Skip to main content

مشروعية القتال في الإسلام - الصفحة السادسة

الصفحة 6 من 6: الصفحة السادسة

أمر الله بقتال أهل الكتاب حتى - يسلموا - أو يدفعو الجزية صغاراً ونقمة لهم 126.

وهكذا انتهى عهد الحملان الزائف إلى غير رجعة، فكل ما قيل من مسالمة الأعداء قد تم نسخه بالبراءة التي أعطت الرخصة للإسلام بأن يقاتل أعدائه ويجاهد في سبيل نشر الإسلام بالسرايا، والغزوات والفتوحات، ومحاربة كل الناس المحاربين والمسالمين على حد سواء، وهذا ما تصرّح به المصادر الإسلامية:

إن النبي لم يكن يقاتل من كفَّ عن قتاله، كقوله تعالى:

فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً 128.

إلى أن نزلت براءة وجملة ذلك أنه لما نزلت براءة أمر أن يبتدئ جميع الكفار بالقتال - وثنيهم وكتابيهم - سواء كفّوا عنه أو لم يكفّوا، أن ينبذ إليهم تلك العهود المطلقة التي كانت بينه وبينهم، وقيل له فيها:

جَاهِدِ الكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ 129 (125).

وَلاَ تُطِعِ الكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ. وقد قال النبي: من ظفرتم به من رجال يهود فاقتلوه، فوثب محيصة بن مسعود على ابن سنينة فقتله.

ويشجع الإسلام الخداع والتظاهر بالمسالمة فيقول:

فمن كان من المسلمين بأرض هو فيها مستضعفاً أو في وقت هو فيه مستضعف فليعمل بآية الصبر والصفح والعفو عمن يؤذي الله ورسوله - من الذين أوتوا الكتاب والمشركين، أما أهل القوة فإنما يعملون بآية قتال أئمة الكفر الذين يطعنون في الدين، وبآية قتال الذين أتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون.

يا الله كيف يمكن نسب كل هذا الخداع إلى دين يدّعي أنه دين سماوي؟

كلا فهذا فكر إنساني انتهازي، ويسلك في سبيل ذلك مسالك ملتوية، ظاهرها يختلف عن باطنها، وأساليب الله غير ذلك البتة، فعندما يأمر الله بالسلام فهو لا يتراجع عنه ويستبدله بالقتال، إن مبدأ النسخ والتبديل هو أمر مرفوض ولا سيما لو كان استبدال السلام بالحرب، وحاشا لله أن يتراجع عن تعاليمه الصالحة وهل هناك أصلح من السلام؟ نعم الله ليس له أدنى صلة لا بالنسخ ولا حتى بالإسلام ذاته، إنما الإسلام وجد نفسه متورطاً، فهو أمر بالعفو عندما كان بدون جيوش حربية فلما صارت له هذه الجيوش أمر بالقتال. وحتى لا تكون تعاليمه متضاربة ومتناقضة اخترع مسألة الناسخ والمنسوخ، أي إلغاء الأحكام المتعارضة مع أهدافه بعد زوال المرحلة التي استعان بها بهذه الأحكام، والذي تم نسخه وإلغاؤه من الإسلام هو الحد الأدنى من تعاليم السلام والسماحة، وتم استبدالها بأحكام القتال بعد نسخ كل آيات السلم وجاءت بآيات البطش فيما يسمى - بالبراءة من الله - في بدء سورة التوبة، ونحن نسأل ضمائرهم: أي براءة هذه التي تجيز سفك دماء البشر بحجة مخالفتهم في الدين؟

إنها ليست براءة، بل إدانة سيعطون عنها حساباً يوم الحساب، يوم تصرخ الدماء البريئة التي سفكت ظلماً وعدواناً.. فدماء هؤلاء الشهداء سوف تدينهم يوم الدينونة العظيم - وما كلمة براءة هذه إلا محاولة لتخدير الضمير وتغييب العقل، إنها مجرد هلوسة دينية تعمي البصيرة وتصيب بالانفصام.

يقول الإنجيل:

أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، لَا تُصَدِّقُوا كُلَّ رُوحٍ، بَلِ امْتَحِنُوا الأَرْوَاحَ: هَلْ هِيَ مِنَ اللّهِ؟ لِأَنَّ أَنْبِيَاءَ كَذَبَةً كَثِيرِينَ قَدْ خَرَجُوا إِلَى العَالَمِ

( 1 يوحنا 4: 1).

ومستحيل أن يخرج روح الإسلام الدموي من عند الله، لأنه رب السلام، رب المحبة، رب التسامح، رب الغفران. هذا هو الله الذي يعرفه كل البشر، وهو يختلف اختلافاً جوهرياً كبيراً عن رب الإسلام.

الصفحة
  • عدد الزيارات: 16739