Skip to main content

نهاية كل شيء - الحشر والدينونة

الصفحة 4 من 11: الحشر والدينونة

الحشر والدينونة:
بعد أن ينزل المطر وينبت الموتى كالبقل يُحشرون أي يُؤتى بهم أمام ربهم من أجل الدينونة. لقد ورد ذكر الحشر في عدد من الآيات في القرآن نذكر منها هذه الآية: "ويوم نحشرهم وما يعبدون من دون الله فيقول أنت أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل." (الفرقان: 17). كذلك يصف القرآن يوم الدين كالتالي: "وإن الفجار لفي جحيم يُصلونها يوم الدين، وما هم عنها بغائبين. وما أدراك ما يوم الدين. ثم ما أدراك ما يوم الدين. يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله." (الإنفطار: 14-19).
لقد وردت عدة أحاديث في الحشر، من بينها الحديث المشهور والذي يصف الناس يوم الحشر بأنهم حُفاة عُراة غُرْلا (غير مختونين أو مُطهرين)."يقول الراوي: وحدثني زهير بن حرب، حدثني بن سعيد عن حاتم عن أبي صغيرة، حدثني أبي مُليكة عن القاسم بن محمد عن عائشة قالت: سمعت رسول لله صلى الله عليه وسلم يقول: يُحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غُرلا. قلت: يا رسول الله النساء والرجال جميعا ينظر بعضهم إلى بعض؟ قال صلى الله عليه وسلم: "يا عائشة الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض" (مسلم ج 17 ص 193، مكرر، رواه البخاري أيضا). "أما الكفار" فإن حشرهم سيكون بطريقة فريدة وغريبة، إذ يمشون على وجوههم بدلا من أقدامهم حسب ما يقول محمد في الحديث: "حدثني زهير بن حرب وعبد بن حميد "واللفظ لزهير" قالا: حدثنا يونس بن محمد، حدثنا شيبان عن قتادة، حدثنا أنس بن مالك أن رجلا قال: يا رسول الله كيف يُحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ قال (محمد): "أليس الذي أمشاه على رجليه في الدنيا قادرا على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة؟" قال قتادة: بلى وعزّة ربنا." (مسلم ج 17 ص 148، رواه البخاري أيضا و إبن كثير أيضا).
نستنتج من دراستنا للقرآن والحديث أنه عند الحشر ويوم القضاء سوف يدين الله الناس أجمعين. تبدأ الدينونة بأن يقسم الناس إلى فريقين: المؤمنون وهم المسلمون، والكفار وهم غير المسلمين. ويشار عادة إلى هذين الفريقين في القرآن بأهل اليمين و أهل الشمال كما في الآيات: "فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة. وأصحاب المشئمة (الشمال) ما أصحاب المشئمة... وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين. في سدر مخضود (أشجار لا شوك لها) وطلح منضود (أشجار الموز)... وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال. في سموم حميم وظل من يحموم." (الواقعة:8 و9 و27 و28 و41.)
أما أصحاب الشمال فسوف يقيم الله عليهم الشهادة من ذواتهم بحيث تشهد عليهم أعضاؤهم كما جاء في القرآن "ويوم يُحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزّعون. حتى إذا ما جاءوا شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون. وقالوا لجلودهم لما شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء. وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون. وما كنتم تسترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعلمون." (فصلت: 19-22). يؤيد الحديث الآيات السابقة كما في الحديث التالي: "حدثنا أبو بكر بن أبي النضير، حدثني أبو النضير هاشم بن القاسم، حدثنا عُبيد الله الأشجعي عن سُفيان الثوري عن عُبيد المكتب عن فُضيل عن الشعبي عن أنس بن مالك قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك فقال: "هل تدرون مما أضحك؟ قال: قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: "من مخاطبة العبد ربه يقول: يا رب ألم تجزني من الظلم؟ قال: بلى، قال: فيقول: فإني لا أجيز على نفسي إلا شاهدا مني. قال: فيقول: كفى بنفسك اليوم عليك شهيدا وبالكرام الكاتبين (الكتبة من الملائكة) شهودا. قال: فيختم على فيه فيقال لأركانه (أعضائه) انطقي. قال: فتنطق بأعماله. قال: ثم يُخلي بينه وبين الكلام فيقول: بُعدا لكن وسُحقا فعنكن كنت أناضل." (مسلم ج 18 ص 104، رواه إبن كثير أيضا).
بعد أن تشهد أعضاء الكفار عليهم ويدينهم الله، فإنهم سوف يلقون في جهنم، كي يُعذبوا إلى الأبد، كما ورد في القرآن: "وسيق الذين كفروا إلى جهنم زُمرا (فرقا) حتى إذا جاءوها فُتحت أبوابها وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذروكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين. قيل ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها بئس مثوى (مقام) المُتكبرين." (الزّمر: 71-72).
بما أننا جئنا على ذكر جهنم، فلا بد من إعطاء القارئ صورة عنه كما يراها محمد. هل تعرف يا عزيزي القارئ أن جهنم تُجر بسبعين ألف حبل؟ إن كنتم لم تعرفوا فهوذا محمد يخبركم: حدثنا عمر بن حفص بن غياث، حدثنا أبي عن العلاء بن خالد الكاهلي عن شقيق عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام (حبل) مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها." (مسلم ج 17 ص 179). السؤال الفضولي هنا ، إلى أين يريدون أن يجروا جهنم بحبالهم؟ ويبدو أن جهنم محمد لها قعر صلب، إذا ما ارتطم به جسم أحدث صوتا كصوت الحجر الذي سمعه محمد يرتطم في قعر جهنم كما في الحديث: حدثنا يحيى بن أيوب، حدثنا خلف بن خليفة، حدثنا يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريره قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم إذ سمع وجبة (سقطة) فقال النبي صلى الله عليه و سلم: "تدرون ما هذا؟ قال: الله و رسول أعلم. قال: هذا حجر رُمي به في النار منذ سبعين خريفا (عاما) فهو يهوى في النار الآن انتهى إلى قعرها" (مسلم ج 17 ص 179). يا للخيال الفسيح والخرافة السخيفة، من الذي رمى حجرا في جهنم قبل سبعين ألف عام من يوم محمد؟ لماذا رُمي الحجر؟ هل عند رب محمد حجارة يُسلي نفسه برميها في جهنم؟ ثم أي قوة سمع خياله عند محمد؟ فهو يسمع الأموات يعذبون في القبور ويسمع الحجارة ترتطم بقعر جهنم؟
لا يقتصر خيال محمد ومبالغته أو إن شئت خرافته على ما سبق. بل إن من أعظم مبالغات محمد ما قاله عن التغيير الرهيب الذي يطرأ على خلقة أهل النار. يتضخم حجم الإنسان في النار بحيث يُصبح أضخم بمئات المرات وربما آلاف المرات من أضخم ديناصور يمكن أن يتخيله بشر. يقول محمد أن ناب الكافر في جهنم يصبح مثل جبل أُحد في جزيرة العرب، كما جاء في الحديث: "حدثنا حميد بن عبد الرحمن عن الحسن بن صالح عن هرون بن سعيد عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ضرس الكافر أو ناب الكافر مثل أحد وغلظ جلده مسيرة ثلاثة أيام." (مسلم ج 17 ص 186). وقال أيضا أن المسافة بين منكبي أو كتفي الكافر في جهنم تبلغ مسافة مسيرة ثلاثة أيام للراكب المسرع كما في الحديث: "حدثنا معاذ بن أسد أخبرنا الفضل بن موسى أخبرنا الفضل عن أبي حازم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما بين منكبي الكافر مسيرة ثلاثة أيام للراكب المسرع." (البخاري ج 7 ص 251، رواه مسلم أيضا).
تصور عزيزي القارئ فظاعة خيال محمد! إذا ما قدّرنا أن الفرس المسرعة يمكنها أن تقطع ثلاثين ميلا في اليوم الواحد، فمعنى ذلك أن المسافة بين منكبي الكافر تقارب المائة ميل. أي وحش هذا الذي يبلغ ما بين كتفيه مائة ميل؟ وإذا كان ناب الكافر كجبل أحد فما هو حجم ما تبقى من أضراسه؟ إذا كان عدد أسنان الإنسان البالغ إثنين وثلاثين سنا فإن ذلك يعني إثنين وثلاثين جبلا. لا شك أن فم مثل هذا الإنسان سيكون كبحر رهيب، ولا بد أن يكون الحجم الكلي لمثل هذا الإنسان أكبر من مدينة مكة التي أنجبت محمدا ذي الخيال اللامتناهي وغير المنطقي. فما هو المنطق وما هي الحكمة الإلهية من تضخم أجساد الناس بهذا الشكل الرهيب وغير المعقول؟ وكم سيكون حجم جهنم التي ستقتنيهم ومن سيستطيع أن يجر جهنم مثل جهنم محمد؟ حاشا أن يصنع الله بخليقته هذا التشويه الفظيع والجنوني حتى وإن عذبهم في جهنم.
يا ترى ما هو عذاب "الكفار" في جهنم بعد أن يتضخموا؟ يحدثنا القرآن في أكثر من مكان عن عذاب أهل النار كما في الآيات التالية: "إن شجرة الزقوم (شجرة مرة المذاق) طعام الأثيم. كالمهل (السائل المعدني الذي يغلي) في البطون كغلي الحميم. خذوه فاعتلوه إلى أسوار الجحيم. ثم صبوا فوف رأسه من عذاب الحميم (السائل الحار) ذُق إنك أنت العزيز الكريم." (الدخان: 43-49). يبدو أن شجرة الزقوم هي شجرة ذات ثمر مر طعمه غير مستساغ وهذا الثمر حارق يحرق بطن من يأكله. وذكر أيضا عن عذاب الجحيم: "وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتقبا" (الكهف: 92).
زيادة على ما ذُكر أعلاه ، يروي الإمام الحافظ في كتاب الكبائر بعض الأحاديث التي تشمئز النفس منها وتتقزز وتنافي الذوق والمنطق في عذاب جهنم. حسب خيال محمد يوجد في جهنم أنهار تجري من فروج المومسات وعقارب وحيات تفوق الخيال. روى أنس عن محمد أنه قال: "من مات مُصرا على شرب الخمر سقاه الله تعالى من نهر الغوطة وهو نهر يجري في النار من فروج المومسات (الزانيات)". رواه أحمد وأبي يعلي وإبن حبان. وروى أحمد والطبراني عن محمد أنه قال أيضا: "في جهنم واد فيه حيات، كل حية ثخن رقبة البعير تلسع تارك الصلاة فيغلي سمها في جسمه ثم يتهرّى (يتلف) لحمه، وإن في جهنم واديا إسمه جب الحزن فيه حيات وعقارب، وكل عقرب بقدر البغل، لها سبعون شوكة، في كل شوكة راوية (غدة) سم. ثم تضرب الزاني وتفرغ سمها في جسمه، يجد مرارة وجعها ألف سنة، ثم يتهرى لحمه، ويسيل من فرجه القيح والصديد." (الإمام الحافظ ص 58 و59). لا ترى أيها القارئ العزيز مدى خيال محمد نبي الإسلام! هل سمعتهم أي نبي من الأنبياء الكرام نطق بما نطق به نبي الإسلام في هذا الشأن؟ حاشا وكلا.
بعد ما ذكرنا عن دينونة "الكفار" وشاربي الخمر والزناة نأتي الآن إلى دينونة "المؤمنين" أو المسلمين بشكل عام. من الجدير بالذكر أن المسلم حسب القرآن لا يُخلّد في النار إلا بذنب واحد، وذلك في حالة قتله متعمدا لمسلم آخر كما جاء في الآية: "ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنة واعدّ له عذابا عظيما." (النساء: 93). على الرغم من هذا الوعيد فكم من المسلمين قتلوا ويقتلون بعضهم البعض عامدين متعمدين. فيا ترى هل مصير هؤلاء القتلة بما فيهم زعماء المسلمين الذين يقتلون مواطنيهم من أجل السلطة والمنصب والخلود في جهنم؟ فما هو مصير علي الذي بشره محمد بالجنة إذ أنه قتل عثمان؟ وما هو مصير معاوية الذي قتل علي؟ وما هو مصير من قتل أبناء علي الحسن والحسين اللذين قتلا كثيرا من المسلمين ؟
ما عدا عن القتل، فإن المسلمين يحاسبون على أعمالهم، فمن استحق منهم العذاب ولم يرحمه الله طُرح في جهنم ليعذب زمنا، ثم يخرج من جهنم إلى الجنة كما سنرى فيما بعد. من الذنوب الموجبة للعذاب الشديد منع الزكاة. فإن كانت الزكاة من ذهب أو فضة أو أي معدن آخر يُحمّى أو أي معدن آخر يُحمّى ويكوى به مانع الزكاة. وإن كانت الزكاة من الحيوانات يُقيمها إله محمد حتى تطأ بأقدامها وتنطح بقرونها مانع الزكاة لآلاف السنين، كما في الحديث: "وحدثني سويد بن سعيد، حدثنا حفص يعني ابن مسيرة الصنعاني عن زيد بن أسلم أن أبا صالح ذكوان أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من صاحب ذهب أو فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صُفّحَت له صفائح من نار فأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أُعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يُقضى بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار" قيل: يا رسول الله فالإبل؟ قال: "ولا صاحب إبل إلا يؤدي حقها ومن حقّها حلبها يوم وردها إلا إذا كان يوم القيامة بُطِح لها بقاع قرقر (أرض منبسطة) أوفر ما كانت (بحالة جيدة) لا يَفقد منها فصيلا (إبن الجمل) واحدا تطؤه بأخفافها وتعضه بأفواهها كلما مر عليه أولها ردّ على آخرها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يُقضى بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار". قيل يا رسول الله فالبقر والغنم؟ قال: "ولا صاحب بقر ولا غنم لا يؤدِ منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة بُطح لها بقاع قرقر لا يفقد منها شيئا ليس فيها عقصاء (ملتوية القرن) ولا جلحاء (لا قرن لها) ولا عضباء (مسكورة القرن) تنطحه بقرونها وتطؤها بأظلافها كلما مرّ عليه أولادها رد عليه أخرها في يوم كان مقداره خمسون ألف سنة حتى يُقضى بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار." (مسلم ج 7 ص 64، رواه البخاري أيضا). إذا كان هذا حال أصحاب الذهب والفضة والإبل والبقر والغنم، فما هو حال أصحاب الدولارات والمتاجر؟ هل سيحشو رب محمد دولاراتهم في أفواههم ويهدم متاجرهم على رؤوسهم ويطمرهم تحت أنقاضها خمسين ألف عام؟
عدا عن مانعي الزكاة وتأرجحهم بين النار والجنة، يعترف محمد نفسه ان شفاعته ووسائل الغفران الكثيرة والتي مر ذكرها لن تنفع ولن تكفي لانقاذ المسلمين من جهنم على الرغم من تدخل محمد لمنع ذلك كما جاء في الحديث: "وحدثنا قُتيبة بن سعيد، حدثنا المُغيرة بن عبد الرحمن القُرشي عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن مثلي ومثل أمتي كمثل رجل استوقَد نارا فعجلت الدواب (الحشرات) والفراش يقعن فيه. فأنا آخذ بحجزكم وأنتم تُقحمون فيه – أي تسقطون في النار." (مسلم ج 15 ص 49، مكرر). كما أن محمد يؤكد للمسلمين بأن النار نهايتهم حتما : "وإن منكم إلاّ واردها ، كان على ربك حتما مقضيا." (مريم 71).
لا بد أن نسأل هنا ما هو مصير المسلمين الذين لا يخلدون في جهنم؟ يبدو أن محمدا قد استعار من عقيدة المطهر التي تؤمن بها الكنائس الطقسية، وليس لهذه العقيدة سند أو ذكر في الإنجيل إطلاقا، ومفادها أن خطايا البعض لا توجب عليهم العذاب الأبدي في جهنم. لذلك سوف يُعذّب هؤلاء في مكان آخر حتى يوفوا حسابهم ثم يُنقلون إلى الجنة. حسب نبي الإسلام محمد فإن من دخل النار من المسلمين غير القاتل سوف يُعذّب في جهنم حتى يوفي حسابه ثم ينتقل إلى الجنة، إلى أحضان حواريه اللواتي كنّ ينتظرنه باشتياق ولهفة، ويسمى هؤلاء بالجهنميين كما في الحديث: "حدثنا هُدبة بن خالد، حدثنا هُمام عن قتادة، حدثنا أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يخرج قوم من النار بعد ما مسّهم منها سفع (أذى) فيدخلون الجنة فيسميهم أهل الجنة الجهنميين." (البخاري ج 7 ص 258، مكرر). طبعا أثناء وجود هؤلاء الجهنميين في النار فهم يحترقون ويصبحون كالفحم، فتأتي الملائكة وتجمع فحمهم ويطرحونه على شاطئ نهر الحياة، أو يصب عليهم أهل الجنة ماء الحياة وكأنهم بعض الحبوب، فينبتون من جديد كما نبتوا يوم القيامة كما قال محمد: "حدثنا موسى، حدثنا عَمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دخل أهل الجنة وأهل النار يقول الله: من كان في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان فاخرجوه. فيخرجون قد امتحشوا (احترقوا) وعادوا حُمما (قمحا) فيُلقون في نهر الحياة فينبتون كما تنبت الحبة في حميل (على جانب) السيل – أو قال حميّة السيل" وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ألم تروا أنها (الحبّة) تنبت صفراء ملتوية؟" (البخاري ج 7 ص 258، مكرر، رواه مسلم أيضا).
بعد هذا الوصف الشامل للجهنميين يصف محمد آخر رجل (ليس امرأة) خرج من النار إلى الجنة: "حدثنا عثمان بن شيبة حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم عن عُبيدة عن عبد الله رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إني لأعلم آخر أهل النار خروجا منها وآخر أهل الجنة دخولا، رجل يخرج من النار كبوا (حبوا) فيقول الله: اذهب فادخل الجنة، فيأتيها فيُخيّل إليه أنها ملأى فيرجع فيقول: يا رب وجدتها ملأى فيقول (الله): اذهب ادخل الجنة. فإن لك مثل الدنيا وعشرة أمثالها أو أن لك مثل عشرة أمثال الدنيا. فيقول: تسخر مني أو تضحك مني وأنت الملك؟ فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه وكان يقول: "ذلك أدنى أهل الجنة." (البخاري ج 7 ص 261، مكرر رواه مسلم أيضا).
هناك أحاديث أخرى كثيرة، لا يتسع المجال لذكرها هنا. وهذه الأحاديث منها الطويل ومنها القصير، وتختلف في بعض التفاصيل، وتصف خروج أهل النار من النار ودخولهم الجنّة. من الغريب لمن يقرأ هذه الأحاديث أن يجد أن كل ما ذُكر عن خروج أهل النار إلى الجنة ذُكر عن الرجال فقط. وفي بعض الأحاديث يُذكر أن الرجل عندما يرجع من جهنم إلى قصره في الجنة، تلاقيه زوجاته من الحور العين مُعبرات عن مدى اشتياقهن وسرورهن برجوعه إليهن. وعلى العكس من ذلك فإنه لا ذِكر لخروج النساء من جهنم إلى الجنة، مع أن محمدا سبق وقال أنهن أكثر أهل النار. يا تُرى، ألا توجد في جهنم ولو امرأة واحدة في قلبها مقدار حبة خردل من الإيمان يؤهلها للخروج من النار إلى الجنة؟ ثم ألا يشتاق أزواج هؤلاء النساء إليهن كاشتياق الحواري لرجلهن الجهنمي؟ أم أنهم لاهين عنهن بما قسم لهم رب محمد من عشرات وربما مئات وألوف الحواري؟ وبعد، ألا توجد نساء جهنميات كما يوجد رجال جهنمييون؟ ما رأيك يا عزيزتي القارئة؟ ألا تودين من إلهك الذي تعبدينه أن يهبك من احسانه مثل ما يهب الرجل؟
بقي لنا أن نقول في نهاية الحديث أن الدينونة في الإسلام لا تقتصر على البشر فقط، وإنما تشمل الحيوانات أيضا. كما سبق وذكرنا تقوم الحيوانات كما يقوم البشر من الموت، ولكن لا ندري كيف تقوم هذه الحيوانات. فهل تنبت من الأرض كما تنبت موتى البشر من قبورهم بفعل مطر القيامة؟ يبدو أن علم هذا الأمر عند محمد وربه فقط. على أي حال، فإن الحيوانات تقوم وتُدان كما ذكر القرآن: "وما من دابة في الأرض ولا طير يطير بجناحية إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يُحشرون." (الأنعام: 38). بعد حشر الحيوانات يُدينها الله ثم تعود تُرابا: "إنا أنذرناكم عذابا قريبا يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا." (النبأ: 40). ويقول ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: "حين يحكم الله بين الحيوانات التي كانت في الدنيا، فيفصل بينها بحكمه العادل الذي لا يجور، حتى إنه يقتص للشاة الجماء (التي بلا قرون) من القرناء. فإذا فرغ من الحكم بينها قال لها: كوني ترابا فتصير ترابا. فعند ذلك يقول الكافر: يا ليتني كنت تُرابا. أي يا ليتني أصير ترابا مثل هذه الحيوانات (الكاتب)." (إبن كثير ج 3 ص 594).
لا يجد المرء شبيها لما جاء به محمد في هذا الشأن إلا في ديانة مثل الهندوسية. ومن المعروف أن الحيوانات غير عاقلة، فلا روح ولا نفس ولا عقل ولا ضمير لها، إلا إذا كانت قد ورثتها عن طريق تناسخ الأرواح كما في الهندوسية. هل تأثر محمد يا ترى بعقيدة تناسخ الأرواح الهندوسية؟ عدا عن ذلك، فإن القول بقيامة الحيوانات والقضاء بينها هو قول لا معنى له وسخيف.

الجنة
الصفحة
  • عدد الزيارات: 84242