النساء والحياة الزوجية - حق الطلاق
من الحقوق المطلقة الأخرى التي منحتها الشريعة الإسلامية للرجل حق الطلاق. فالطلاق في الإسلام درجات، ويتراوح ما بين الطلاق الرجعي والطلاق اللارجعي وذلك حسب عدد المرات التي ينطق فيها الرجل بكلمة "طالق". هناك سورة كاملة في القرآن خُصصت لمعالجة جوانب الطلاق المختلفة، ولا يتسع المجال لذكر كل تلك التفاصيل هنا. إنما يهمنا هنا أن للرجل الحق المطلق في الطلاق، أي تطليق من شاء ومتى شاء لسبب أو بدون سبب. إن عدم رغبة الرجل زوجته وعشقه لغيرها، ورغبته في الزواج من غيرها لهو سبب كاف لطلاقها. والقرآن لا يضع على الرجل أي شروط تجبره على طلاق امرأته، وإنما يسمح له بالطلاق حسب هواه كما جاء في الآية التالية: "لا جناح (ملامة) عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تُفضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المُقتّر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنين" (البقرة: 236).
هناك مسألة غريبة في الطلاق لا مثيل لها في أي شريعة أخرى سوى في شريعة محمد والإسلام وهي ما يعرف بالتحليل (التجحيش) بالعامية، ويتعلق التحليل بالطلاق اللارجعي، وذلك عندما يقول المسلم لامرأته ثلاث مرات "أنت طالق". فإذا ما أراد الرجل أن يُرجع زوجته إليه بعد طلاقها فهي لا تحل له شرعا إلا إذا تزوجها رجل آخر ولو لِلَيلة واحدة، ويشترط أن يتم الجماع بينهما. و يسمى هذا الزواج في هذه الحالة بالتحليل، والزوج الثاني بالمُحلل. وبعد ذلك يطلقها الزوج الثاني. وعندها يحق للزوج الأول الذي طلقها أن يتزوجها شرعيا ومرة ثانية. وقد وردت أحاديث كثيرة في هذا الشأن نختار منها الحديث التالي: "حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا علي بن مُسهر عن عبيد الله بن عمر عن القاسم بن محمد عن عائشة قالت: طلق رجل امرأته ثلاثا فتزوجها رجل ثم طلقها قبل أن يدخل بها، فأراد زوجها الأول أن يتزوجها، فسُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: "لا، حتى يذوق الآخر من عُسيلتها (يحصل منها على اللذة الجنسية) ما ذاق الأول." (مسلم ج 10 ص 4).
من الغريب في الأمر أن محمدا على الرغم من إصراره على أنه لا يمكن للزوج الأول أن يعيد مُطلقته حتى لو تزوجها آخر وطلقها، إلا إذا نكحها الرجل الثاني، فإنه لعن كل الرجلين كما في الحديث: "عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بالتيس المُستعار؟" قالوا بلى يا رسول الله. قال: "هو المُحلل، لعن الله المُحَلل والمحلل له." (إبن كثير ج ص 209). يا ترى ما الحكمة التي ابتغاها الإسلام من هذه العملية التي ليس لها مثيل إلا في شريعة محمد؟ لماذا لا يستطيع الرجل أن يعيد زوجته إليه إذا ما رأى أنه كان على خطأ ويرغب في العيش مع زوجته ولا يحب مفارقتها دون اللجوء إلى عملية التحليل المجحفة في حق المرأة؟ في رأينا ما عملية التحليل (التجحيش) إلا عملية إذلال وإهانة للمرأة، تحط من كرامتها.
مع أن شريع محمد حرمت المرأة حرمانا مطلقا من الحق في طلاق زوجها، فهي وحتى إن طلبت من زوجها الطلاق، لأنها ملت من العيش معه فإنها تحرم من الجنة كما جاء في الحديث. يروي إبن كثير من أقوال محمد في تفسيره: "أيما أمرأة سألت زوجها طلاقا في غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة، وذكر أيضا "لا تسأل امرأة زوجها الطلاق في غير كنهة فتجد ريح الجنة، وإن ريحها ليوجد في مسيرة أربعين عاما." (إبن كثير ج 1 ص 205).
إن كل ما ذُكر سابقا يهون مع ما يمكن أن ندعوه أعظم ظلم واجحاف في حق المرأة. إذا طلق رجل أمرأته وكانت المرأة مرضعة، فإن الرجل يساوم معها على ارضاع الطفل بالأجرة، فإن لم يرضَ بالأجرة فهو يستأجر غيرها لارضاع الطفل كما جاء في قرآن محمد: "أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدِكُم (سعتكم) ولا تضاروهن لتضيقوا عليهم وإن كن أولى حمل (حوامل) فانفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فإن أرضعن لكم فأتوهن أجورهن وأتمروا بينكم بمعروف وإن تعاسرتم (اختلفتم) فتسترضع له أخرى" (الطلاق: 6). هكذا وبكل بساطة يحرم دين (الرحمة والهدى) الأم من طفلها الرضيع، وإن أرضعته فإنها ترضعه كإمرأة أجيرة، وليس كأم حملته في أحشائها. وهكذا فإن رب محمد تأييدا لجبروت الرجل وتسلطه على المرأة يحرمها من أسمى عاطفة بشرية وهي عاطفة الأمومة، وبالتالي يعاملها كجماد وكأنها كائن بلا إحساس ولا مشاعر. صحيح قد حرر الإسلام المرأة من الجاهلية ولكنه كبلها وقيدها بجاهلية جديدة أشد وأعنف وأشنع من الجاهلية الأولى. على الأقل في الجاهلية ، كان بإمكان المرأة أن تكون صاحبة أعمال كخديجة ، ولكن في الإسلام ، المرأة سجينة بيتها ، وفي بلد ولادة محمد ، غير مسموح لها أن تسوق سيارة أو أن تسير إلا خلف زوجها في الشارع علامة على أن حقوقها مهضومة كليا.
وحتى تكتمل لنا الصورة عن المرأة في الإسلام، لا بد أن نلقي الضوء على تعامل محمد ومعاملته الشخصية مع النساء. إن أول ما يجب ذكره هنا هو أن رب محمد قد سن شريعتين في القرآن: شريعة للمسلمين عامة، وشريعة لمحمد خاصة. لقد سبق وذكرنا كيف أن رب محمد قد سمح للمسلمين بالزواج من أربعة نساء في ذات الوقت، أي أن يجتمع أربع نساء في كنفه ما عدا الجواري. هذه هي الشريعة العامة للمسلمين. لكن رب محمد استثنى نبيه من هذه الشريعة وسن له شريعة خاصة. لقد أباح لمحمد النساء على قدر طاقته وحسب شهوته، يتزوج من يتزوج منهن ويقتني من يقتني. قد يقول قائل لم يكن محمد في هذا أسوأ من غيره من الأنبياء القدامى. صحيح أن الكثير من الأنبياء مارسوا تعدد الزوجات وكانت لهم الجواري، وخاصة سليمان الذي بلغ عدد نسائه من زوجات وسرارى المئات. لكن لم يكن هذا ليرضي الله وهو لم يعطِ أيا منهم إذنا خاصا، إذ سلكوا حسب طبيعة الأقوام التي عاشوا بينها. كذلك حدث كل هذا قبل المسيح، وعندما جاء المسيح وضع حدا لكل هذه الممارسات الشاذة. والغريب أن محمدا جاء بعد المسيح بأكثر من ستمائة عاماً وأدار رب محمد عقارب الساعة إلى الوراء ، إلى ما قبل المسيح وأباح لمحمد ما لم يبحه لأحد غيره إذ خاطب رب محمد (نبيه) "يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي (اللواتي) آتيت أجورهن، وما ملكت يَمينك مما أفاء (أعطاك من السبي) الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك التي (اللواتي) هاجرن معك وامرأة مؤمنة وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين قد علمنا ما فرض عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم لكيلا يكون عليك حرج وكان الله غفورا رحيما. تُرجي (تطلق سبيل) من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضينّ بما آتيتهن كلهن والله يعلم ما في قلوبكم وكان الله عليما حليما." (الأحزاب: 50 و51). ما أباحه رب محمد لنبيه ليس له مثيل في الديانات السماوية. دعونا نتأمل في أنواع النساء اللواتي تم تحليلهن لمحمد في الآيات السابقة.
- عدد الزيارات: 57818