Skip to main content

هل إنباء المستقبل فى القرآن نبوءة من علم الغيب؟ - النبوءة بنصر بدر

الصفحة 4 من 9: النبوءة بنصر بدر

ثالثا : النبوءة بنصر بدر
قيل : فيها نصان .
النص الأول : " أم يقولون : نحن جمع منتصر ! سيهزم الجمع و يولون الدبر ! بل الساعة موعدهم ، و الساعة أدهى و أمر " ( القمر 44- 46 ) .
لا شىء فى ( أسباب النزول ) و لا فى النص ، يجعل من الوعد نبوءة غيبية . " و لما قال أبو جهل يوم بدر " إنا جمع منتصر " ، نزل : " سيهزم الجمع و يولون الدبر " ، فهزموا ببدر ، و نصر رسول الله صلعم عليهم " ( الجلالان ) . بحسب هذا التحليل ، الوعد تسجيل واقع .
لكن الآية من مكة ، و لم ينزل بعد الأمر بالجهاد و القتال : فلا تمت الآية فى واقع الحال إلى نبوءة عن نصر حربى .
و فاتهم جميعا الوعد المضروب للهزيمة : " بل الساعة موعدهم " . فالنصر الموعود هو فى يوم الدين ، حيث تكون الهزيمة فى " سقر " ( 48 ) .
النص الثانى : " و إذا يعدكم احدى الطائفتين أنها لكم " ( الانفال 7 ) . و قد وفى لهم بما وعد . فهل فى هذا القول علم بالغيب ؟ قال الجلالان : " شاور النبى صلعم أصحابه و قال : إن الله وعدنى إحدى الطائفتين . فوافقوه على قتال النفير ، و كره بعضهم ذلك و قالوا : لم نستعد له " .
نص الوعد لا يحمل معنى " النبوءة " أى علم الغيب : فهو مجهول القصد ، العير أم النفير . وواقع الحال لم يكن يتجه إلى قتال النفير فى بدر ، كما يظهر من قصة الغزوة فى القرآن و السيرة . كان هدف الغزوة قطع الطريق على قافلة أبى سفيان العائدة من الشام مثقلة بالمال و المتاع . لكن نفير قريش تصدى لهم فنازلهم فنازلوه .
و الوعد " بإحدى الطائفتين " ليس فيه معنى المعجزة ليصح نبوءة : فليس خارقا للعادة ، لأنه مجهول الهدف ، و ليس سالما عن المعارضة ، فلم يحمل المسلمون القول محمل العلم بالغيب ، فهم يجادلون فيه حتى بعد النصر : " يجادلونك فى الحق بعد ما تبين " ( الانفال 6 ) . فلو كان فى الوعد معنى التحدى لما تلكأ المسلمون عن الخروج الى المعركة : " و ان فريقا من المؤمنين لكارهون " ( 5 ) ، و من شدة خوفهم كانوا ربهم يستغيثون ( 9 ) . فلم يكن الوعد مقطوعا كمعجزة للتحدى .
و القرآن نفسه لا يرى فى ذلك الوعد غيبا مكشوفا ، بل بشرى للاطمئنان : " و ما جعله إلا بشرى ، و لتطمئن به قلوبكم ، و ما النصر إلا من عند الله " ( 10 ) . و قد استغل القرآن الحدث كنصر من الله يؤيده ، لا كمعجزة غيبية تشهد له .
فالنص و القرائن كلها ، دلائل على أن ذلك الوعد كان وعد قائد حكيم ، لا نبوءة غيبية معجزة . فليس فى القرآن من نبوءة بنصر بدر .

النبوءة بفتح مكة
الصفحة
  • عدد الزيارات: 18117