لماذا صرت مسيحيا - دراسات أعمق
واستقر عزمي على أن أسافر إلى بومباي, حيث كان لي حظ مقابلة مولانا هدايت الله. وكان محترما في كل المنطقة كرجل متفقه في علوم الدين بدرجة عظيمة. وكان أصلا من كابول ويعرف عائلتي. وعندما عرفني وعد أن يقدم لي كل معونة ممكنة, ونصحني أن أدرس الأدب, وسمح لي أن استخدم مكتبته العظيمة, فبدأت أدرس تحت إرشاده. وكان قد تعلم في القسطنطينية والقاهرة والجزيرة العربية, وكان عظيم المعرفة وأعطاني دروسا في الفارسية. وجاء في ذلك الوقت أستاذ عظيم وعالم جليل في
الفلسفة والمنطق من مصر, هو مولانا عبد الأحد, وهو أصلا من منطقة جلال أباد في أفغانستان. والتحقت بالمدرسة التي يدرس فيها, وتلقيت العلم على يديه. ولقد عاملني كابن له, وأعطاني غرفة قريبة من غرفته لأكون قريبا منه, فأحصل على نصائحه وتعاليمه في أي وقت أشاء.
مزيد من الجدل مع المسيحيين
ذات يوم كنت أتمشى مع بعض أصدقائي الطلاب عندما وجدت بعض الوعاظ المسيحيين يخاطبون الناس, فتذكرت ما حدث معي في دلهي, واتجهت بعزم نحوهم فشد ني أحد زملائي وقال لي: لا تلق انتباها لمثل هؤلاء الناس, ولا تضيع الوقت وأنت تجادلهم. إنهم يجهلون البحث ولا يعرفون أصول المناظرة. إن كل ما يدفعهم إلى عملهم هو الأجر الذي يتقاضونه. فلا فائدة من الحوار معهم. فأجبته: أعرف أن هؤلاء الناس قد لا يعرفون أسلوب الجدل, لكنهم يعرفون كيف يضللون الناس. ومن واجبنا نحن المسلمين الصادقين أن ننقذ إخوتنا المسلمين البسطاء من مكرهم وخداعهم. واتجهت فورا نحوهم, وأثرت مجموعة نقاط هجوما على المسيحية, فأجابوني بكثير من التوضيح. واضطررنا أن نوقف الجدل بسبب ضيق الوقت. وانتشر خبر حواري مع القسيس بين طلبة المدرسة, فامتلأوا بالغيرة والحماسة, وأقبلوا على الجدال. فكنا نذهب مرتين أسبوعيا لنجادل المسيحيين. وقال لنا أحد القسوس إن المكان الذي نلتقي فيه للحوار بعيد علينا, واقترح أن يستأجر غرفة قريبة من المدرسة تكون مكان لقاء وحوار يستمر. فقبلت هذا العرض, وكنا نلتقي معه في تلك الغرفة في أوقات يحددها من قبل. ولما وجدت أن زملائي التلاميذ لا يعرفون الديانة المسيحية, وغير مختبرين في فن الحوار, نصحني مولانا عباس خان صاحب أن أستأجر بيتا نتحاور فيه, ففعلت ذلك, وكونت جماعة ندوة المتكلمين وكان هدفنا أن ندرب الدعاة الإسلاميين ليحاوروا المسيحيين ويخرسوهم. ولما وجد أستاذي أن كل اهتمامي موجه للجدال والمناظرة, جاء إلى غرفتي بعد صلاة المغرب فوجدني أقرأ الإنجيل. فقال بغضب: أخشى أن تصبح مسيحيا. فضايقني تعليقه, ولم أشأ أن أسيء إليه, ولكني وجدت نفسي أقول له: هل يمكن أن شخصا مثلي يجادل المسيحيين كل هذا الجدل يصبح مسيحيا ؟ وهل قراءة الإنجيل تصير الإنسان مسيحيا ؟ إنني أدرسه لأدمر المسيحية من أساسها, وليس لأصير أنا مسيحيا. كنت أظنك تشجعني على أن أجد الأخطاء في هذا الكتاب. فقال: إنني أقول لك هذا لأنني سمعت أن الذي يقرأ الإنجيل يصبح مسيحيا. ألم تسمع الكلمة الحكيمة من شاعرنا الذي قال: الذي يقرأ الإنجيل يتحول قلبه عن الإسلام؟ فقلت له: هذه معلومة خاطئة. ولما لم أقبل نصحه تركني ومضى.
- أنشأ بتاريخ .
- عدد الزيارات: 14758