Skip to main content

النساء والحياة الزوجية - النساء والحياة الزوجية في تعليم المسيح والإنجيل

الصفحة 7 من 7: النساء والحياة الزوجية في تعليم المسيح والإنجيل

النساء والحياة الزوجية في تعليم المسيح والإنجيل:
هل يتفق ما علم به المسيح والإنجيل مع ما ذُكر قبلا عن محمد والإسلام في شأن النساء والحياة الزوجية؟ وهل يمكن أن يقال أن الرسالتين متطابقتان وأنها من نفس المصدر؟ هل يمكن أن يكون رب محمد الذي أباح تعدد الزوجات والطلاق هو نفسه إله الإنجيل؟ في الحقيقة إن الدارس والباحث لا بد أن يجد الفرق شاسعا جدا بين رسالة محمد والإسلام وبين رسالة المسيح والإنجيل فيما يتعلق بالمرأة والحياة الزوجية.
لا يجد الدارس والباحث عبارة واحدة في الإنجيل وفي أقوال المسيح تحد من قدر المرأة وتطعن في شخصيتها وإيمانها ومقدرتها العقلية، كذلك لم يرد أي ذكر ينص على أن النساء هن أكثر أهل النار، كما ذُكر في القرآن وفي أحاديث محمد. لا بل على العكس من ذلك لاقت النساء من المسيح كل احترام وتقدير وعطف وحنان، ولم يميز قط بين حاجة الرجل وحاجة المرأة الروحية، بل عامل المرأة كإنسانة خاطئة ومعرضة للسقوط في الخطية مثل الرجل، وهي بحاجة للغفران والخلاص من الخطية مثلها مثل الرجل، ولم يُعاملها كمصدر فتنة وإغواء للرجل كما فعل محمد.
تتضح معاملة المسيح للمرأة من قصة المرأة التي أحضرت إليه لإدانتها على الزنى: "وقدم إليه الفريسيون (رجال الدين عند اليهود) امرأة أمسكت في زنا. ولما أقاموها في الوسط قالوا له يا معلم هذه المرأة أمسكت وهي تزني في ذات الفعل، وموسى في (الشريعة) أوصانا أن مثل هذه تُرجم فماذا تقول أنت؟ قالوا هذا ليجربوه لكي يكون لهم ما يشتكون به عليه. وأما يسوع فانحنى إلى أسفل وكان يكتب بإصبعه على الأرض ولما استمروا يسألونه انتصب وقال لهم من كان منكم بلا خطية فليرمها أولا بحجر. ثم انحنى أيضا إلى أسفل وكان يكتب على الأرض. وأما هم فلما سمعوا وكانت ضمائرهم تبكتهم خرجوا واحدا واحدا مبتدئين من الشيوخ إلى الآخرين. وبقي يسوع وحده والمرأة واقفة في الوسط. فلما انتصب يسوع ولم ينظر أحدا سوى المرأة قال لها يا امرأة أين هم أولئك المشتوك عليك. أما أدانك أحد. فقالت لا أحد يا سيد. فقال لها يسوع ولا أنا أدينك اذهبي ولا تخطئي أيضا." (يوحنا 8: 2-11).
أين هذا الموقف النبيل من موقف محمد الذي جاءت إليه امرأة زانية معترفة بذنبها وكانت حاملا، فأبقى عليها وأوصى بها أحد أصحابه حتى ولدت جنينها وبعدما ولدت جاء بها ورجمها حتى الموت. (مسلم ج 11 ص 204).
من يقرأ الإنجيل يجد أن الجموع كانت تتبع يسوع المسيح أينما ذهب وكانت النساء بين الجموع ولم ينتهرهن أو يوبخهن أو يأمرهم بالاحتجاب في بيوتهن والاختفاء عن الأبصار. لقد عامل المسيح النساء كأمهات وأخوات. وكان البعض منهن ينتقلن في صحبته مع التلاميذ (الحواريون) ويخدمنه من أموالهن كما ذُكر في (الإنجيل): "وعلى إثر ذلك كان يسير في مدينة وقرية ويكرز ويبشر بملكوت الله ومعه الإثنا عشر وبعض النساء كن قد شُفين من أرواح شريرة وأمراض. مريم التي كانت تدعى المجدلية التي أخرج منها سبعة شياطين. ويونا امرأة خوزي وكيل هيرودس وسوسنة وأخر كثيرات كن يخدمنه من أموالهن." (لوقا 8: 1-3).
يُعلمنا الإنجيل أن المرأة ليست أقل دينا من الرجل بل هي مساوية له وليست دونا له: "غير أن الرجل ليس من دون المرأة ولا المرأة من دون الرجل في الرب. لأنه كما أن المرأة هي من الرجل هكذا الرجل أيضا هو بالمرأة ولكن جميع الأشياء هي من الله." (1 كورنثوس 10: 11-12). وهذا يعني سواء حاضت المرأة أم لم تحض فإيمانها وصلاتها وصيامها ليسوا أقل من إيمان وصلاة وصيام الرجل لأن الله هو الذي خلق الإثنين حسب قصده الأزلي فلا جناح على أحدهما إن اختلف في الطبيعة عن الآخر.
والإنجيل يؤكد على وحدة جميع المؤمنين في المسيح دون أي فوارق في الطبيعة حيث يقول: "ليس يهودي ولا يوناني. ليس عبد ولا حر. ليس ذكر وأنثى لأنكم جميعا واحد في المسيح." (غلاطية 3: 27).
تعتبر النساء وارثات للملكوت السماوي ومساويات للرجال دون أي فوارق بينهم وبينهن. حيث أن الفوارق الطبيعية التي خلقها الله هنا على الأرض من أجل استمرارية الحياة ستزول وتتلاشى في السماء حيث لا حاجة لها ويصبح الجميع رجالا ونساء كالملائكة ولن تستمر المرأة أن تكون في السماء مطية للرجل كما كانت على الأرض. لقد جاء في الإنجيل: "كذلك أيها الرجال كونوا ساكنين بحسب الفطنة مع الإناء النسائي الأضعف معطين إياهن كرامة كالوارثات أيضا معكم نعمة الحياة كي لا تُعاق صلواتكم." (1 بطرس: 7:3). نرى في هذا أيضا أن صلاة الرجل المؤمن تُعاق إذا عامل المرأة معاملة تحط من قدرها وكرامتها وإنسانيتها. لذلك نجد أن النساء في الإنجيل يُصلين ويتعبدن مع الرجل في مكان واحد، لا فرق بينهما حيث أن الله يُسر بوجود المرأة في بيت العبادة كما يُسر بوجود الرجل، لا فرق بينها ولا تُفضل صلاة المرأة في بيتها على صلاتها في بيت الله كما نجد في مثال الكنيسة الأولى: "ولما دخلوا صعدوا إلى العُلية التي كانوا يقيمون فيها بُطرس ويعقوب ويوحنا وإندراوس وفيلبس وتوما وبرثلماوس ومتى ويعقوب بن حلفي وسمعان الغيور ويهوذا أخو يعقوب. هؤلاء كلهم كانوا يواظبون بنفس واحدة على الصلاة والطلبة مع النساء ومريم أم يسوع ومع إخوته." (أعمال الرسل 1: 13-14).
علاوة على ما ذُكر ، كان لبعض النساء دور قيادي في الكنيسة كما جاء في الإنجيل "أوصي إليكم بأختنا فيبي التي هي خادمة الكنيسة التي في كنخريا كي تقبلوها في الرب كما يحق للقديسين وتقوموا لها في أي شيء احتاجته منكم. لأنها صارت مساعدة لكثيرين ولي أنا أيضا." (رومية 1:16). هذا وهناك أمثلة أخرى كثيرة في الإنجيل على دور المرأة القيادي والطليعي في الكنيسة. لذا يحق القول أنه إذا كانت هناك أي رسالة رفعت من شأن المرأة وأعطتها الإكرام والاحترام اللازمين فهي رسالة المسيح والمسيحية. وكل ادعاء غير ذلك هو باطل ولا أساس له من الصحة.
أما بالنسبة للزواج والحياة الزوجية، فالزواج كما علّم المسيح والإنجيل هو أقدس وأنبل وأسمى رابطة وعلاقة بشرية يرتبط بها شخصين فقط لا ثالث لهما. إن الزواج في المسيحية هو اتحاد عضوي بين شخصين، رجل وامرأة، بحيث يندمج الشخصين معا ويصبحان واحدا. إن الزواج كما يعلمنا المسيح والإنجيل هو اتفاق بين الإثنين على إنشاء هذه الوحدة حسب الترتيب الإلهي وليس عملية بيع وشراء ومُساومة على مهر أو صداق. الزواج ليس عقدة بين طرفين حيث يسود في الطرف الأول والذي هو الرجل، ويحق له أن يتعاقد مع نساء أخريات في ذات الوقت، كما يحق له نقض العقد أي وقت شاء. لقد كان هذا الحال سائدا قبل المسيح لأن الوحي والإعلان الإلهي لم يكن كاملا ولم يكن نور الحق الإلهي قبل المسيح قد وصل إلى الكمال. لذلك عندما جاء المسيح وضع حدا لهذه الممارسة. لأنه هو كمال الوحي والإعلان الإلهي، وفي المسيح سطع نور الحق الإلهي بالكمال، ورفع الزواج والعلاقة الزوجية إلى أقدس وأسمى حالة ممكنة. إن الرجوع إلى تقاليد ما قبل المسيح والقول بأنه وحي الله هو طعن في قداسة الله وجلاله وسموه. هل يمكن أن يعود الله بعد الكمال إلى الدونية؟
يتضح تعليم المسيح بشأن الزواج والحياة الزوجية من خلال محاورته مع الفريسيين من علماء اليهود كما ذُكر في الإنجيل: "وجاء إليه الفريسيون ليجربوه قائلين هل يحق للرجل أن يطلق امرأته لكل سبب. فأجاب وقال لهم أما قرأتم إن الذي خلق من البدء خلقهما ذكر وأنثى وقال: من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكون الاثنان جسدا واحدا. إذ ليسا بعد إثنين بل جسد واحد. فالذي جمعه الله لا يفرقه إنسان. قالوا له فلماذا أوصى موسى أن يُعطى كتاب طلاق فتطلّق. قال لهم إن موسى من أجل قساوة قلوبكم أذن لكم أن تطلقوا نساءكم. ولكن من البدء لم يكن هكذا. وأقول لكم من طلق امرأته إلا بسبب الزنى وتزوج بأخرى يزني والذي يتزوج بمطلقة يزني." (متى 19: 3-9). إذاً نرى هنا أن الزواج هو ارتباط إلهي مقدس وهو اتحاد لا ينفصم ما دام الزوجين على قيد الحياة. لذلك لا يمكن أن يكون رجل وامرأتان أو أربع نساء أو تسع نساء وما شاء من الإماء والجواري وحدة واحدة مقدسة. الوحدة الزوجية تشبه نصفي خلية تتحدان معا لتكوّنا خلية واحدة جديدة. هكذا الزوجان هما شخصان متساويان – نصفان متعادلان – يتحدان معا برباط إلهي ليكونا كيانا جديدا واحدا مقدسا. بناء على تعليم المسيح هذا فإن أي رجل مهما ادعى وقال عن نفسه إذا ما عاشر امرأة أخرى غير زوجته، سواء بحجة الزواج وعقد شرعي أو بحق الملكية ونكاح الإماء والجواري فهو رجل زان وإذا مات على هذا الحال دون التوبة وطلب المغفرة فإنما يموت وهو زان وخاطئ، ومن يناقض تعليم المسيح هذا لا يمكن أن يكون مصدقا له.
من جهة العلاقة الزوجية، فإن القارئ للإنجيل لا يجد قط استعمال كلمات ثقيلة على السمع، إن لم نقل بذيئة، مثل كلمة نكاح وحرث وغيرها. يستعمل الإنجيل كلمات أكثر تهذيبا وأدبا للتعبير عن العلاقة الزوجية. والمرأة في العلاقة الزوجية لم تعد مجرد وسيلة لمتعة الرجل، يدخل عليها متى شاء وهي مشغولة بالأعمال البيتية أو إن كانت حائضا، ويأمرها فتسلم جسدها له حتى يُشبع شهوته من هذا الجسد سواء الإيلاج أو بدون إيلاج. إن العلاقة الزوجية في تعليم المسيح والإنجيل هي علاقة مقدسة يجب أن يسودها الوئام والوفاق والمحبة والاحترام المتبادل. فالمرأة ليست عبدا للرجل ولا الرجل عبدا للمرأة ولكن المرأة تهب رجلها بالمحبة، والرجل يهب امرأته بالمحبة. والمرأة ليست أرضا صماء يحرث فيها الرجل بمحراثه متى شاء في هذه العلاقة المقدسة. ورد في الإنجيل بهذا الخصوص: "ليوفي الرجل المرأة حقها الواجب وكذلك المرأة أيضا للرجل. ليس للمرأة تسلط على جسدها بل للرجل. وكذلك الرجل أيضا ليس له تسلط على جسده بل للمرأة. لا يسلب أحدكم الآخر إلا ان يكون على موافقة إلى حين لكي تتفرغوا للصوم والصلاة ثم تجتمعوا أيضا معا لكي لا يجربكم الشيطان لعدم نزاهتكم." (1كورنثوس 7: 3-5). وورد في الإنجيل أيضا: "ليكن الزواج مكرما عند كل واحد والمضجع غير نجس" (عبرانيين 4:13). وأيضا: "لأن هذه هي إرادة الله قداستكم. أن تمتنعوا عن الزنى. أن يعرف كل واحد منكم أن يقتني إناءه بقداسة وكرامة. لا في هوى شهوة كالأمم الذين لا يعرفون الله." (1 تسالونيكي 4: 3-5).
وبعد هذا أعزاؤنا القراء هل من المعقول والمنطق أن الله بعد أن رفع الزواج والعلاقة الزوجية إلى هذا الحد من السمو والقداسة بمجيء المسيح يعود ويرجع بالزواج والعلاقة الزوجية إلى الحالة التي كانت سائدة قبل المسيح بمجيء محمد؟ هل يمكن لعاقل أن يعتبر الرجوع إلى السلوك الذي كان سائدا في عهد الوثنية والجاهلية كمال الدين، وأن من جاء به خاتم الأنبياء والمرسلين وأشرفهم وأكرمهم عند الله؟
وأخيرا من جهة حياة المسيح الشخصية فإن الفرق بينه وبين محمد شاسع جدا وأبعد مما بين السماء والأرض. لقد كان المسيح في حياته البشرية على الأرض مثالا للعفة والطهارة لا بل أنه هو نفسه العفة والطهارة ذاتهما، ولم ولن يعرف التاريخ البشري مثيلا له قط. لم يعرف المسيح النساء إلا كأمهات وأخوات وعمات وخالات، ولم يقتنِ من النساء ما شاء من زوجات وإماء وجواري. لقد اكتفى العالم قبل المسيح من الأنبياء أصحاب الزوجات والسراري. أما في المسيح فقد رأى التاريخ البشري ذروة الكمال.
لم ينظر المسيح إلى امرأة قط إلا نظرة الطهر والعفة ونظرة الحنان والعطف، واعتبر أن أي نظرة فيها شهوة لامرأة تعادل الزنى، حيث قال: "قد سمعتم أنه قيل للقدماء لا تزنِ. وأما أنا فأقول لكم إن كل من ينظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه." (متى 5: 27-28). هنا نرى أن المسيح بدلا من أن يُحمّل النساء مسؤولية فتنة الرجال فإنه قد حمل الرجال مسؤولية ضبط أنفسهم.
من الجدير بالذكر أن محمدا نفسه اعترف بطهارة المسيح ونقاوته، وقال عنه ما لم يستطع أن يقوله عن نفسه. ففي اعتبار محمد ان المسيح وأمه هما الوحيدان اللذان سَلِما من نخص الشيطان ومسّه، وبذلك لم تتلوث طبيعتهما بفساد الشيطان. جاء في الحديث: "حدثنا أبو اليمان أخبرنا شُعيب عن الزهري قال: حدثني سعيد بن المُسيب قال: قال أبو هريرة رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من بني آدم مولود (بما في ذلك محمد) إلا يمسه الشيطان حين يولد فيستهل صارخا من مسه إياه غير مريم وإبنها". ثم يقول أبو هريرة: "وإني أعيذها بك وذُريتها من الشيطان الرجيم." (البخاري ج 4 ص 496، رواه مسلم أيضا). وفي حديث آخر: "حدثنا أبو اليمامة أخبرنا شُعيب عن أبي الزناد عن الأعرج وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "كل بني آدم يطعنُ الشيطان في جنبه بإصبعه حين يولد غير عيسى إبن مريم ذهب يطعن فطعن في الحجاب" (البخاري ج 4 ص 435). وهكذا عزيزي القارئ ، إذا كان المسيح هو أطهر وأقدس بني البشر وحتى باعتراف أئمة الإسلام ، فكيف يتجرؤون على ان يصفوا غيره بأشرف وأطهر الأنبياء ؟
هنا ينتهي فصل النساء والحياة العائلية في الإسلام والمسيحية، وننتقل وإياكم إلى فصل آخر وننشر بين أيديكم صحائف عن العبودية.

الصفحة
  • عدد الزيارات: 57434