Skip to main content

نهاية كل شيء - الجنة في المسيحية

الصفحة 9 من 11: الجنة في المسيحية

الجنة في المسيحية:
الحالة النهائية المكافأة الكبرى للمؤمنين الحقيقيين بالمسيح وبرسالة الإنجيل تُعرف بالسماء. هناك كلمات أخرى مرادفة لاصطلاح السماء وردت في العهد الجديد مثل: الملكوت وملكوت الله وملكوت السموات وملكوت المسيح والأرض والسماء الجديدة وأورشليم السماوية. سوف ندرج هنا على استعمال اصطلاح السماء.
إن السماء المسيحية كما يعلمنا الإنجيل تختلف اختلافا كليا عن جنة محمد والمسلمين، والتي أوردنا عنها الشرح سابقا. إذاً لا بد للقارئ هنا من التمعن بشدة وأمانة في هذه الاختلافات حتى يميز بين الأفضل والأسوأ، بين الصواب والخطأ، بين الحق و الباطل، لأن مصير الإنسان الأبدي يتوقف على قدرته على التمييز. ولا يمكن على الإطلاق أن تكون جنة الإسلام وسماء المسيحية تعبيرا عن نفس المكان. لا بد أن يكون أحد المكانين حقيقي والآخر غير حقيقي ومزيف. لا بد أن يكون أحد المكانين يتناسب مع طبيعة الله وقداسته، والآخر لا يتناسب مع طبيعة الله وقداسته. لذلك فإن من يختار الخطأ ظنا واعتقادا منه أنه هو الصواب وبدون امتحان أو تمحيص، فلن يكون له ملاذ أو شفيع، بل سيمكث عليه غضب الله إلى أبد الآبدين، وعقابه سيكون العذاب الأبدي في جهنم.
يجب علينا في بداية حديثنا عن السماء أن نذكر هوية أهلها. من هم الذين سوف يكون لهم نصيب في دخول السماء؟ لقد سبق وقلنا أن هؤلاء هم الذين كُتبت أسماؤهم في سفر الحياة. وهم جماعة المخلّصين، هم جماعة الأبرار والقديسين من كل أمة ولسان، رجالا ونساء. إن الله لن يسمح لأي إنسان نجس أو دنس بدخول السماء الطاهرة بغض النظر عن انتمائه الديني وسواء وُلد لأبوين مسيحيين أم لم يولد، كما ذكر الإنجيل في أكثر من مكان حيث نقرأ: "أم لستم تعلمون أن الظالمين لا يرثون ملكوت الله. لا تضلّوا. لا زناة ولا عبدة أوثان ولا فاسقون ولا مأبونون ولا مضاجعو ذكور ولا سارقون ولا طمّاعون ولا سكيرون ولا شتامون ولا خاطفون يرثون ملكوت الله. وهكذا كان أناس منكم. لكن اغتسلتم بل تبررتم بإسم الرب يسوع المسيح وروح إلهنا." (كورنثوس الأولى 9:6-11). وجاء أيضا: "من يغلب يرث كل شيء وأكون له إلها وهو يكون لي إبنا وأما الخائفون وغير المؤمنين والرجسون والقاتلون والزناة والسحرة وعبدة الأوثان وجميع الكذبة فنصيبهم في البحيرة المتقدة بنار وكبريت الذي هو الموت الثاني… ولن يدخلها شيء دنس ولا ما يصنع رجسا وكذبا إلا المكتوبين في سفر حياة الخروف (لقب يسوع المسيح)… طوبى للذين يصنعون وصاياه لكي يكون سلطانهم على شجرة الحياة ويدخلوا من الأبواب إلى المدينة. لأن خارجا الكلاب والسحرة والزناة والقتلة وعبدة الأوثان وكل من يحب أو يصنع كذبا." (رؤيا 7:21-8 و22: 14-15 . (نرى هنا أنه لا يمكن لأي إنسان أن يدخل السماء "إن زنى وإن سرق". كذلك لا نرى في السماء المسيحية جماعة يًقال لهم أهل السماء الجهنميين، يعذبون في جهنم زمانا ثم يجمع الملائكة فحمهم ويلقونه في نهر الحياة أو تُصَب الماء عليهم فينبتون من جديد ويدخلون الجنة ليجدوا في استقبالهم نساءهم من الحور العين اللواتي كن بانتظارهم. إن مثل هذه الترهات والسخافات لا وجود لها في إنجيل المسيح ولا في سمائه.
أما بالنسبة للتغيير الذي يطرأ على أهل السماء، فإنه كما سبق وذكرنا في الحديث عن القيامة هو تغيير كلي ليس في الحجم والشكل والطول والعرض، وإنما هو تغيير في الجوهر. ويشمل هذا التغيير الرجال والنساء على السواء وبنفس الطريقة. إن أجساد المؤمنين لن تنمو من عجز الذيل، ولن يكون طول الرجل ستين ذراعا وعرضه سبعة أذرع، ولن تنمو العجائز إلى فتيات مراهقات مغناجات. إن الجسد الجديد هو جسد روحي قد يحافظ على شكل الجسد القديم ومظهره، ولكن في طبيعته سيكون مشابها لجسد يسوع المسيح المقام من بين الأموات، والذي تعرف عليه تلاميذ المسيح بعد دهشتهم من المفاجأة كما جاء في الإنجيل: "ولما كانت عشية ذلك اليوم وهو أول الأسبوع وكانت الأبواب مغلقة حيث كان التلاميذ مجتمعين لسبب الخوف من اليهود جاء يسوع ووقف في الوسط وقال لهم سلام لكم. ولما قال هذا أراهم يديه وجنبه. ففرح التلاميذ إذ رأوا الرب. فقال لهم يسوع أيضا سلام لكم. كما أرسلني الآب أرسلتكم أنا." (يوحنا 19:20-22). ولو كان طول المسيح ستون ذراعا لما كان باستطاعته دخول الغرفة التي كان التلاميذ مجتمعين فيها. إذاً يمكن القول أن الجسد الجديد هو جسد عادي في الحجم والمظهر، ولكنه جسد روحاني لا يخضع للقوانيين الطبيعية مثل قانون الجاذبية ومحدودية المكان. وكذلك لا يحتاج لوظائف الجسد المادي القديم، مع أنه قادر على القيام بها مثل وظيفة الأكل والشرب، كما فعل المسيح في حادثة لاحقة ذُكرت في إنجيل يوحنا الإصحاح الحادي والعشرون. وهكذا فإن الجسد الجديد في السماء لن يحتاج للقيام بالوظائف الحيوية المادية اللازمة لحفظ الحياة وبقاء النوع، من أكل وشرب وجنس وغائظ وبول وغيرها. إنه جسد روحاني ونوراني خالد، عديم الفساد والفناء. طبعا يختلف هذا كما سبق وذكرنا عن جسد المسلم، في تعليم محمد, حيث يصبح الرجل مثل ناطحة سحاب في الحجم، وتتضاعف قواه الطبيعية من أكل وشرب ونكاح مئات المرات، وما ينتج من إفرازات مثل المخاط والبول والغائط التي تتحول إلى مسك وما شابه ذلك. فأي الجسدين عزيزي القارئ وعزيزتي القارئة تريدان في الحياة الأبدية؟
طبقا لما سبق وذكرنا فأن السماء لن يكون فيها زواج ونكاح وولادة، ولن يكون فيها غيوم تمطر على الرجال فتيات صغيرات لإشباع الشهوة والشبق الجنسي، ولن تكون مرتعا للملاذ والشهوات ومُتع الطعام والشراب من الطيور المشوية المتساقطة من الأعالي وأنهار الخمر الممزوج. لقد بيّن المسيح لمنتقديه أن السماء لن يكون فيها زوجات وحواري، حيث أنه لن تكون هناك حاجة في السماء لمتعة الجنس، لأن متعة السماء متعة روحية مُقدسة، حيث أن جميع المؤمنين، رجالا ونساء، يصبحون كائنات ملائكية. ويروي الإنجيل الحوار التالي بين المسيح وبين إحدى الفرق اليهودية التي لا تؤمن بالقيامة: "في ذلك اليوم جاء إليه صديقيون الذين يقولون ليس قيامة فسألوه قائلين يا معلم قال موسى إن مات أحد وليس له أولاد يتزوج أخوه بامرأته ويقيم نسلا لأخيه. فكان عندنا سبعة إخوة وتزوج الأول ومات. وإذ لم يكن له نسل ترك امرأته لأخيه. وكذلك الثاني والثالث إلى السبعة. وآخر الكل ماتت المرأة أيضا. ففي القيامة لمن من السبعة تكون زوجة. فإنها كانت للجميع. فأجاب يسوع وقال لهم لا تضلون إذ تعرفون الكتب ولا قوة الله. لأنهم في القيامة لا يزوّجون ولا يتزوجون بل يكونون كملائكة الله في السماء." (متى 23:22-30). في هذه الحالة حسب سنّة محمد، تختار المرأة أي زوج شاءت من السبعة.
هذا وقد جاء في الإنجيل أيضا: "لأن ليس ملكوت الله أكلا وشربا. بل هو بر وسلام وفرح في الروح القدس." (رومية 17:14).
من هنا نرى أن انشغال المؤمنين في السماء يكون بتمجيد الله وحمده وتسبيحه، بدل أن يكون انشغالهم بالنكاح وعب كؤوس الخمر الممزوج والتلذذ بالفواكه والطيور المشوية.
والآن حان الأوان كي نلقي نظرة على طبيعة السماء. وما هذا إلا لمحة خاطفة عن الأمجاد السماوية التي أعدها الله للذين يحبونه من جماعة القديسين: "بل كما هو مكتوب ما لم ترَ عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على بال إنسان ما أعده الله للذين يحبونه." (كورنثوس الأولى 9:2).
لقد ورد الوصف التالي للسماء في الإنجيل بالوحي المقدس: "ثم رأيت سماء جديدة وأرضا جديدة لأن السماء الأولى والأرض الأولى مضتا والبحر لا يوجد في ما بعد، وأنا يوحنا رأيت المدينة المقدسة أورشليم الجديدة نازلة من السماء من عند الله مُهيأة كعروس مُزينة لرجلها. وسمعت صوتا عظيما من السماء قائلا هوذا مسكن الله مع الناس وهو سيسكن معهم وهم يكونون له شعبا والله نفسه يكون معهم إلها لهم. وسيمسح الله كل دمعة من عيونهم والموت لا يكون في ما بعد ولا يكون حزن ولا صراخ ولا وجع فيما بعد لأن الأمور الأولى قد مضت. وقال الجالس على العرش أنا أصنع كل شيء جديدا... ولم أرَ فيها هيكلا لأن الرب الله القادر على كل شيء هو والخروف (المسيح) هيكلها. والمدينة لا تحتاج إلى الشمس ولا إلى القمر ليضيئا فيها لأن مجد الله أنارها والخروف سراجها. وتمشي شعوب المُخلّصين بنورها وملوك الأرض يجيئون بمجدهم وكرامتهم إليها. وأبوابها لن تُغلق نهارا لأن ليلا لا يكون هناك. ويجيئون بمجد الأمم وكرامتهم إليها... وأراني نهرا صافيا من ماء حياة لامعا كبلور خارجا من عرش الله والخروف. في وسط سوقها وعلى النهر من هنا وهناك شجرة حياة تصنع إثني عشرة ثمرة وتعطي كل شهر ثمرها. وورق الشجرة لشفاء الأمم. ولن تكون لعنة في ما بعد. وعرش الله والخروف يكون فيها وعبيده يخدمونه. وهم سينظرون وجهه وإسمه على جباههم. ولا يكون ليل هناك ولا يحتاجون إلى سراج أو نور شمس لأن الرب الإله ينير عليهم وهم سيملكون إلى أبد الآبدين." (رؤيا 21: 1-5 و22-26 و22: 1-5).
هذه هي السماء حيث يسكن الله مع الناس. فكيف يمكن أن يكون فيها النكاح على قدم وساق إلى أبد الآباد؟ لا نجد في السماء كما سبق الوصف ذكرا للحواري والأرائكة والثمار الدانية وغلمان بيض كأنهم اللؤلؤ المكنون ولا أنهار لبن وخمر وعسل. والآن يا عزيزي القارئ, وبعد اطلاعكم على جنة محمد والإسلام ومن الناحية الثانية على سماء المسيح والمسيحية فأيهما ترون أفضل وأمجد وأسمى وأرفع؟ ماذا تريد؟ هل تريد جنة محمد حيث يصبح الرجال مثل ناطحات السحاب ويُعطى كل منهم قوة مئة رجل في الأكل والشرب والنكاح، بينما ليس للنساء من نصيب إلا أن تنتظر الواحدة دورها في النكاح من زوجها الذي عنده المئات والآلاف المؤلفة من الحواري المغناجات الجذابات المراهقات؟ أم هل تريدون سماء المسيح والإنجيل حيث يتساوى الرجال والنساء وأحجامهم عادية وأجسادهم نورانية روحية مثل الملائكة ويسكن الله في وسطهم؟

الخاتمة
الصفحة
  • عدد الزيارات: 84247