
3 – و عندنا أن الدلائل القرآنية تنقض المعجزة فى الحادث ، و تنفى الحادث نفسه بمعناه الحسى .
النص يقول حرفيا : " سبحان الذى أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الاقصا " . فالتعبير " أسرى ليلا " يدل على أنه " رؤيا منامية " ، لا حادث تاريخى . و التعبير الآخر " الى المسجد الاقصا " ينقضه التاريخ العام ، فجميع التواريخ تشهد بأنه لم يكن فى بيت المقدس ، على أيام محمد ، مسجد أقصى غير كنائس النصارى . و ما يسمى " المسجد الاقصى " بدأ بناءه عبد الملك بن مروان . فإن هيكل سليمان ، الى الغرب من الصخرة الشهيرة ، كان قد هدمه الرومان فى القرن الأول الميلادى ، فى حرب السبعين ، و لم تقم له قائمة ، حتى بناه بنو أمية . فإلى أى مسجد أسرى بمحمد ؟ هل أسرى به الى كنائس المسيحيين ، و لم يكن فى بيت المقدس حينئذ سواها ، ليرى فيها " من آيات ربه الكبرى " ؟
و اذا كان لالااسراء فى الآية أساس لغوى ، فليس فى آيات ( النجم 13 – 18 ) من أساس للمعراج فى الاطلاق : فإنها تصف نزول القرآن على محمد فى غار حراء ، فى " ليلة مباركة " ، " ليلة القدر " ، " من شهر رمضان " – فالقرآن كله ينقض قصة المعراج . " تنزيل رب العالمين ، نزل به الروح الأمين " ( الشعراء 192 – 193 ) بوسيط ووسط . فالتعابير الحرفية تنقض تعابير العروج و المعراج . و ما توهموه فيها من عروج و معراج تنقضه الآية فى
سورة الاسراء : " أو ترقى فى السماء : و لن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرأه ! – قل : سبحان ربى هل كنت إلا بشرا رسولا " ( 93 ) . فتحديهم له ، و اقراره بعجزه يقضيان قضاء مبرما على أسطورة المعراج ، بصريح القرآن . و القرآن نفسه يشترك فى تعجيز محمد عن أى فكرة عروج و معراج : " و ان كان كبر عليك اعراضهم ، فإن استطعت أن تبتغى نفقا فى الأرض ، أو سلما فى السماء ، فتأتيهم بآية " ( الانعام 35 ) – فافعل : المعنى أنك لا تستطيع ذلك " ( الجلالان ) . قوله : " سلما فى السماء " هو تعريف حرفى بالمعراج ، و نقض مبرم لحدوثه.
و القرآن نفسه يعتبر أن " الاسراء " كان " رؤيا للفتنة " و التخويف ، مثل رؤيا شجرة الزقوم فى قعر الجحيم : " و ما جعلنا الرؤيا التى أريناك إلا فتنة للناسو الشجرة الملعونة فى القرآن . و نخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا " ( الاسراء 60 ) . ففى السورة كلها ليس من رؤيا إلا " أسرى ليلا " ، فالاشارة فى الآية ( 60 ) تعود الى هذا الاسراء الذى تصفه السورة " برؤيا منامية " ، فليست بحادث تاريخى . يزيد ذلك يقينا مقابلتها مع رؤيا شجرة الزقوم فى قعر الجحيم ، و كلاهما رؤيا للتخويف ، لا للتحقيق : " و تخوفهم " . أبعد صريح القرآن ، نجرؤ على إقامة الأساطير ؟ ! و قوله " رؤيا ، و نخوفهم " يجعل تعبير " أسرى بعبده ليلا " تعبيرا مجازيا ، لا أمرا واقعيا .
و جل ما يقال فى آية الاسراء انها " رؤيا منامية " كالرؤيا المنامية التى رآها فى المدينة بدخوله الحرم : " لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق : لتدخلن المسجد الحرام ، إن شاء الله ، آمنين محلقين روؤسكم و مقصرين ، لا تخافون " ( الفتح 27 ) . فكلاهما رؤيا منام ؟ لكن القرآن يصرح بأن الله " صدق رسوله الرؤيا بالحق " أى بالواقع فى دخوله مكة . لكن القرآن لا يصرح أبدا بتحقيق رؤيا الاسراء ، فظلت طيف ليل .
و ليس لتلك الرؤيا المنامية معنى المعجزة و لا معنى المكاشفة .
فلو كان لآية الاسراء معنى المعجزة لكان النبى أعطاها كمعجزة كلما تحدوه بمعجزة ، و طالما تحدوه . و السورة نفسها ترد على تحدياتهم بمعجزة ( 90 – 93 ) بالاقرار بالعجز عن كل معجزة : " قل : سبحان ربى هل كنت إلا بشرا رسولا " ( 93 ) و السورة نفسها تعلن منع المعجزة مبدئيا عن محمد : " و ما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون " ( 59 ) . فهذان المنع الربانى و العجز المحمدى عن كل معجزة برهان قاطع أن ليس فى " الاسراء " من معجزة . فسورة الاسراء نفسها تنفى الاعجاز فى الحادث ، و المعنى الحسى فيه .
و ليس فى " الاسراء " أيضا شىء من معنى المشاهدة أو المكاشفة ، فى قوله : " لنريه من آياتنا " ( الاسراء 1 ) ، " لقد رأى من آيات ربه الكبرى " ( النجم 18 ) . فما رواه الحاكم فى ( المستدرك ) عن ابن عباس : " قال رسول الله صلعم رأيت ربى عز و جل " ، فإن عائشة تكذبه تكذيبا قاطعا ، باسم القرآن نفسه : " من قال إن محمدا رأى ربه فقد كذب : ألا ترى إلى قوله : و لا تدركه الأبصار " ! و القرآن كله " تنزيل " من " لوح محفوظ " بواسطة جبريل : فهو تنزيل بوسيط ووسط ، لا وحى مباشر ، و لا تكليم ، و لا كشف ، و لا مشاهدة . فليس فى رؤيا " آياتنا " ( الاسراء 1 ) أو رؤيا " آيات ربه الكبرى " شىء من معنى المشاهدة أو المكاشفة فى عالم الغيب ، أنما تقصد آيات عالم الشهادة أى الكون و الخلق ، كما هو الاسلوب المتواتر فى القرآن ، " اسلوب لفت النظر إلى الكون و ما فيه من آيات باهرة ، و البرهنة بها على وجود الله " و توحيده ، كما يقول دروزة ( 1 ) ، أو كما يصرح القرآن نفسه : " سنريهم آياتنا فى الآفاق و فى انفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق " ( فصلت 53 ) . و أشد من ذلك وقعا أن فى السورة نفسها عتابا لمحمد بأنه كاد يركن " شيئا قليلا " الى فتنة المشركين له عن الوحى ( الاسراء 73- 75 ) ، و الى فتنتهم له عن التوحيد الخالص ( 110 – 111 ) ، فهذا الواقع المزدوج المرير لا يتفق مع المشاهدة أو المكاشفة " لآيات الله الكبرى " فى ذاته أو فى ملكوته السماوى ، و لا مع اسراء أو معراج !
و هناك واقع قرآنى لا يفطنون له : إن آية الاسراء نفسها لا تمت بصلة الى السورة ، فهى لا تمت الى ما بعدها بصلة ، حيث الآية التالية تبدأ قصة موسى . و روى الآية ذاته يختلف عن روى السورة كلها . و اختلافهم فى زمن حدوث " الاسراء " دليل على أن آيته ملصقة بالسورة . يؤيد ذلك أن آية الاسراء لا تمت أيضا الى ما قبلها بصلة ، لا فى النسق الحالى ( بعد سورة النحل ) ، و لا فى ترتيب النزول ( بعد سورة القصص ) . فآية الاسراء معلقة بالسورة تعليقا .
هل لنا أن نذهب الى أكثر من ذلك ؟ سمعت من بعض شيوخ العلم أن الحجاج بن يوسف ، عميل بنى أمية ، و الذى تم آخر اصدار للقرآن على يده – و ما أدراك ما الحجاج ! – قد يكون هو الذى دس الاسراء على السورة ، عند اصدار القرآن و إتلاف النسخ
العثمانية ، ليصرف حج أهل الشام الى بيت المقدس ، عن مكة المكرمة حيث كانت الفتنة تفتنهم عن بنى أمية . و قد كانت السورة تسمى " بنى اسرائيل " كما فى الاية التى تستفتح قصص موسى ( 2 ) ، على ما نقل البخارى عن ابن مسعود : " قال النبى صلعم ان بنى اسرائيل و الكهف و مريم و طه و الأنبياء هن من العتاق الأول ، و هن من تلادى " ( 1 ) فصارت تسمى " أسرى " أو " الاسراء " . و نحن نقول : هذا تخريج قد يكون له دلائل ، لكن ليست له أخبار ثابتة .
فمن الثابت ، بالبراهين القرآنية التى قدمنا ، أن ليس فى آية الاسراء معجزة ، و لا حادث تاريخى . إنما " الاسراء " بنص الآية نفسها " رؤيا منامية " لم يحققها الواقع و التاريخ ، كما حقق رؤيا دخول مكة يوم الفتح الاعظم . و لا يقوم اعجاز التنزيل و لا معجزته على " رؤيا منامية " . و جل ما فى القصة أنها تعبير مجازى لاتجاه محمد فى دعوته الى " بيت المقدس ، مهبط الوحى ، و متعبد الأنبياء " .

معجزة الغار
الصفحة
  • عدد الزيارات: 18063