Skip to main content

بل إكراه في الدين - الصفحة الثانية

الصفحة 2 من 10: الصفحة الثانية

ويقول الإمام مسلم:

قسم رسول الله أموالهم ونساءهم بين المسلمين -

ويقول القرآن في تصوير هذا الاعتداء الظالم:

هُوَ الذِي أَخْرَجَ الذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي المُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ وَلَوْلاَ أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الجَلاَءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقَابِ (سورة الحشر 59: 2-4).

وبدون حساسية يا صديقي ألا ترى معي صعوبة تقبّل العقل والضمير معاً أن يكون مثل هذا الاعتداء الوحشي وهذا السلب هما تعاليم دينية من عند الله؟

أنت يا صديقي ادّعيت بأن الإسلام لم يعتد على أحد، ولم يسلب مال احد، ولم يسفك دماء أحد، ولم يسب النساء والغلمان، فكيف يتفق هذا مع واقع القرآن والسيرة؟ وهما زاخرين بمثل هذه الجرائم الخطيرة في حق البشرية لا شيء سوى لمخالفتهم في الدين.

وهل هذا سبب كاف لسفك دمائهم ونهب بيوتهم وأراضيهم وسبي نسائهم؟

لقد بدأ الإسلام دعوته سلمياً، ولم يكن سلاماً نابعاً من قوة، بل كان سلاماً ظاهرياً تمليه عليه حالة الضعف والوهن الذي كان عليه قبل اتجاهه للقوة والإعداد للحرب القتالي. وهذا أسلوب بشري صرف وليس له أدنى صلة بأساليب وتدابير الله الذي ليس من مشيئته قهر الشعوب بل إقناعهم ، والاقناع لا يتم بالسيف بل بالكلمة - وقد حاول الإسلام التشبه بالرسالات السماوية فبدأ بالكلمة.. لكنه لم يأت بتعاليم جديدة تجذب الناس إليه - وظل لمدة تزيد عن عشر سنوات دون أن يحقق أي نجاح في انتشار دعوته بين الناس - ولولا حماية عمه أبو طالب وزوجته خديجة ما كان النبي صاحب هذه الدعوة استطاع البقاء طوال هذه السنين. وهي عوامل بشرية لا تمت للتأييد الإلهي بأدنى صلة فتقول المصادر الإسلامية:

كان أبو طالب والسيدة خديجة خير عون لرسول الله وكان لهم فضل حمايته من كثير مما يتعرض له وقد اعترف النبي بهذه الحماية البشرية حينما قال:

ما نالت مني قريش شيئاً أكرهه حتى مات أبو طالب.

ومعلوم تماماً أن الله هو الوحيد المتكفل بحماية رسله - الله وليس خديجة وأبو طالب، فلو كان محمد آتياً من عند الله لكان حماه الله - لكن هناك عوامل بشرية ساعدت النبي على انتشار دعوته:

ما كنا نقدر أن نصلي عند الكعبة حتى أسلم عمر، فلما أسلم قاتل قريشاً حتى صلى عند الكعبة وصلينا معه.

وأن إسلام عمر كان فتحاً وأن هجرته كانت نصراً.. ولقد كنا ما نصلي الكعبة حتى أسلم عمر.

كان إسلام أبي بكر تعضيداً للنبي وأمراً هاماً بالنسبة للدعوة الإسلامية... وعلى يد أبي بكر آمن عدد من الرجال ممن كان لهم دور بارز في التاريخ الإسلامي وهم: عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص وطليحة بن عبد الله.

وعندما أرادت قريش نهي النبي عن ما يدعو إليه والتحرش به لإيذائه تدخل عمه أبو طالب لما كان له من نفوذ وقوة ومنع أي إيذاء عن النبي وحدث أن القريشين سألوا النبي عدة أسئلة دينية للتأكد من صدق رسالته لكن النبي ارتبك ولم يتمكن من الإجابة مباشرة.

مما تأكد لسائليه أنه ليس نبياً بل مدعي النبوة وليس له رسالة دينية حقيقية ولا علم له بالأديان، لذلك تصلب موقفهم الرافض لدعوته أكثر، نتج عن ذلك أنهم تحرشوا بأتباع محمد المسلمين الجدد وكانوا قلة آنذاك - ولم يقدروا إلا على العبيد والموالي منهم، وتركوا الأقوياء والأثرياء أصحاب النفوذ، وبالطبع لم ينالوا من محمد خوفاً من عمه أبي طالب، وخوفاً من عشيرته بني هاشم.. ولم يقدم العون للمسلمين الأوائل إلا المسيحيون!

نعم المسيحيون الذين قاتلهم الإسلام فيما بعد! وهو موقف عجيب يدعو للتأمل وكان الإسلام آنذاك يقول عن المسيح إنه كلمة الله وروح منه - وإنه منفرد بقدرته على الخلق وإحياء الموتى والعلم بالغيب وتفتح أعين العميان وشفاء البرص الخ. ولم يكن قد تجرأ بعد ويعلن هذه الفرية - إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب. لذلك رأينا المسيحيين متمثلين في شخص النجاشي ملك الحبشة العادل، الرحيم، المؤمن بالمسيح يرحب باستضافة هؤلاء المسلمين، الهاربين من بطش قريش ويحسن إليهم وهو موقف نبيل وذو فضل من المسيحيين على المسلمين ، لكن من يذكر ذلك؟ إن المسلمين يتغاضون عن عرفانهم للمسيحيين ويقولون عنهم أنهم كفار مشركين بالله لا بد من قتالهم حتى يتركوا المسيحية ويسلموا أو يعطوا الجزية صغاراً نقمة لهم! لم يكن يدرك الملك المسيحي أن هؤلاء الذين مدّ لهم يد العون والرحمة سوف ينقلبون على دينه ويحلون دم أتباعه، فلقد بالغ في إكرام المسلمين وله موقف كريم جداً مع النبي، لما دفع مهر عروس محمد أم حبيبة بنت أبي سفيان وكانت متزوجة من عبد الله بن جحش الذي كان وثنياً - ثم صار حنيفاً من أتباع ملة إبراهيم - فلما جاء محمد بدعوته صار مسلماً، وهاجر هو وزوجته إلى الحبشة واهتدى إلى المسيحية، وثار النبي وطلب زوجة عبد الله ليتزوجها هو، ولم يمانع ملك الحبشة المسيحي، ولم يتدخل لإرهاب أم حبيبة ولم يكرهها على المسيحية، بل أكرمها ووفر لها الرعاية الكافية، وأعادها إلى النبي سالمة مكرمة وتزوجها النبي. تحية لهذا الملك المسيحي العادل الذي بسلوكه الكريم هذا يوضّح الفرق ما بين تعاليم السماء المنادية بالمحبة والسلام واحترام حرية الإنسان وما بين التعاليم الأرضية البشرية التي تنادي بالبغضاء والاقتتال وإلغاء حرية الإنسان بحجة أنه لا دين غير الإسلام، ولا بد من محاربة غير المسلمين حتى يسلموا أو يعطوا الجزية صغاراً ونقمة لهم.

الصفحة الثالثة
الصفحة
  • عدد الزيارات: 25418