Skip to main content

الوحي الحقيقي - إن روحانية الإنجيل أشرف وأنقى وأرفع من أي كتاب

الصفحة 5 من 7: إن روحانية الإنجيل أشرف وأنقى وأرفع من أي كتاب

(سادسا) إن روحانية الإنجيل أشرف وأنقى وأرفع من أي كتاب
آخر وكل المساعي التي بُذلت لإنكار هذه الحقيقة أسفرت عن خيبة. فاستعار بعضهم أقوالاً ماثورة عن فلاسفة الصين والهند واليونان وأرادوا أن يضاهوها بما يقابلها في الإنجيل. ومن أمثلة ذلك علّم المسيح تلاميذه قانوناً ذهبياً "كُلُّ مَا تُرِيدُونَ أَنْ يَفْعَلَ النَّاسُ بِكُمُ ا فْعَلُوا هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضاً بِهِمْ" (مت 7 :12) وعلّم بعض الفلاسفة في الهند واليونان الصيغة السلبية من هذا القانون الذهبي فقالوا : لا تفعلوا بالآخرين ما لا تريدون أن يفعلوه بكم، ومن يتأمل في القولين يجد الفرق كبيراً. وكذلك كونفوشيوس فيلسوف الصين المشهور ذكر ذلك القانون بالصيغة السلبية مراراً ولم يذكره ولا مرة واحدة بالصيغة الإيجابية، إلا أن حفيده كنغ تشي اقترب إلى الصيغة الإيجابية أكثر منه حيث يقول إن أربعة أشياء ترفع قدر الإنسان لم أظفر بواحد منها بعد إلى أن قال عن الشيء الرابع وددتُ أن أعامل صديقي كما أريد أن يعاملني لكني لم أدرك هذه الغاية. ومع ذلك لا يزال بين قوله وقول المسيح فرق عظيم. لأن المسيح أوجب المعاملة بمقتضى ذلك القانون لكل الناس وأما هذا الفيلسوف فقد حصرها بين الصديق وصديقه فضلاً عن كونه أقرَّ بفشله.
وكثيراً ما اجتهد العلماء أن ينقبوا ويبحثوا في جميع ما وصلت
إليه أيديهم من كتب الأديان والحكم والأمثال وجمعوا من الوصايا والشرائع ما قدروا أن يجمعوه، فكانت النتيجة أن وصايا الإنجيل أفضل وأسمى مما استطاعوا أن يجمعوه من كتب العالم كافة. على أن الوصايا التي جمعوها كانت أشبه بكومة زهور ذابلة، أما وصايا الإنجيل فكزهور نضيرة وكجنة فيحاء. أليس هذا وحده دليلاً راهناً أنه موحى به من الله؟ وإلا فكيف استطاع كتبة الإنجيل أن يضمنوه ما أودعته الحكماء والفلاسفة في بطون كتبهم من خالص الوصايا وصميم الشرائع في الهند والصين واليونان ومصر والفرس والرومان في كل زمان ومكان، إلا أن يقال إن الله المحيط بكل شيء أوحى إلى رسله الأطهار بما ليس في استطاعة العلماء أجمع أن ياتوا به؟
وأهم من ذلك لنا في حياة المسيح على الأرض كما دوّنها رسله الأطهار أعظم ناموس وأصلح مثال، فإنه عاش حسبما علّم من الوصايا الذهبية عديمة النظير. وعدا هذا كله فإن الكتب الأخرى وإن تضمنت شيئاً من الوصايا الجيدة لم تخْلُ من التعاليم الخبيثة التي طالما أدت إلى البوار وليس الخالص من الشوائب كالممزوج بها امتزاج السم بالدسم كفخذ الضان الذي قُدِّم لمحمد وأصحابه بعد واقعة خيبرفهو طعام شهي لكنه موت زؤام. وأما الإنجيل فلا يحمل بين دفتيه إلا الصلاح المحض.
بقي علينا أن نقول إن الإنجيل لا يأمر بالصلاح ويدع الإنسان وشأنه بل يمنحه القوة التي تدفعه إلى العمل. ما هي تلك القوة العجيبة؟ إنها المحبة للمسيح وهي قوة لا توجد إلا في الإنجيل. سأل تلميذ مسيحي أحد علماء الهند البوذيين فقال : إنك قرأت الكتاب المقدس وقرأت كتبكم فماذا وجدت؟ قال: وجدت مشاعر شريفة في كل من كتبكم وكتبنا إلا أن الفرق عظيم وهو أنكم معاشر النصارى تعرفون الواجب ولكم من القوة ما يؤّهلكم للعمل. أما نحن فنعرف الواجب ولكننا غير قادرين على القيام به. فمثل الأديان الأخرى مثل قوم مدوا سكة حديد ولكن ليس لهم القوة المحركة وأما الديانة المسيحية ففضلاً عن كونها مدّت سكة أقوم سبيلاً ففيها القوة المحركة التي تحرك الطالب إلى السير وتلك القوة هي المسيح. والفرق جوهري وعظيم. ولا يبرح من ذهن القارئ الكريم أن فيلسوف الصين لم يذكر اسم الله في جميع مؤلفاته إلا مرة واحدة وتلك المرة ليست من كلامه بل مقتبسة، فهو ليس من رجال الدين بالمرة.

من الأدلة على أن الكتاب المقدس موحى به إتمام النبوات المتضمنة فيه
الصفحة
  • عدد الزيارات: 11137