Skip to main content

تعريف بأهم المصطلحات - الثالوث الأقدس والطبيعة الإلهية

الصفحة 5 من 11: الثالوث الأقدس والطبيعة الإلهية

الثالوث الأقدس والطبيعة الإلهية: تستخدم هذه العبارة للإشارة إلى ما يعلنه الله في كلمته عن نوع الوحدة التي فيها تقوم الطبيعة الإلهية.

يصرح الوحي الإلهي في الكتاب المقدس بأن الله واحد، لا ثاني له (تثنية 4:6؛1كورنثوس 6:8)، وبأن وحدانيته، 'وحدانية جامعة' قائمة في الأقانيم الثلاثة المميّزين في الطبيعة الإلهية (يوحنا 1:1؛ 1يوحنا 7:5-8). ولدينا في الكتاب المقدس صورة رائعة لأقانيم الثالوث الأقدس أثناء عمل الخلق؛ فهناك يُذكر الله، الإله السرمدي في كل سموه وتنزّهه: 'في البدء خلق الله...'؛ وهناك يُذكر الابن، الكلمة الذي به يعمل الله كل ما يعمله: '... وقال الله ليكن نور فكان نور...'؛ وهناك يُذكر الروح القدس في وظيفته المنفّذة : '... وروح الله يرفّ على وجه المياه' (التكوين 1:1-3؛ يوحنا 1:1-3).

فيقدّم لنا الكتاب المقدس:

أولاً: الله، الآب (يوحنا 18:5؛ 1يوحنا 23:2؛ غلاطية 1:1).

ثانياً: الله، الابن (يوحنا 1:1و18؛ 18:5؛ رومية 5:9؛ عبرانيين 8:1).

ثالثاً: الله، الروح القدس (2كورنثوس 17:3-18؛ أعمال 3:5-4).

علاوة على ذلك، ففي أمكنة مختلفة من الكتاب المقدس، يُذكر الله الآب، والله الابن، والله الروح القدس في المناسبة ذاتها وفي طريقة تدلّ إلى أن كلا من الثلاثة يعادل الآخرين في الجوهر والقوة والصفات، وأن الثلاثة هم على حدّ سواء ذوو شخصيات مميّزة (متى 19:28؛ 1كورنثوس 3:12-6؛ 2كورنثوس 14:13). ثمة غلطتان رئيسيتان يجب تفاديهما:

أولاً: أن نذهب إلى أن هناك ثلاثة آلهة، ثلاثة كائنات منفصلة – وفي ذلك تجديف وإنكار للثالوث الأقدس.

ثانياً: أن نذهب إلى أنه لا يوجد أقانيم ذوو شخصيات مميّزة داخل الطبيعة الإلهية – وذلك أيضاً إنكار للثالوث الأقدس وعميٌ روحي.

إن تعليم الثالوث الأقدس هو تعليم فريد في كل الكون: إنه يحمل فكرة لا يمكن للعقل البشري أن يتخيّلها. وهو سرّ يتوصّل إلى معرفته عن طريق الإعلان المحض (متى 27:11) – ليس الله ثلاثة جواهر، بل جوهر واحد. وليست وحدانيته بلا أقانيم، بل هي وحدانية قائمة للثلاثة أقانيم في الطبيعة الإلهية – إذا الله هو إله واحد ذو ثلاثة أقانيم مميّزين.

لذلك، من الضلال أن نقول بأن ثمة تناقضاً في تعليم الثالوث الأقدس، وأن المراد منه هو أن واحداً هو ثلاثة بطريقة غير منطقية. يتكون 'تناقض منطقي' من إنكار وتوكيد لمسألة واحدة ذات معنى واحد. وتعليم الثالوث الأقدس لا يقول أبداً بأن جوهراً واحداً هو ثلاثة جواهر، أو أن ثلاثة أقانيم هم أقنوم واحد. إنما يؤكد أنه لجوهر واحد طبيعة ذات ثلاثة أقانيم. وهناك بون شاسع بين معنى الجوهر ومعنى الأقانيم. ولذلك، فتعليم الثالوث الأقدس لا يؤكد مسألة واحدة وينكرها في الوقت عينه.

ولفهم الثالوث الأقدس، علينا أن نعرّف كلمة 'الأقنوم' تعريفاً دقيقاً: إنها كلمة سريانية يطلقها السريان على كل من يتميّز عن سواه، شرط ألا يكون مما شُخِّص أو له ظلّ، وتناسبها كلمة 'التعيّن' في اللغة العربية، والمراد منها: 'الوجود الواقعي الذي تميّز بميزات تدل على أن له مثل هذا الوجود، ولا يشترط فيه أن يكون محدوداً أو مجسماً، بل أن يكون فقط موجوداً وجوداً حقيقياً. ولذلك، فكل موجود له تعيّن بأي وجه من الوجوه، وليس بلا تعيّن إلا غير الموجود.

فهنا سرّ، ولا نستغرب إن واجهنا سراً في تأملاتنا في طبيعة الله، الإله السرمدي، الكائن الأسمى. وكل نظرة أخرى إلى الحقيقة المطلقة، لا بد من أن تواجه أسراراً.

'أمور الله لا يعرفها أحد إلا روح الله. ونحن لم نأخذ روح العالم، بل الروح الذي من الله لنعرف الأشياء الموهوبة لنا من الله' (1كورنثوس 11:2-12).

التجسّد
الصفحة
  • أنشأ بتاريخ .
  • عدد الزيارات: 15658