Skip to main content

أسئلة لاهوتية - ينكرون الكفارة

الصفحة 2 من 18: ينكرون الكفارة

2 - ينكرون الكفارة

س 78: جاء في سورة النساء 4: 31 "إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً" وجاء في سورة النجم 53: 32 "الذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالفَوَاحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ المَغْفِرَةِ".

قال البيضاوي في تفسير هذه الآية: "إن الله يغفر الصغائر باجتناب الكبائر".

ونحن نسأل: هل من المعقول أن يغفر الله أو القاضي لمذنبٍ ارتكاب السرقة لأنه تجنّب القتل؟ يؤكد الكتاب المقدس لنا أنه لا غفران بغير الفادي المسيح الذي قال عنه القرآن آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا (سورة مريم 19: 21). فالإله القدوس العادل لا يمنح الغفران للخاطئ بدون كفارة، ولا يصفح عنه بدون فداء. إن الغفران بغير حساب استهتار بصفات الله القدوسة الكاملة. فالعدل يطلب قصاص الخاطئ، والرحمة تطلب العفو عنه. وإجابة أحد المطلبين تعني تعطيل إحدى الصفتين. والمسيحية تكشف الستار عن حكمة الله المطلقة، فعن طريق قدرة الله غير المحدودة جاء التجسد، وعن طريق الصلب جاء التوفيق بين عدل الله الكامل ورحمته الكاملة. قال الإنجيل: "إِنَّ النَّامُوسَ بِمُوسَى أُعْطِيَ، أَمَّا النِّعْمَةُ وَالحَقُّ فَبِيَسُوعَ المَسِيحِ صَارَا"(يوحنا 1: 17).

أما قول القرآن: "إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ" (سورة هود 11: 114) فهو لا يتفق مع قداسة الله وعدله، ولا يعطي الضمير راحة ولا سلاماً ولا شعوراً بفرح الغفران. وقد أمر القرآن محمداً "وَا سْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ" (سورة محمد 47: 19) وكما لم يجد محمد سلاماً وراحة لضميره كذلك كان صحابته وخلفاؤه الراشدون، فليس في الإسلام بعد محمد أفضل من أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب، وكلهم من العشرة المبشَّرين بالجنة. ولكن رُوي عن أبي بكر أنه قال: "ليتني كنت شجرة تعضد ثم تؤكل" وقال للطير "يا طير تأكل من الشجرة وتستظل بالشجرة وتصير إلى غير حساب. ياليت أبا بكر مثلك". وقال "وددت لو أني خضيرة تأكلني الذئاب". وقيل إنه غلب عليه الخوف والحزن حتى كان يُشتمّ من فمه رائحة الكبد المشوي (دائرة المعارف مجلد 2 ص 39 و40). وروى القاسم بن محمد أن أبا بكر قال لابنته عائشة يوم احتضاره: "يا بنية هذا يوم يخلى فيه عن عطائي وأعاين جزائي إن فرحاً فدائم وإن نوحاً فمقيم" (كتاب العقد الفريد جزء 2 ص 256). وأما عن علي بن أبي طالب فقال ضرار بن حمزة لمعاوية في وصفه: "رأيتُه في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله. وغارت نجومه. وقد مثل في محرابه قابضاً على لحيته يتململ تململ الخائف ويبكي بكاء الحزين. فكأني الآن أسمعه يقول "يا دنيا إليّ تعرَّضتِ أم إليّ تشوَّقتِ؟ هيهات هيهات. غُرّي غيري. لقد أنبتك ثلاثا لا رجعة لي فيك. فعمري قصير. وعيشك حقير. وخطرك كبير. آه من قلة الزاد ووحشة الطريق" (كتاب المستطرف، للشيخ شهاب الدين الأبشيهي ص 165). وأما عن عمر بن الخطاب فقال: "والله لو أن لي في طلائع الأرض ذهبا لافتديت به من عذاب الله عزّ وجلّ قبل أن أراه" (البخاري جزء 2 ص 329). وروى داود بن هند عن قتادة قال: "لما ثقل عمر قال لولده عبد الله ضع خدّي على الأرض. فكره أن يفعل. فوضع عمر خدّه على الأرض وقال: الويل لعمر ولأم عمر إن لم يعف الله عنه" (كتاب العقد الفريد ص 260). وذكروا أن عمراً كان يدني يده من النار ثم يقول: "يا ابن الخطاب، هل لك على هذا صبر؟ ويبكي حتى كان بوجهه خطان أسودان من البكاء. وكان يقول: "يا ليتني لم أُخلَق! ليت أمي لم تلدني! ليتني لم أكن شيئاً! ليتني كنتُ نسْياً منسياً!" (مجلة الهلال عدد 81).

مصدر الوحي بشريّ
  • عدد الزيارات: 37609