Skip to main content

الطريق الذي عمله يسوع المسيح لخلاص كل الناس - اختار المسيح من بين اليهود اثني عشر رسولاً

الصفحة 4 من 9: اختار المسيح من بين اليهود اثني عشر رسولاً

واختار المسيح من بين اليهود اثني عشر رسولاً هم الذين دربهم
وعلّمهم الحق وأوصاهم أن يعلّموا الآخرين. والأساس الذي بني عليه تعليمه هو أنه ابن الله، وقال ما معناه إن تلك البنوة هي بمثابة الصخرة التي سيبني عليها كنيسته (مت 16 :13-18). ولما عرف الرسل أنه ابن الله وأنه المسيح المنتظر أخذ يعلّمهم درساً آخر عظيم الأهمية، أنه ينبغي له أن يُصلب ويقوم من بين الأموات لخلاص البشر (مت 16 :21 ومر 8 :31 ولو 9 :22). وكلّما دنت ساعة آلامه زادهم إيضاحاً بإنبائهم عن موته والكيفية التي يموت بها (لو 18 :31-34). وقال لهم مرة إنه سيحتمل تلك الآلام ليس مرغماً بل بإرادته حباً في بني البشر حتى يمنحهم حياة أبدية (يو 6 :51 و10 :11-18) إن قبلوا هبة الله (رو 6 :23). أي أن المسيح من أجل محبته الفائقة لبني آدم ورغبته في خلاصهم من خطاياهم سمح لليهود أن يقبضوا عليه ويسخروا به ويلكموه ويسلّموه ليد الحاكم الروماني بيلاطس والي اليهودية للجَلْد والصَّلْب (بشارة متى 26 :47-27 :56 ومر 14 :43-15 :1-41 ولو 22 :47-23 :49 ويو 18 :1-19 :37). ويوافق ذلك ما تنبأ به داود في مز 22 وأش 52 :13-53 :12 منذ مئات السنين.
وحكم بيلاطس على المسيح بالموت كمجرم مع أنه شهد له أنه بار (مت 27 :24) وجرت العادة عند اليهود في ذلك الزمان أن
يطرحوا جثث القتلى المجرمين في موضع يُدعى وادي ابن هنوم خارج أسوار أورشليم للحريق أو طعاماً للوحوش، إلا أنهم لما صلبوا المسيح أخذ جسده تلميذ مُتخفٍّ يُدعى يوسف من الرامة، رجل غني بموجب إذن من الوالي، ودفنه في قبره الجديد الذي كان أعدَّه لنفسه (مت 27 :57-61 ومر 15 :42-47 ولو 23 :5-56 ويو 19 :37-42) وكان ذلك على وفق نبوة أشعياء (أش 53 :9) حيث يصرح بأنه وإن يكن اليهود قصدوا أن يدفنوه مع الأشرار لأنهم أحصوه من جملتهم، غير أنه عند موته دفنه ذلك الرجل الغني في قبر على حدته، وعلى ذلك قوله "وَجُعِلَ مَعَ الأشرَارِ قَبْرُهُ، وَمَعَ غَنِيٍّ عِنْدَ مَوْتِه"ِ (أشعياء 53 :9).
وتنبأ المسيح عن نفسه أنه يقوم من الموت في اليوم الثالث (مت 16 :21 و17 :23 و20 :19 ولو 9 :22 و18 :33 و24 :46) وقد كان كما قال (مت 28 :1-10 ومر 16 :1-8 ولو 24 :1-43 ويو 20 و1 كو 15 :4) وهذا يوافق نبوة داود في مز 16 :9 و10، وظهر بعد قيامته مراراً كثيرة لتلاميذه مدة أربعين يوماً (أعمال 1 :3) وعلّمهم أن جميع ما حدث له لم يحدث صدفة بل حسب مقاصد الله الأزلية التي أعلنها لأنبيائه القديسين منذ الدهر، وعلَّمهم ما الغرض من آلامه وموته وقيامته (لو 24 :27 و44-49) ثم فوض إليهم أن يتلمذوا
له جميع الأمم (مت 28 :18-20 وأع 1 :8) وبعد هذا صعد إلى السماء بمرأى منهم لو 24 :50 و51 وأع 1 :9 متقلداً الملك إلى ما لا نهاية كما أنبأ دانيال (7 :13 و14 و27) وليملأ الأرض من معرفة الرب كما كتب أشعياء (11 :1-9) وقد ترك لهم وعداً برجوعه منتصراً (انظر مت 24 :30 و31 و25 :13-16 ومر 13 :26 ولو 21 :27 ويو 14 :1-3 وأع 1 :2 و11 ورؤ 1 :7 و20 :11-21 :8).
وحيث أنه قد تم في شخص المسيح جميع ما أنبأت به الأنبياء من قديم الزمان من جهة مجيئه الأول وعمله وموته كفارة عن خطايا العالم إلى غير ذلك، فيكون بالحقيقة مخلص العالم الذي علَّق عليه إبراهيم رجاءه (يو 8 :56) وشهد له جميع الأنبياء، وإتمام هذه النبوات برهان قاطع على أن أسفار العهد القديم موحى بها من الله. لأنه من ذا الذي يعلم بالحوادث قبل وقوعها بمئات السنين إلا علام الغيوب؟ ولا تدع الشك يخالج صدرك وتقول ربما وفَّقت النصارى بين نبوات التوراة وأخبار إتمامها في الإنجيل، فهذا مستحيل لأن أسفار التوراة محفوظة بأيدي اليهود وبلغتهم إلى اليوم كما هي عند النصارى، واعلم أن اليهود، ولو أنهم رفضوا المسيح، لم يتجاسروا أن يمسّوا جملة أو كلمة واحدة من تلك النبوات
العديدة المشيرة إليه التي تدينهم في اليوم الأخير على قساوتهم وعدم إيمانهم.

طبيعة المسيح وعظمته ظاهرة بوضوح حتى في أسفار العهد القديم
الصفحة
  • عدد الزيارات: 14784