Skip to main content

الإعجاز في التاريخ - موضوع القصص القرآني محدود ومكرّر

الصفحة 3 من 8: موضوع القصص القرآني محدود ومكرّر

 

ثانيا : موضوع القصص القرآني محدود ومكرّر

والظاهرة الكبرى في القصص القرآني هي التكرار . قال سيد قطب : "نشأ عن خضوع القصة في القرآن لأغراضه أن يعرض شريط الأنبياء والرسل الداعين الى الايمان الواحد ، والانسانية المكذّبة بهذا الدين الواحد ، مرّات متعدّدة بتعدّد هذه الأغراض ؛

وأن يُنشئ هذا ظاهرة التكرار في بعض المواضع ، ولكنّ هذا أنشأ جمالا فنّيّا من ناحية أخرى . فهذه قصة ابراهيم ترد في حوالي عشرين موضعا . وقصة موسى ترد أكثر من ذلك ؛ وهذه قصة عيسى ، ابن مريم ، ترد ورودا أساسيا في ثمانية مواضع ؛ وقصة سليمان في ثلاثة مواضع . ويأتي هذا التكرار بخصائص فنّية ، منها تنوّع طريقة العرض ، وتنوّع طريقة المفاجأة ، وتنوّع التصوير في التعبير" .

ولكن هذا التنوّع في التعبير ، لا يمنع التكرار في التفكير ، وهو موضوع الوحي والتنزيل ، كما لاحظوا ذلك قديما وحديثا .

في البيان والبديع يسمّى التفنّن أو التنوّع في التعبير عن المعنى الواحد والموضوع الواحد بالاقتدار : "الاقتدار هو أن يُبرز المتكلم المعنى الواحد في عدّة صور اقتدارا منه على نظم الكلام ، وتركيبه على صياغة قوالب المعاني والأغراض . فتارة يأتي في لفظ الاستعارة ، وتارة في صور الأرداف ، وحينًا في مخرج الايجاز ، ومرة في قالب الحقيقة . قال ابن أبي الاصبع : وعلى هذا أتت جميع قصص القرآن ؛ فإنك ترى القصة التي لا تختلف معانيها تأتي في صور مختلفة ، وقوالب من ألفاظ متعدّدة حتى لا تكاد تشتبه في موضعين منه ، ولا بدَّ أن تجد الفرق ظاهرا" . فموضوع القصة الواحدة في القرآن "لا تختلف معانيها" . والذي يهمنا في كلام الله ما يريده منه أي موضوع كلامه ، والموضوع واحد يتكرّر ، مع تنوّع في التعبير بعض الشئ ، مثل قصة آدم وابليس : "وقد أورد القرآن قصة آدم وابليس سبع مرات ، ستًا منها في سور مكية ، وهي الاعراف (19 – 27) والحجر (28 – 40) والاسراء (61 – 65) والكهف (50) وطه (116 – 123) وصاد (71 – 85) ؛ وواحدة في البقرة (34 – 38) . والقصة كما يُفهم من سياقها في كل مرة قد استهدفت العظة والتمثيل والتنبيه ، كما أنها تنوّعت في أسلوبها ومحتوياتها بعض الشئ ، وهو شأن القصص القرآنية المتكررة بصورة عامة كما لا يخفى"

القرآن بين الدين والفنّ
الصفحة
  • عدد الزيارات: 12920