نهاية كل شيء - القيامة محور الإيمان والتعليم المسيحي
القيامة:
قبل محمد وقبل الإسلام تعتبر القيامة محور الإيمان والتعليم المسيحي. لولا القيامة بما في ذلك قيامة المسيح، لكان الإيمان المسيحي كالطبل الأجوف. إن قيامة المسيح هي المثال التاريخي الحي لقيامة المؤمنين المسيحيين. ولولا قيامة المسيح من الأموات لما كانت لنا قيامة. المسيح هو أول شخص في الوجود قام من بين الأموات قيامة حقيقية غالبا الموت، ولا موت بعدها. وذلك خلافا لمن عادوا إلى الحياة بعد الموت عودة مؤقتة ثم ماتوا وما زالوا أمواتا.
هناك وصف في الإنجيل للقيامة لا نجد له مثيلا لا في القرآن ولا في الحديث. فالقيامة كما يذكر الإنجيل لن يكون فيها مطر ولا زرع ولا أناس ينبتون من القبور كما ينبت البقل. عند القيامة سيكون هناك تغيير روحي فوري، يتم بأسرع من لمح البصر، حيث تتحد أرواح الأموات بأجساد جديدة ممجدة، حتى وإن كانت هذه الأجساد مشابهة شكلا للأجساد القديمة فإنها ستكون مختلفة عنها اختلافا كليا بحيث أن هذه الأجساد ستكون ذات طبيعة جديدة، طبيعة روحية غير قابلة للتلف أو الفساد، أجساد منزهة عن الشهوات والغرائز التي كانت من خصائص الجسد القديم التي أوجدها الله من أجل البقاء، ولكن بعد القيامة لا حاجة لهذه الشهوات والغرائز. والرب يسوع المسيح يؤكد: "تضلون إذ لا تعرفون الكتب ولا قوة الله ، لأنهم في القيامة لا يزوجون ولا يتزوجون بل يكونون كملائكة الله في السماء." (متى 22: 30). وهناك إصحاح كامل في رسالة كورنثوس الأولى يصف القيامة وجاء فيه: "لكن يقول قائل كيف يقام الأموات وبأي جسد يأتون. يا غبي الذي تزرعه لا يحيا إن لم يمت. والذي تزرعه لست تزرع الجسم الذي سوف يصير بل حبة مجردة من حنطة أو أحد البواقي... هكذا أيضا قيامة المسيح... يُزرع في فساد ويقام في عدم فساد. يُزرع في هوان ويُقام في مجد. يُزرع في ضعف ويُقام في قوة. يُزرع جسدا حيوانيا ويقام جسدا روحانيا. يوجد جسم حيواني ويوجد جسم روحاني. هكذا مكتوب أيضا. صار آدم الأول نفسا حية وآدم الأخير روحا محييا. لكن ليس الروحاني أولا بل الحيواني وبعد ذلك الروحاني. الإنسان الأول من الأرض ترابي. الإنسان الثاني الرب من السماء. كما هو الترابي هكذا الترابيون أيضا. وكما هو السماوي هكذا السماويون أيضا. وكما لبسنا صورة الترابي سنلبس صورة السماوي. فأقول هذا أيها الإخوة إن لحما ودما لا يقدران أن يرثا ملكوت الله ولا يرث الفاسد عدم فساد. هوذا سر أقوله لكم. لا نرقد (نموت) كلنا ولكن كلنا يتغير في لحظة في طرفة عين عند البوق الأخير. فإنه سيُبوّق فيُقام الأموات عديمي فساد ونحن نتغير. لأن هذا الفاسد لا بد أن يلبس عدم فساد وهذا المائت يلبس عدم موت. ومتى لبس هذا الفاسد عدم فساد ولبس هذا المائت عدم موت فحينئذ تصير الكلمة المكتوبة أبتُلِع الموت إلى غلبة". (كورنثوس الأولى 35:15-54).
لا بد أن يلاحظ القارئ أنه لا ذكر هنا لتحويل العجائز إلى عذارى مغناجات وتحويل الرجال إلى ناطحات سحاب طول الواحد منهم ستون ذراعا وعرضه سبعة أذرع، وأعطي كل واحد قدرة مائة رجل في غرائز الطعام والشراب والنكاح. ما يحدث في قيام الإنجيل هي عملية روحية سامية لا مثيل هال في قيامة محمد والإسلام.
بقي أن نذكر هنا أن القيامة حسب تعليم الإنجيل سوف تتم على مرحلتين. المرحلة الأولى (وندعوه اختطاف الكنيسة) ستكون من نصيب المؤمنين بالمسيح الذين قد نالوا الخلاص وغفران الخطايا . كل مؤمن حقيقي بالمسيح سوف يحظى بهذه القيامة كما جاء في الإنجيل: "ثم أريد أن لا تجهلوا أيها الإخوة من جهة الراقدين لكي لا تحزنوا كالباقين الذين لا رجاء لهم. لأنه إن كنا نؤمن أن يسوع مات وقام. فكذلك الراقدون بيسوع سيحضرهم الله معه. فإننا نقول لكم هذا بكلمة الرب أننا نحن الأحياء الباقين إلى مجيء الرب لا نسبق الراقدين لأن الرب نفسه بُهتاف بصوت رئيس الملائكة وبوق الله سوف ينزل من السماء والأموات في المسيح سيقومون أولا. ثم نحن الأحياء الباقين سنُخطف جميعا معهم في السحب لملاقاة الرب في الهواء. وهكذا نكون كل حين مع الرب." (تسالونيكي الأولى 13:4-17).
بعد القيامة الأولى ستكون أحداث منها ما سبق وذكرناه مثل المجاعات والكوارث الطبيعية والأوبئة وظهور المسيح الكذاب (وندعوها حقبة الضيقة العظيمة)، ومنها أحداث لم نذكرها مثل حكم المسيح الألفي حيث يحكم المسيح على هذه الأرض مع المؤمنين لمدة ألف عام، حيث يعم السلام الأرض ولا تكون بعد حروب ولا أوبئة أو غيرها كما نقرأ في سفر الرؤيا: "ورأيت ملاكا نازلا من السماء معه مفتاح الهاوية وسلسلة عظيمة على يده. فقبض على التنين الحية القديمة وطرحه في الهاوية وأغلق عليه وختم عليه لكي لا يُضل الأمم في ما بعد حتى تتم الألف سنة وبعد ذلك لا بد أن يُحلّ زمانا يسيرا. ورأيت عروشا فجلسوا عليها وأعطوا حكما ورأيت نفوس الذين قتلوا من أجل شهادة يسوع ومن أجل كلمة الله والذين لم يسجدوا للوحش ولا لصورته ولم يقبلوا السمة على جباههم وعلى أيديهم فعاشوا وملكوا مع المسيح ألف سنة. وأما بقية الأموات فلم تعش حتى تتم الألف السنة. هذه هي القيامة الأولى. مُبارك ومُقدس من له نصيب في القيامة الأولى. هؤلاء ليس للموت الثاني (العذاب في جهنم) سلطان عليهم. بل سيكونون كهنة لله والمسيح وسيملكون معه ألف سنة." (رؤيا 1:20-16).
بعد الألف السنة سوف يُطلق إبليس لزمن يسير كما قرأنا سابقا، حيث ستتم المعركة الأخيرة بين إبليس وأتباعه وبين المسيح وقديسيه، وعندها يُطرح إبليس وأتباعه في بحيرة النار والكبريت (جهنم) وتتم القيامة الثانية أو العامة حيث يقوم جميع الأموات استعدادا للدينونة كما جاء في الإنجيل: "ثم متى تمت الألف السنة يُحل الشيطان من سجنه ويخرج ليُضل الأمم الذين في أربع زوايا الأرض جوج وماجوج ليجمعهم للحرب الذين عددهم مثل رمل البحر فصعدوا على عرض الأرض وأحاطوا بمعسكر القديسين وبالمدينة المحبوبة (أورشليم) فنزلت نار من السماء وأكلتهم. وإبليس الذي كان يُضلهم طُرح في بحيرة النار والكبريت حيث الوحش والنبي الكذاب وسيعذبون نهارا وليلا إلى أبد الآبدين." (رؤيا 7:20-10).
- عدد الزيارات: 83996