Skip to main content

شهادة الحواريين - ألوهية المسيح ظاهرة واضحة في قول الكتاب المقدس

الصفحة 6 من 7: ألوهية المسيح ظاهرة واضحة في قول الكتاب المقدس

إن ألوهية المسيح ظاهرة واضحة في قول الكتاب المقدس"أن الله كان في المسيح مصالحاً العالم لنفسه" (كورنثوس الثانية 5: 19) وفي قوله "فليكن فيكم هذا الفكر الذي في المسيح يسوع أيضاً الذي إذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلاً لله لكنه أخلى نفسه آخذاً صورة عبد صائراً في شبه الناس وإذ وُجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب لذلك رفعه الله أيضاً وأعطاه اسماً فوق كل اسم لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب" (فيلبي 2: 5-11) اقرأ أيضاً (يوحنا 16: 27و28و 17: 5و24).
أننا نستلفت نظر حضرات القراء الأحباء لتلك الآيات التي تثبت ألوهية المسيح بصريح العبارة. ونرجوهم أن يتأملوا في قول الكتاب المقدس "الذي إذ كان في صورة الله" أعني أنه كان إلهاً تاماً وأيضاً "وإذ وُجد في الهيئة كإنسان آخذاً صورة عبد" ومعنى ذلك أنه كان إنساناً بالمعنى الحقيقي وأيضاً قوله "معادلاً لله" أي هو والآب واحد وبعد ذلك يقول "وأعطاه اسماً فوق كل اسم" ومعنى ذلك اسم الله الذي لا يشاركه فيه أحد وقد اعتبره اليهود قديماً اسماً مقدساً لا يتجاسر أحد على النطق به.
وعند قراءة العهد القديم باللغة العبرانية نجد أن كلمة (أدوناي) ومعناها (الرب) تُستعمل بدلاً من النطق بلفظة "يهوه" اسم الله العلي القدير فقول الكتاب المقدس إذاً "أن يسوع المسيح هو رب" معناه أن يسوع المسيح هو صاحب ذلك الاسم العظيم أي أنه هو الله سبحانه وتعالى. ويعلمنا بولس الرسول في رسائله أن الملائكة ورؤساء الملائكة والأنبياء والرسل وجميع الأموات والأحياء سيجثون للمسيح ويعترفون بألوهيته حسب وعد الله أبيه. وقال في (رومية 1: 2-4) أن موضوع بشارة الله هو "ابنه الذي صار من نسل داود من جهة الجسد وتعين ابن الله بقوة من جهة روح القداسة بالقيامة من الأموات يسوع المسيح ربنا" ويقول أيضاً "من جهة الجسد" فالمسيح إسرائيلي ويقول عنه أيضاً أنه "الكائن على الكل إلهنا مباركاً إلى الأبد آمين" (رومية 9: 5) ويقول أيضاً أن الله الآب هو "الذي أنقذنا من سلطان الظلمة ونقلنا إلى ملكوت ابن محبته الذي لنا فيه الفداء بدمه غفران الخطايا الذي هو صورة الله غير المنظور بكر كل خليقة فإنه فيه خلق الكل ما في السموات وما على الأرض ما يُرى وما لا يُرى سواء كان عروشاً أم سيادات أم رياسات أم سلاطين الكل به وله قد خُلق الذي هو قبل كل شيء وفيه يقوم الكل… لأنه فيه سرّ أن يحل كل الملء" (كولوسي 1: 13-17و19). وقول الرسول هنا "الذي هو صورة الله غير المنظور" مطابق تمام المطابقة لما قاله المسيح عن نفسه (الذي رآني فقد رأى الآب" (يوحنا 14: 9) أو بمعنى آخر فهو مُظهر الله الوحيد وقوله أنه (بكر كل خليقة) يعني أنه "وارثاً لكل شيء" كابن الله الوحيد وكما قال أيضاً في (كولوسي 2: 9-10) أن ملء اللاهوت حال فيه وهو خالق جميع الأكوان (فانه فيه يحل كل ملء اللاهوت جسدياً… الذي هو رأس كل رياسة وسلطان).
أن الإصحاح الأول من الرسالة للعبرانيين يعلمنا هذه التعاليم بعينها وقد دوّن الكاتب بعض الآيات المذكورة في العهد القديم مُظهراً بذلك أن الأنبياء الذين عاشوا قبل المسيح بزمان بعيد شهدوا بواسطة إلهام الروح القدس لعظمة المسيح الفائقة وذاته الإلهية. قال الرسول في (العبرانيين 1: 1-14) "الله بعد ما كلم الأباء بالأنبياء قديماً بأنواع وطرق كثيرة كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه الذي جعله وارثاً لكل شيء الذي به أيضاً عمل العالمين الذي وهو بهاء مجده ورسم جوهره وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته بعدما صنع بنفسه تطهيراً لخطايانا جلس في يمين العظمة في الأعالي صائراً أعظم من الملائكة بمقدار ما ورث اسماً أفضل منهم. لأنه لمن من الملائكة قال قط أنت ابني أنا اليوم ولدتك وأيضاً أنا أكون له أباً وهو يكون لي ابناً وأيضاً متى أدخل البكر إلى العالم يقول ولتسجد له كل ملائكة الله وعن الملائكة يقول الصانع ملائكته ريحاً وخدامه لهيب نار وأما عن الابن كرسيك يا الله إلى دهر الدهور قضيب استقامة قضيب ملكك أحببت البر وأبغضت الإثم من أجل ذلك مسحك الله إلهك بزيت الابتهاج أكثر من شركائك وأنت يا رب في البدء أسست الأرض والسموات هي عمل يديك هي تبيد ولكن أنت تبقى وكلها كثوب تبلى وكرداء تطويها فتتغير ولكن أنت أنت وسنوك لن تفنى ثم لمن من الملائكة قال قط اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئاً لقدميك؟ أليس جميعهم أرواحاً خادمة مرسلة للخدمة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص؟" (قارن هذه الأقوال بالأقوال التي جاءت في أشعياء 44: 34 ومزامير 2: 7 وصموئيل الثاني 7: 14 وتثنية 32: 43 ومزامير 104: 4 ومزامير 45: 6و7 ومزامير 102: 25-27 ومزامير 110: 1 ومتى 22: 41-46 ومرقس 12: 35-37 ولوقا 20: 41-44). ثم نقتصر أيضاً على ذكر بعض آيات أخرى في (تيطس 2: 11-13) وهي "لأنه قد ظهرت نعمة الله المخلصة لجميع الناس معلمة إيانا أن ننكر الفجور والشهوات العالمية ونعيش بالتعقل والبر والتقوى في العالم الحاضر منتظرين الرجاء المبارك وظهور مجد الله العظيم ومخلصنا يسوع المسيح" كل هذه الآيات وغيرها كثيرة تعلمنا عن ناسوت المسيح الكامل الذي بلا دنس ولا لوم وعن ألوهيته أيضاً.
وقد علم بولس ما قد علمه المسيح وما علمه غيره من الحواريين فتعاليم بولس إذاً هي نفس تعاليم الإنجيل لا فساد فيها ولا زيادة وهي لازمة لكمال الإنجيل. وأن ما قاله المسيح حق وأن تلك الآية الشريفة التي فاه بها هي جوهر الإنجيل وقلبه إذ تقول "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (يوحنا 3: 16) وقبل أن نختم هذا الفصل يجدر بنا أن نوضح ثلاث نقط ربما يتعسر فهمها على الباحث الغيور وأولها ما نسميه بالصعوبة الزمنية ومما لا ريب فيه أن الأب البشري أكبر من ابنه فإذا كان المسيح ابن الله فهل هذا يدل على أنه كان بعد أبيه؟ إذا كان الأمر كذلك فهو ليس إذاً بأزلي ولا يمكن أن يكون هو الله وإذا كان الأمر خلاف ذلك فكيف يكون المسيح ابناً؟ إن الجواب على هذا السؤال يدركه لأول وهلة كل من أوتي نصيباً من الفهم والإدراك لأن الفرق بين ( ) عمر الأب البشري وابنه كائن لأنهما من الخلائق المحدودة التي لوجودها بداية وإذا اعتقدنا أن هذا الفرق يسري على ابن الله فيكون قياسنا هذا محض اختلاق ومن وجهة أخرى فإن الكتاب المقدس الذي يعلمنا أن الرب يسوع المسيح هو كلمة الله وابن الله يعلمنا أيضاً أنه كان في البدء أي ابتداء مع الله وهذا يمحو من أمامنا الصعوبة التي نحن بصددها والتي ترجع إلى عجز الإدراك الإنساني لعدم مقدرته على إزالة تقسيم الزمن إلى ماض وحاضر ومستقبل من مخيلته مع أنه لمعرفة الله لا حاجة بنا إلى مثل هذا التقسيم فهو أزلي أبدي فقط ومن تأمل في عبارة "كلمة الله" علم أن "كلمة" "يشير إلى وجود متكلم" ولا يكون المتكلم متكلماً إلا إذا تكلم وأن نطق الكلمة أو الكلام يحدث في نفس الوقت الذي يكون فيه الناطق متكلماً ومما لا يحتاج إلى برهان أن المتكلم كائن قبل كلامه ولكن لا يعتبر متكلماً إلا إذا تفوه بكلامه. فالتكلم والكلام في وقت واحد ولزيادة الإيضاح نأتي بمثل آخر أوضح من الأول وهو مثل النور فقد قال يوحنا الرسول أن "الله نور" (1يوحنا 1: 5) وقال يعقوب أنه "أب الأنوار" (يعقوب 1: 17) وقال المسيح عن نفسه "أنا قد جئت نوراً إلى العالم" (يوحنا 12: 46) ومما لا جدال فيه أنه عند مقارنة النور بشعاعه لا يوجد بينهما لا متأخر ولا متقدم فلا نور بدون أشعة ولست بمخطئ إذا قلت أن الأشعة هي أشعة النور لأنك تعني بذلك أنها تتولد من النور ولكنها هي والنور حادثة في وقت واحد ومن السخافة أن نقول أن هذا النور يتغير أو ينقص لأن الأشعة تتولد منه وزيادة على ذلك فإن النور لا يظهر إلا من أشعته. ومن المسلم أنه لا يمكن مقارنة العلي العظيم بإحدى مخلوقاته وحيث أن حذق ومهارة وصفات الصانع تظهر في عمله فنحن نتعلم شيئاً عن الله من ذلك النور الذي هو من أعظم وأجمل أعمال الخلق فهل نحن مخطئون بعد في إيراد هذا المثل طالما الله نفسه ألهمه لعبده في كتابه المقدس؟
الأمر الثاني أن الإنجيل يذكر أن المسيح جاع وعطش وتعب وتألم بل ومات ولم يعرف الساعة ولا اليوم الذي تكون فيه دينونة العالم ونما في الحكمة والقامة كسائر البشر وقد صلى لله أبيه وقال عن نفسه أنه وسيط بين الناس والله فكيف يتفق هذا كله مع ما عرف عن الله وصفاته ذلك الإله الحكيم الذي لا يتعب ولا يموت الذي لا يتغير ولا يفوقه أحد في عظمته وقدرته؟ فكيف تكون للمسيح الذات الإلهية مع وجود الفرق العظيم بين صفاته وصفات الله تعالى؟ فالجواب على هذا لا يحتاج إلى تعب كثير وقد ذكرناه آنفاً. فإن تعاليم يسوع المسيح وتلاميذه هي أنه إذ كان منذ الأزل كلمة الله واحد مع أبيه أخذ هيئة إنسان وهو معصوم من الخطية وصار الإنسان الكامل كما أنه كان الله الكامل أيضاً "في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله هذا كان في البدء عند الله. كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان… والكلمة صار جسداً وحل بيننا ورأينا مجده مجداً كما لوحيد من الآب مملوءاً نعمة وحقاً" (يوحنا 1: 1-3و14). نعم أن الذات الإلهية لا تموت ولا تعطش ولا تجوع ولا تنمو في الحكمة ولكن كل هذه من حيثية الإنسانية ولكن لكي يتألم المسيح كلمة الله ويموت من أجل خطايا العالم للكفارة عن خطايا جميع الناس وفتح أبواب الملكوت أمامهم تجسد وأخذ طبيعتنا فبالطبيعة الإنسانية أكل المسيح وشرب ونام وقام وتحمل الأتعاب والآلام وتمتع بالأفراح كإنسان وبهذا أظهر صفاته الإنسانية ولذا قال في الإنجيل أن الآب أرسل الابن فسمى نفسه ابن الإنسان (اقرأ يوحنا 5: 23و36 و6: 44 و15: 36 و12: 49 و17: 3 و20: 21). وهكذا وُلد المسيح من مريم العذراء وتحمل الآلام وصلب ومات وقام من بين الأموات في اليوم الثالث ثم صعد إلى السماء ونظرته عيون التلاميذ وهكذا قال المسيح يسوع "لأن أبي أعظم مني" (يوحنا 14: 28) وقال أيضاً "لأني قد نزلت من السماء ليس لأعمل مشيئتي بل مشيئة الذي أرسلني" (يوحنا 6: 38) وصار المسيح وسيطاً وشفيعاً لنا فصلى من أجلنا لما كان هنا على الأرض. ويقول كاتب رسالة العبرانيين "وهو حيّ في كل حين يشفع في الذين يقتربون إلى الله بواسطته" وكل ذلك طبعاً نتيجة اتحاد إنسانيته الكاملة التي بلا عيب مع ذاته الإلهية والصعوبة التي أمامنا الآن تتلاشى عندما نقبل تعاليم المسيح المعلنة لنا في الإنجيل.

اعتراضات البعض بقولهم
الصفحة
  • عدد الزيارات: 16310