Skip to main content

قصة الناسخ و المنسوخ ، و الإعجاز فى التنزيل - النسخ ميزة القرآن وحده

الصفحة 3 من 4: النسخ ميزة القرآن وحده

ثانيا : النسخ ميزة القرآن وحده

ومما يزيد في غرابته "أن النسخ مما خصّ الله به هذه الأمة" في كتابها .

1– فالنسخ القرآني يتعلق بآي القرآن نفسها ، لا يتعداها الى سواها من كتب الله ، كما تصرح آية النسخ : "ما ننسخ من آية – أو ننسها – نأت بخير منها ، أو مثلها" (البقرة 106) فالقرآن ينسخ بعضه بعضا ؛ ويرون في ذلك من "دلائل الاعجاز" في التنزيل !

"والقول بأن من القرآن ما نزل وتُلي ، ثم نسخ ، قول فيه تعسف شديد ، وفيه مدخل إلى الفتنة والتخرص . فإذا ساغ أن ينزل قرآن ويُتلى على المسلمين ثم يرفع ، ساغ لكل مبطل أن يقول أيّ قول ! ثم يدّعي له أنه كان قرآنا ثم نُسخ . وهكذا تتداعى على القرآن المُفتريات والتلبيسات ؛ ويكون لذلك ما يكون من فتنة وابتلاء !

"ثم من جهة أخرى ، ما حكمة هذا القرآن الذي ينزل لأيام أو شهور ، ثم يُرفع" ؟( السيوطي : الاتقان 25:2)
(1) 2– ومن الافتراء على القرآن الادّعاء "بأن الله نسخ التوراة والانجيل بالقرآن"( السيوطي : الاتقان 27:1) يدل على ذلك قولهم : شرع مَن قبلنا شرع لنا .
(2) ويدل عليه تصريح القرآن المتواتر : "يريد الله ليبيّن لكم ويهديكم سُنن الذين من قبلكم ، ويتوب عليكم ، والله عليم حكيم" (النساء 26) ؛ "شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا – والذي أوحينا اليك – وما وصينا به ابراهيم وموسى وعيسى : أن أقيموا الدين ولاتتفرقوا فيه " (الشورى 13) ؛ وفي آخر الأمر يقر التوراة والانجيل والقرآن كلا على شريعته في سورة المائدة : "وكيف يحكّمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله (43) ومَن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون" (45) – وليحكم أهل الانجيل بما أنزل الله فيه ، ومَن لم يحكم بما أنزل الله ، فأولئك هم الفاسقون (47) – وأنزلنا اليك الكتاب بالحق ، مصدّقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه ، فاحكم بينهم بما أنزل الله ، ولا تتّبع أهواءهم عما جاءك من الحق : "لكل جعلنا منكم شِرْعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة" (48) . وهذا هو القول الفصل : "أخرج الترمذي والحاكم عن عائشة : آخر سورة نزلت المائدة ، فما وجدتم فيها من حلال فاستحلوه" . (السيوطي : الاتقان 22:1)

فهذا الحكم الأخير ، الذي لا ناسخ له : "لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا" ، يقضي على الافتراء بأن القرآن نسخ التوراة والانجيل . "قالوا : وانما حقّ الناسخ والمنسوخ أن تكون آية نسخت آيةً(اعجاز القرآن 1: 454 – 455) . والقول الفصل في دعوى القرآن للتوراة والانجيل أنه يوم الدين ، حتى بعد القرآن : "كل أمة تُدعى الى كتابها" (الجاثية 28) .

3– ويبرّرون النسخ في القرآن بالنسخ في الكتاب – وليس لهم سند من كتاب . يقول عبد الكريم الخطيب(5) : "وقد نسخ الله سبحانه كثيرا من الشرائع التي تقدّمت شريعة


الاسلام . يقول ابن كثير في تفسيره (الجزء الأول) : "والذي يحمل اليهود على البحث في مسألة النسخ هو الكفر والعناد . فإنه ليس في العقل ما يدل على امتناع النسخ في أحكام الله تعالى ، لأنه يحكم ما يشاء ، كما انه يفعل ما يشاء . كما أنه قد وقع ذلك في كتبه المتقدمة وشرائعه الماضية : كما أحل لآدم تزويج بناته من بنيه ثم حرّم ذلك . وكما أباح لنوح عليه السلام بعد خروجه من السفينة أكل جميع الحيوانات ثم نسخ حلّ بعضها . وكان نكاح الاختين مباحا لإسرائيل وبنيه ، وقد حرّم ذلك في شريعة التوراة وما بعدها . وأمر ابراهيم عليه السلام بذبح ولده ثم نسخه قبل الفعل . وأمر جمهور بني اسرائيل قتل مَن عبد العجل منهم ثم رفع عنهم القتل كي لا يستأصلهم القتل"

وفات ابن كثير وتلميذه الخطيب أن النسخ المذكور وقع في عهود متباعدة آلاف السنين . وما جرى لآدم ثم لنوح ثم لابراهيم ثم لاسرائيل (يعقوب) لم يكن نسخا لحكم سابق ، بل تنزيل حكم مبتدئا . ففي التوراة شريعة موسى ، لا شريعة آدم ولا نوح ولا ابراهيم ولا اسرائيل (يعقوب) ؛ وليس فيها نسخ . وأمر الله في التوراة بقتل من عبد منهم العجل هو قضاء في الحال ، لا تشريع للاستقبال ، وقد نُفّذ .

فليس في ما يذكرون من نسخ في الشريعة الواحدة ؛ انما النسخ ميزة القرآن وحده .

وما ورد مما يشبه النسخ ما بين الانجيل والتوراة ، فهو ما بين كتابين وشريعتين ؛ والسيد المسيح مع ذلك لا يسميه نسخا ، بل تكميلا : "لا تظنّوا أني جئتُ لأنسخ التوراة أو النبيّين ! ما جئت لأنسخ بل لأكمّل" (متى 17:5) .

وهكذا فالقرآن ينسخ بعضه بعضا ؛ ولا يقتدي بغيره ، مع أنه أُمِر صريحا : "أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم (الحكمة) والنبوة ... اولئك الذين هدى الله ، فبهداهم اقتدهْ" (الانعام 89 – 90)

حجّة مَن قال لا نسخ في القرآن واهية متهافتة
الصفحة
  • عدد الزيارات: 11785