Skip to main content

تأثيرات الصابئين واليهود - قصص وفروض اقتبسها المسلمون من اليهود

الصفحة 8 من 9: قصص وفروض اقتبسها المسلمون من اليهود

(5) قصص وفروض اقتبسها المسلمون من اليهود: لولا ضيق المقام لأوردنا من القرآن قصصاً شتى يسهل علينا البحث فيها وإقامة الدليل على أنها لم تكن مطابقة لنصوص التوراة، بل موافقة للخرافات التي ألَّفها كَتَبة اليهود. مثلاً أورد القرآن في قصص يوسف وداود وشاول (طالوت) أموراً شتى لم يرد لها ذكر في العهد القديم، ولكنها وردت في خرافات اليهود، منها ما ورد في الأعراف 7:171 «وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا أنه واقع بهم خذوا ما أتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون». وورد مثله في البقرة 2:63 و93 ومعنى ذلك أن الله سبحانه شرع في إعطاء التوراة لبني إسرائيل، ولما رأى منهم عدم الرضى بقبولها رفع أو نتق جبل سيناء فوقهم وأمسكه على رؤوسهم ليوقع الرعب والفزع في أفئدتهم. وقد وردت هذه القصة في الكتاب اليهودي «عبوداه زاراه» الفصل الثاني ونصها: «قد سترتكم بالجبل كغطاء».

ولا حاجة للقول إن هذه الخرافة لا أثر لها في التوراة، ولكن منشأها وهم وسوء فهم بعض مفسِّري اليهود. فورد في سفر الخروج 32:19 أنه لما نزل موسى من الجبل ورأى بني إسرائيل يعبدون العجل الذي صنعوه، غضب وطرح من يديه اللوحين اللذين كانا منقوشاً فيهما العشر الوصايا وكسرهما في أسفل الجبل. فمن قوله «في أسفل الجبل» يُفهم أن هذين اللوحين كُسرا عند سفح الجبل وليس تحت الجبل. ولكن لما كان اليهود الذين في العصور المتأخرة مولعين بالغرائب، لووا معنى الكلمات وصرفوها عن حقيقتها وابتدعوا الخرافة المتقدمة لتفسير هذه الآية.

ومع ذلك فهذه القصة تشبه قصة هندية وردت في مجلة «كتب سانسكريت» بخصوص «كرشنا» أحد آلهتهم، فقد رووا أنه في ذات يوم لما رغب أن يقي سكان مدينة «كوكلة» مسقط رأسه من غوائل زوبعة وأمطار رفع جبلاً اسمه «كووردهنة» من قاعدته الحجرية، وهو أعظم كل الجبال، وعلَّقه سبعة أيام وسبع ليال بأطراف أصابعه فوق رؤوسهم كمظلة. ولا نعرف باليقين إذا كان اليهود قد أخذوا هذه القصة من الهنود أم لا، ولكن من الواضح أن القصة الواردة في القرآن هي نفس القصة الواردة في كتب اليهود.

ويوجد أيضاً في القرآن غرائب بخصوص ما حصل في البرية في أيام موسى، منها قوله إن العجل الذهبي المشار إليه «له خُوار» وأنه خار لما أُخرج من أتون النار، فورد في الأعراف 7:148 وفي سورة طه 20:87 و88 «فكذلك ألقى السامري فأخرج لهم عجلاً جسداً له خوار». وأصل هذه القصة موجود في كتاب «فرقى ربي ألعازار» (فصل 45)، وهاك ترجمة أصل أقواله العبرية:

«وهذا العجل خرج خائراً فرآه بنو إسرائيل. وقال «ربي يهوداه» إن سمائيل كان مختفياً في داخله وكان يخور ليغش إسرائيل». ولا شك أن محمداً أخذ هذا النبأ من اليهود الذين (من سوء حظه) خدعوه لأنهم اختلقوا هذه الخرافة من عالم أوهامهم. ولم يلتفت محمد إلى اسم الشخص المذكور في هذه القصة اليهودية، فسمّاه «السامري». وكثيراً ما وردت كلمة «السامري» في العهد الجديد، ومرة في العهد القديم. وكان اليهود يعتبرون السامريين أعداءهم ويعتقدون أنهم زاغوا عن سواء السبيل بسبب الخطأ والجهالة. ولكن بما أن مدينة السامرة لم تُبنَ إلا بعد وفاة موسى بنحو أربعمائة سنة، فيتعذر علينا أن نفهم كيف يمكن وجود الاسم قبل وجود مُسمّاه. لا بد أن محمداً قصد أن يكتب «السمائيل» عوضاً عن السامري. ولكن بما أنه لم يكن يعلم أن اليهود يسمون ملك الموت «سمائيل» توهم أن هذا هو اسم الرجل الذي صنع العجل الذهبي كما هو واضح من منطوق القرآن. فالقرآن إذن مخالف للتوراة في هذه القضية، لأن التوراة ذكرت أن هارون هو الذي صنع العجل خوفاً من اليهود. ثم إن ما ذكر في سورة البقرة 2:51 وفي النساء 4:153 من أن بعض الإسرائيليين رأوا الله فماتوا، ثم بعثهم وأحياهم ثانية، فهو مأخوذ من خرافات اليهود، وقد ورد فيها أن التوراة ذاتها توسَّلت لأجلهم فعادت أرواحهم إلى أجسادهم.

في اقتباسات أخرى
الصفحة
  • عدد الزيارات: 75438