Skip to main content

تكفيك نعمتي - الكرازة بالمسيح

الصفحة 10 من 12: الكرازة بالمسيح

الفصل التاسع

الكرازة بالمسيح

في هذه الشركة المسيحية، وفي جوٍّ من الطمأنينة والسلام بدأت أفكر في أسلوب خدمتي. اقترح راغبو الخير لي في جوجرا أن أقوم بعمل حُرّ، واقترح آخرون أن أتفرغ لخدمة الله. بيد أني علمت ما أنا عازم على فعله منذ أن نجاني الله في تلك الليلة من الموت المحقق.

وبينما أحمد الله على كل ما صنعه بي طلبت طلبة أخرى: يارب، أعطني النعمة أن أعلن أعمالك العجيبة للعالم. أعطني أن أحيا لك في ولاءٍ، حافظاً نفسي من الآثام والمعاصي. أعطني المحبة التي يمكن أن أغوص في أعماقها، فلا يجذبني العالم ويجرفني إليه. أنِر طريقي وأنا أدوس على هذه الطرق المحجرة لئلا أتعثر وأجلب العار لاسمك ياذا الجلال والإكرام .

اقتنعت أن عملي للرب سيكون في الكرازة، وأن أبدأ من حيث كنت موجوداً. ذهبت إلى القرى حول جوجرا برفقة بعض الإخوة وبدأت في الدعوة بالإنجيل. وبعد مدة ليست بقصيرة كنت أدعو أهالي القرى في البنجاب إلى الإيمان بالمسيح. في البداية كنت أفعل هذا سيراً على الأقدام، ثم بعد ذلك اشترى لي صديق درَّاجة. اعتاد الناس أن ينادوني صادهو أي يا تقي . اعتدت أن أجلس مع الفقراء أينما ذهبت لأني أردت أن أشاركهم حياتهم، فإن جاعوا جعت مثلهم. ولم تصبح حياة الثراء الماضية عقبةً في طريقي. وكلما ذهبت إلى منطقة جديدة قدمت نفسي إلى راعي الكنيسة هناك، فلم أفعل شيئاً في أبروشيته بغير موافقته. هذا معناه أني سأعظ المسيحيين وأعضد إيمانهم.

وبينما كان من المقرر أن أشترك في الخدمة في اجتماعات كنيسة أسقفية، وكنت أنتظر في مكتب الراعي الساعة التاسعة مساءً، قال لي الرب بوضوح: يجب أن تذهب وتشرح اختبارك لإخوتك في لاهور. هذا هو المكان الذي يجب أن تبدأ منه . ولم أتردد في طاعة سيدي، إذ شعرت بالإلزام أن أذهب في هذه الليلة عينها. تركت دراجتي وأخذت القطار إلى لاهور. طرقت باب أخي وفتح مندهشاً متسائلاً وفي عينيه وميض من الأمل: هل رجعتَ؟ وأجبت: رجعتُ لا لأسكن معكم، ولكن لأخبركم أن الرب يسوع المسيح هو المخلّص. لقد خلّصني، وأعرف أنه يقدر أن يخلّصكم أيضاً . تغيَّرت ملامح وجهه على الفور، وحاول جاهداً أن يكظم غيظه وأجاب بشدة: شكراً جزيلاً. نحن لا نحتاجك ولا يسوعك ولا خلاصه. مع السلامة . وأغلق الباب في وجهي. كنت حزيناً لذلك لكني لم أندهش. كنت مستريحاً لأني قمت بواجبي على الرغم أنه لم يأت بثمر. رسخت في أعماقي كلمات الرب لي، وتيقنت أني يجب أن أدعو أصدقائي المسلمين إلى خلاص المسيح.

وفي مارس )آذار( 1950 تُوفيت والدتي متأثرة بحزنها على انفصالي عنهم. حزنتُ جداً أني لم أرها قبل وفاتها. لكني لم أسمح لهذه المأساة أن تعطلني عن خدمة الرب.

وبعد وفاة أمي تزايدت كراهية إخوتي لي، ونصبوا كمائن لقتلي. وذات ليلة ألحوا أن أزورهم في البيت، فذهبت مع اثنين من أصدقائي. وهناك وجدت شيخاً فشل أن يرجعني إلى الإسلام، فلم يكن لديه جديد ليقوله. وأخيراً قدموا لي الشاي. وحينما رشفت قطرةً منه وجدته لاذعاً جداً، وعلى الفور أدركت أنه مسمم. لم أخش لأن الرب يسوع قال إن من آمن واعتمد باسمه يعمل معجزات، وحتى لو شرب سماً مميتاً فلن يضره )مرقس 16:18(. هنا خطر ببالي أن هذه هي الفرصة ليتحقق هذا فيَّ. حينئذ شعرت بالدوران وطلبت من رفيقيَّ أن ننصرف، دون أن يعرف إخوتي بما كنت أشعر. ثم طلبت منهما أن يتركاني وحدي في بيتي، وكانت الساعة العاشرة مساءً. وبدأت أصلي: يارب، إن متُّ الليلة سيقول الناس إن المسيحية باطلة . وما إن انتهيت من الصلاة حتى تقيأت مرتين وخرج السم من أحشائي، ثم نمت مطمئناً.

وفي صباح اليوم التالي كان إخوتي قلقين لمعرفة ماذا جرى، فأرسلوا خادمهم ليتقصَّى أخباري، فطلبت منه أن يخبرهم أني مازلت على قيد الحياة. وكان هذا مشكلةً جديدةً بالنسبة لهم، لأن حياتي تعني أني سأشاركهم الميراث، فأرسلوا من حاول قتلي، فأسرعت بكتابة تنازل رسمي لإخوتي عن كل حقي في الأراضي الخاصة بوالدي، لعل هذا يريحهم ويزيل خوفهم مني.

وأحسست بالخطر على حياتي في البنجاب، فتطوع القس شاندو راي ذلك الرجل الطيب القلب الودود لمساعدتي في الانتقال إلى سوكور في السند. عملت لشهور قليلة في جمعية الكتاب المقدس هناك. ورأيت أني في هذا العمل أنجرف عن الرؤية الحقيقية التي أعطاني الرب إياها، فقد كان عملي مكتبياً وتجارياً فقط. ولم أحسّ بالارتياح، لذلك تركتُ هذه الوظيفة. لقد رأيتُ نفسي كمبشر، ويجب أن أُعِدَّ نفسي لهذه المهمة.

بدأت أتعلم اللغة السندية وتمكنت من ذلك بسرعة. وصرت أكتب وأتحدث بها بلا عناء. إلا أن ارتفاع درجة الحرارة في السند كان عقبةً أمامي. وعدت إلى البنجاب لفترة من الوقت. وهناك التقيت بقسيس شاب في فيصل أباد دعاني للعمل في مؤتمرات الشباب وفتح لي بيته وشجعني على الانهماك في الخدمة.

وذات مرة دُعيت للخدمة في كنيسة، وحان الوقت لتقديم العطاء ولم يكن في جيبي سوى نصف روبية. لم أشأ أن يمرَّ الطبق دون أن أقدم لله عطيةً. لذلك مددتُ يدي ببساطة في جيبي ووضعت النصف روبية - كل ما معي. انتهت العبادة، لكن ماذا سأفعل وليس معي نقود الآن؟ وفاتني أني يمكن أن أختبر مدد الله العجيب لي. ولما رجعت إلى بيت صديقي الباكستاني، قالت لي زوجته: يا أخي، أتت إلى هنا ممرضتان لأنهما عرفتا أنك مسافرٌ غداً، وتركتا لك هذا المظروف . أخذت المظروف إلى غرفتي وفتحتُه فوجدت كمية من الروبيات، معها ملحوظة تقول: أرشدنا الرب إلى أنك محتاج لنقود لسفرياتك. نكون شاكرتين لك قبول هذا المبلغ . وجَمْتُ ساكتاً! فياله من إله صالح فعلاً!

وهناك مناسبة أخرى لن تمحوها الأيام من الذاكرة، كنت آنذاك في طريقي لزيارة رجل أظهر اهتماماً بالإيمان المسيحي، ولكني لم أجده. وجلست متضايقاً في الأتوبيس، وإذا برجلٍ يجلس إلى جواري، سألني عن عملي، فقلت له إني مبشر، ففرح جداً لأن الله استجاب لدعائه. لقد حجَّ إلى مكة سبع مرات دون أن يجد السلام الذي كان يبحث عنه، وأخبرني أن شخصاً أعطاه الإنجيل بلغته، فقرأه، لكنه ما زال يحتاج إلى من يساعده على فهم الأشياء الصعبة. لقد كان مثل الوزير الحبشي )أعمال الرسل 8(. وشرعت أشرح له الإنجيل. وحينما أتت محطة نزوله دعاني إلى بيته الذي يملكه، كما كان يملك سبعة آلاف فدان. بعد محادثة طويلة طلب مني أن أصلي لأجله. أخبرته أن بإمكانه أن يصلي بنفسه، فاندهش جداً وتساءل: أحقاً بإمكاني ذلك؟ فأجبت: نعم. إن أحببتَ التحدُّث إلى الله فتحدَّثْ إليه إذن . حينئذ رفع دعاءه إلى الله وصلى هكذا: يا ربي يسوع، أشكرك لإرسال عبدك لي ليقودني إلى الصراط المستقيم. فاقبلني اللهم وأنا أقبلك مخلِّصاً لي من اليوم، آمين يا رب العالمين .

كلّي للمسيح
الصفحة
  • أنشأ بتاريخ .
  • عدد الزيارات: 17137