Skip to main content

مشروعية القتال في الإسلام - الصفحة الرابعة

الصفحة 4 من 6: الصفحة الرابعة

ويبقى أمامنا نموذج فريد في بطولة الإيمان واحتمال الأهوال حفاظاً على إيمانهم هو شعب الأقباط الأبطال الذي عانى من أشد أنواع الإضطهادات طوال تاريخه، سواء من الوثنيين، أو سواء ممن يخالفهم في عقيدتهم في المسيح، أو سواء من الوافدين الجدد من المسلمين الذي غزوهم واحتلوا أراضيهم وخربوا ونهبوا كنائسهم وأديرتهم، وحتى الراهبات العذارى تم اغتصابهن بوحشية من جنود المسلمين، وقد ابتلى الأقباط بالعنف الإسلامي منذ القرن السادس وحتى اليوم، بعدما حولهم الإسلام من مواطنين أصحاب البلد إلى مواطنين من الدرجة الثانية، ويحلو لهم تسميتهم بالأقلية أو أهل الذمة. وبقي الأقباط يدفعون الجزية للمسلمين قرون طويلة حتى تم إلغاؤها حديثاً وإن كانت ترتفع الأصوات حالياً بإعادتها. وقد كان تعداد الأقباط المستحق عنهم دفع الجزية حوالي 24 مليون قبطي، ثم ذبح ملايين منهم، ووصل الذبح إلى أديرة الرهبان التي كانت عامرة وعلى طول القطر المصري شماله وجنوبه، وتعرض الأقباط لمذابح مروعة، ولكن رغم ذلك بقوا محافظين على إيمانهم المسيحي، وحملوا الصليب بكل فرح، ولم يدافعوا عن أنفسهم بل حملوا كل الحب للمسلمين عملاً بوصية المسيح أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم.

وقد عجز السيف في اقتلاع جذورهم بعدما نجح في اقتلاع لغتهم القبطية من دواوين الحكومة، وبقيت اللغة القبطية داخل ما تبقى من الكنائس والأديرة، وحالياً تشهد اللغة القبطية إحياءاً كبيراً لها من قبل الكنيسة القبطية، ولا يزال حتى اليوم عصر الشهداء باقياً في مصر، رغم اختفائه من معظم بلدان العالم، لكن لا يزال يسقط شهداء الأقباط.

وفي ذلك تقول المصادر الإسلامية:

أمر الله الرسول بالعفو والصفح عن الكفار إلى أن يظهر الله دينه ويعز جنده، فكان أول العز وقعة بدر، فإنها أذلت رقاب أكبر الكفار بالمدينة وأرهبت سائر الكفار.

وتقول أيضاً:

إن الأمر بالصبر على أذى الكفار وبتقوى الله لا يمنع قتالهم عند الاستطاعة والمكنة. وإقامة حد الله عليهم عند القدرة.

وتقول أيضاً:

وتعلّمنا خبرة عصر النبوة متى نكف أيدينا، ومتى نجاهد وكيف نجاهد، وقد قدم المفسرون أسباباً عديدة لكف المسلمين عن القتال في تلك الفترة الباكرة من تاريخ الدعوة، لكن السبب الأساسي.. هو قلة عدد المؤمنين بالمقارنة بأعداد المشركين.

وقد يأتي القتل عليهم لو تعرضوا لقتال المشركين في صورة جماعية ذات قيادة حربية ظاهرة فشاء الله أن يكثر عدد المسلمين، وأن يتميزوا في قاعدة آمنة (بعد الهجرة، في المدينة المنورة) ثم أذن لهم بعد ذلك في القتال ، فلم يكن المجتمع الإسلامي الصغير قد استعد للقتال، وكان الدخول في أية معركة كفيلاً بتحطيمه واستئصاله، والنبي القائد هو القائل شر الرعاء الحطمة فما كان ليقود رعيته إلى التحكم أبداً، وكانت هذه هي سياسته الحكيمة على الدوام ، هل هناك خداع أبلغ من هذا؟

وفي وطني مثل شعبي شائع يصف هذه الحالة وصفاً بليغاً، إذ يقول المثل: يتمسكن لغاية ما يتمكن.

الصفحة الخامسة
الصفحة
  • عدد الزيارات: 16742