أسئلة تشريعية - التيمم
17 - التيمم
س 147: جاء في سورة المائدة 5: 6 يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَا غْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى المَرَافِقِ وَا مْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَا طَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَا مْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ .
قال البيضاوي: ولكن يريد ليطهركم - لينظفكم أو ليطهركم من الذنوب، فإن الوضوء تكفير للذنوب. أو ليطهركم بالتراب إذا أعوزكم التطهير بالماء. وليتمّ نعمته عليكم - ليتم بشرعية ما هو مطهرة لأبدانكم ومكفرة لذنوبكم نعمته عليكم في الدّين. وروى البخاري: عن عائشة قالت سقطت قلادة لي بالبيداء ونحن داخلون المدينة، فأناخ محمد ونزل فثنى رأسه في حجري راقداً. وأقبل أبو بكر فلكزني لكزة شديدة، وقال: حبَسْتِ الناس في قلادة. ثم أن محمداً استيقظ. وحضرت الصبح فالتمس الماء فلم يوجد فاستعوضه بالتراب . وعن عائشة قالت: لما كان من أمر عقدي ما كان وقال أهل الإفك ما قالوا خرجتُ مع محمد في غزوةٍ أخرى فسقط أيضاً عقدي حتى حبس الناس عن التماسه. فقال لي أبو بكر: بُنيَّة، في كل سَفَر تكونين عناءً وبلاءً على الناس! ولكن لما كانت هي سبب التيمُّم رضي عنها أبو بكر.
جاء في الحديث: الصعيد الطيب وضوء المسلم ولو إلى عشر سنين حتى يجد الماء. وإذا وجده فليمسه جلده .
ونحن نسأل: كانت عائشة سبب مشكلة لمحمد في الغزوة التي اتُّهمت فيها مع صفوان بن المعطل، فلماذا أخذها معه في غزوة أخرى؟ وما معنى الاستعاضة عن الماء بالتراب؟ أليست هذه قذارة ومدعاة للمرض لاللصحة؟ وأي عاقل يتصور في الماء أو التراب تكفير عن الذنوب؟
18 - تغيير القِبلة
س 148: جاء في سورة البقرة 2: 115 و142-145 وَلِلهِ المَشْرِقُ وَالمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ... سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ التِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلهِ المَشْرِقُ وَالمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطالتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَمَا جَعَلْنَا القِبْلَةَ التِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّالنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الذِينَ هَدَى اللهُ وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ وَلَئِنْ أَتَيْتَ الذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ العِلْمِ إِنَّكَ إِذالمِنَ الظَّالِمِينَ .
قال البيضاوي: سيقول السفهاء من الناس - الذين خفت أحلامهم واستمهنوها بالتقليد والإعراض عن النظر، يريد به المنكرين لتغيير القِبلة من المنافقين واليهود والمشركين. ما ولاّهم - ما صرفهم. عن قبلتهم التي كانوا عليها - يعني بيت المقدس. والقبلة في الأصل الحالة التي عليها الانسان من الاستقبال فصارت عرفاللمكان الموجَّه نحوه للصلاة. قل لله المشرق والمغرب - لا يختص به مكان دون مكان بخاصية ذاتية تمنع إقامة غيره مكان مقامه إنما العبرة بارتسام أمره لا بخصوص المكان. يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيم - وهو ما ترتضيه الحكمة وتقتضيه المصلحة من التوجه إلى بيت المقدس تارة والكعبة أخرى. وكذلك - إشارة إلى مفهوم الآية المتقدمة أي كما جعلناكم مهتدين إلى الصراط المستقيم أو جعلنا قبلتكم أفضل القبل. جعلناكم أمة وسطاً - أي خياراً أو عدولاً مزكّين بالعلم والعمل، وهو في الأصل اسم للمكان الذي تستوي إليه المساحة من الجوانب ثم استُعير للخصال المحمودة لوقوعها من طرفي إفراط وتفريط كالجود بين الإسراف والبخل، والشجاعة بين التهّور والجبن ثم أطلق على المتَّصف بها مستوياً فيه... وما جعلنا القبلة التي كنت عليها - في الجهة التي كنت عليها أي الكعبة فإنه عليه السلام كان يصلي إليها بمكة ثم لما هاجر أمر بالصلاة إلى الصخرة تألفالليهود أو الصخرة كقول ابن عباس رضي الله تعالى عنهما كانت قبلته بمكة بيت المقدس إلا أنه كان يجعل الكعبة بينه وبينه فالمخبر به على الأول الناسخ وعلى الثاني المنسوخ. والمعنى أن أصل أمرك أن تستقبل الكعبة وما جعلنا قبلتك بيت المقدس. وما كان الله ليضيع إيمانكم - أي ثباتكم على الإيمان. وقيل إيمانكم بالقبلة المنسوخة أو صلاتكم إليها، لِما رُوي أنه عليه السلام لما وجه إلى الكعبة قالوا: كيف بمن مات يا رسول الله قبل التحويل من إخواننا؟ فنزلت إن الله بالناس لرؤوف رحيم - فلا يضيع أجورهم. فولّ وجهك - اصرف وجهك. شطر المسجد الحرام - نحوه. ورُوي أنه عليه الصلاة والسلام لما قدم المدينة فصلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهراً. ثم وجه إلى الكعبة في رجب بعد الزوال قبل قتال بدر بشهرين. وقد صلى أصحابه في مسجد بني سلمة وركعتين من الظهر فتحول في الصلاة واستقبل الميزاب، وتبادل الرجال والنساء صفوفهم فسمي المسجد مسجد القِبلتين!!
ونحن نسأل: إذا كانت القبلة شريعة وركناً من أركان الصلاة فلماذا تتغير؟ هل هي لعبة سياسية لاستمالة قلوب العرب تارة واستمالة قلوب اليهود أخرى، فاتّجه مع العرب في مكة إلى الكعبة، ولما هاجر إلى المدينة حيث الكثير من اليهود اتجه إلى بيت المقدس. ولما قاومه اليهود جعل قبلته الكعبة مرة أخرى! لقد كان لتغيير القبلة طنة ورنة حتى ارتد كثيرون من الإسلام إلى اليهودية، وقالوا: رجع محمد إلى دين آبائه وترك قبلة اليهود التي هي حق! وعيَّر اليهود المسلمين، فقال حُيي بن أحطب وأصحابه من اليهود: أخبِرونا عن صلاتكم إلى بيت المقدس. إن كانت على هدى فقد تحولتم عنه! وإن كانت على ضلالة فقد دنتم الله بها، ومن مات عليها فقد مات على ضلالة! وكان قد مات قبل أن تحول القبلة إلى الكعبة أحمد بن زرارة من بني النجار والبراء بن معرور من بني سلمة وكانا من النقباء ورجال آخرون. فانطلقت عشائرهم إلى محمد فسكن بلبالهم وقال سيقول السفهاء من الناس ما ولاّهم عن قِبلتهم التي كانوا عليها، قل لله المشرق والمغرب .
فلماذا طعن محمد في الذين اعترضوا عليه بأنهم من السفهاء؟ لقد كان لهم كل الحق أن يسألوا.
- عدد الزيارات: 22527