خرافات وسحر وشعودة - الجن
الجن:
من أشهر المعتقدات في الإسلام هو الإعتاد بوجود الجن. ويشارك الإسلام اليهودية والمسيحية في الاعتقاد بوجود الملائكة والشياطين. ولكن الإسلام ينفرد عن اليهودية والمسيحية بالاعتقاد بوجود كائنات خرافية اسمها الجن. لقد كان هذا الاعتقاد سائدا بين عبدة الأوثان في الجزيرة العربية قبل الإسلام، واستمرت هذه العقيدة في الوجود بعد مجيء محمد والإسلام. لقد رفع الإسلام من شأن خرافة الجن حتى أن القرآن قد خصص إحدى سوره لهم كما أن ذكرهم قد ورد في أماكن كثيرة من القرآن وفي الحديث أيضا.
من هم الجن في الاعتقاد الإسلامي؟ يستنتج الدارس للتعليم الإسلامي عن الجن بأنهم مخلوقات ذكية غير منظورة وهم بذلك كالملائكة. كذلك فإن لهم صفات أخرى تجعلهم كالبشر. لذلك يمكننا القول أن الجن هم كائنات وسط ما بين الملائكة والناس. وأما مكان وجود الجن فهو الأرض السفلى حيث يسكنون مدنا وقرى شبيهة بمدن وقرى البشر، وهم أمم وممالك كأهل الأرض. بالإضافة إلى ذلك، فإنهم ينتشرون على سطح الأرض ويختلطون ببني البشر إلى درجة التزاوج بينهم. وتنتشر الروايات الخرافية الكثيرة بين المسلمين عن نساء متزوجات من الجان ومن رجال متزوجين من الجان. ويؤمن الإسلام أن هناك أيضا جانا مسلمين و جانا كفارا لم يسلموا.
يخبرنا القرآن أن الجن قد خُلقوا من النار كما في الآية التالية: "خلق الإنسان من صلصال كالفخار وخُلق الجان من مارج من نار." (الرحمن: 14 و15).
وكذلك يخبرنا القرآن أن الجان أمم كأمم البشر إذ يقول: "أدخلوا في أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإنس في النار كلما دخلت أمة لعنت أختها..." (الأعراف: 38). وكما أرسل الله رسلا لهداية البشر كذلك أرسل رسلا لهداية الجن منهم حسب ما جاء في القرآن: "يا معشر الإنس والجن ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذروكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا وغرّتهم الحياة الدنيا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين." (الإنعام:30).
يذكر القرآن أنه في الأيام الغابرة كان الجن تحت سيطرة سليمان وقد سخرهم لخدمته: "ولسليمان الريح وغدوها شهر ورواحها شهر وأرسلنا له عين القطر ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نُذقه من عذاب السعير. يعملون له ما شاء من محاريب وتماثيل وجنان كالجواب وقدور (سفن) راسيات..." (سباء: 12-13). إن ما رُوي في القرآن عن سليمان والجن كثير ولا يمكن ذكره كله في هذا الكتاب. لكننا نقول إن هذه لأساطير الأولين.
إذا كان للجن هذه المكانة المهمة في مُلك سليمان، فلماذا لم يرد ذكرهم على الإطلاق في التوراة التي يعتبرها المسلمون كتابا منزلا من الله والتي تقص أخبار سليمان بالتفصيل؟ هل نسي الله يا ترى أن يذكرهم في التوراة فعاد وذكرهم في القرآن؟ لو كان هناك وجود حقيقي للجن ، ولو كان الجن يعيش بين الناس ويتزاوجون منهم ، فلماذا اختفوا بعد موت محمد؟ ولماذا لا نرهم اليوم وتكنولوجيا الاتصالات في يومنا عظيم ؟ إن الجن ليس لهم وجود إلا عند الوثنيين من العرب ومن سار على مسارهم من اليهود والنصارى الإسميين. ونحن لا ندري إن كان جن سليمان قد آمنوا بدينه أم لم يؤمنوا، و لا ندري أن كان بين جن الجزيرة العربية يهود ونصارى أم لا.
كما ذُكر في آية سابقة كان الله يرسل إلى الجن رسلا منهم. ولم يكن أحد من رسل البشر السابقين وأنبيائهم قد أرسل إليهم. ولكن محمدا نال هذا الامتياز أن يكون الرسول الأول والوحيد للإنس والجن على حد سواء. وكما كان لمحمد أتباع من البشر كان له أتباع من الجن أيضا، حيث أنهم سمعوا قرآن محمد وآمنوا بمحمد وقرآنه كما جاء في الآية: "قل أوحي إلي إنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجيبا. يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نُشرك بربنا أحد." (الجن: 1-3). ثم يضيف على ذلك "وانا من الصالحون ومنا دون ذلك كنا طرائق قددا (متفرقة). وانا ظننا أن لن نعجز الله في الأرض ولن نعجزه هربا. وانا لما سمعنا الهدى (القرآن) أمنا به فمن يؤمن بربه فلا يخاف نجسا ولا رهقا. وانا منا المسلمون ومنا الفاسقون فمن أسلم فأولئك تحرّوا رشدا." (الجن: 13-16).
يخبرنا الحديث كيف قرأ محمد القرآن على الجن وكيف أسلموا. قال الراوي: "حدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الأعلى عن داود عن عامر قال: سألت علقمة هل كان إبن مسعود شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن؟ قال: فقال علقمة: أنا سألت إبن مسعود فقلت: هل شهد أحد منكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ففقدناه والتمسناه في الأودية والشعاب فقلنا استُطير (طارت به الجن) أو أغتيل. قال فبتنا بشّر ليلة بات بها قوم فلما أصبحنا إذا هو (محمد) جاء من قِبل حراء قال: فقلنا: يارسول الله فقدناك فطلبناك فلم نجدك فبتنا بشر ليلة بات بها قوم. فقال: "أتاني داعي الجن فذهبت فقرأت عليهم القرآن"، قال: فانطلق بنا فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم." (مسلم ج 4 ص 169، رواه البخاري وإبن كثير أيضا). يا ترى هل رأى أحد في تاريخ البشرية نيران الجن غير محمد؟ ولماذا أوقد الجن النيران؟ هل ليتدفأوا بها أو يطهوا الطعام عليها؟ على أي حال هناك أحاديث كثيرة ومختلفة تصف هذه الحادثة. في بعض الأحاديث هؤلاء الجن كانوا من الشياطين وبعضها يذكر أنهم كانوا من جن نصيبين أو أحد الأماكن الأخرى في الجزيرة العربية.
يحدثنا محمد نفسه أن عفريتا من الجن حاول منعه من الصلاة، ولكنه تغلب عليه وكاد أن يمسكه ولكنه تركه لشأنه حتى لا يتعدى على سليمان كما في الحديث التالي: "حدثنا إسحق بن إبراهيم قال: أخبرنا رَوْح ومحمد بن جعفر عن شُعبة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن عفريتا من الجن تفلّت علي البارحة – أو كلمة نحوها. ليقطع عليّ الصلاة فأمكنني الله منه فأردت أن أربطه إلى سارية من سواري المسجد حتى تصبحوا وتنظروا إليه كلكم فذكرت قول أخي سليمان: "ربي اغفر لي وهب ملكا لا ينبغي لأحد بعدي فردّه خاسئا." (البخاري ج 1 ص 148، مكرر، ذكره مسلم أيضا). يبدو أن الجن كانوا دوما في صحبة محمد حيث أنه يقول أن لكل إنسان قرين (صاحب) من الجن بما في ذلك محمد نفسه لكن قرينه أسلم ويأمره دائما بالخير كما جاء في الحديث: "حدثنا عثمان حدثنا جرير بن منصور عن سالم بن أبي الجعد عن أبيه عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما منكم من أحد إلا وكلَ به قرينه من الجن. قالوا: وإياك يا رسول الله؟ قال: وإياي إلا أن الله أعانني عليه فأسلم، فلا يأمرني إلا بخير." (مسلم ج 17 ص 157، مكرر، رواه البخاري أيضا). هذا وقد جاء في بعض الأحاديث أن هذا القرين هو من الشياطين، وقد أسلم شيطان محمد. ولا يسعنا هنا إلا أن نتساءل هل كان محمد حقا يأتمر بأمره الجان والشياطين؟ إن من لهم أقران من الجن والشياطين إنما هم سحرة أو مجانين ، والكثيرين منهم إما حاولوا الانتحار أو انتحروا. ومن المعروف في الإنجيل أن المسيح كان يشفي الذين بهم أرواح شريرة أو شياطين.
هناك صفات أخرى يشارك بها الجن البشر. الجن حسب ما ذكر محمد يموتون كما يموت البشر. حيث جاء في الحديث: "حدثنا أبو مُعمّر حدثنا عبد الوارث حدثنا حسين المعلم حدثني عبد الله بن بريدة عن يحيى بن يعمر عن إبن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: "أعوذ بعزّتك الذي لا إله إلا أنت الذي لا يموت والجن والإنس يموتون" (البخاري ج 8 ص 523).
لعل أغرب ما قيل عن الجن هو طعامُهم. فهل تعرف عزيزي القارئ ما هو طعام الجن؟ ربما لن تصدق أن طعام الجن حسب ما قال محمد هو عبارة عن نفايات البشر ونفايات الحيوانات وبالتحديد العظام والروث (إبرازات الحيوانات مثل الإبل والبقر والغنم والخيل)، كما جاء في الحديث: "حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا عمرو بن يحيى بن سعيد قال أخبرني جدي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان يحمل مع النبي صلى الله عليه وسلم أداوة (وعاء ماء) لوضوئه وحاجته. فبينما هو يتبعه بها قال: "من هذا؟" فقال: أنا أبا هريرة. فقال: "ابغِني (احضر لي) أحجارا استنفض بها (أمسح أثر الغائط) ولا تأتني بعظم أو روثة". فأتيته بأحجار أحملها في طرف ثوبي حتى وضعتها إلى جنبه. ثم انصرفت حتى إذا فرغ مشيت معه فقلت: ما بال العظم والروثة؟ قال: "هما من طعام الجن، وإنه أتاني وفد جن نصيبين، ونعم الجن – فسألوني الزاد، فدعوت الله أن لا يمروا بعظم ولا بروثة إلا وجدوا عليها طعاما." (البخاري ج 4 ص 618 مكرر، رواه مسلم أيضا). عجبا ألم يكرم محمد على الجن إلا بالعظم والروث؟ أهذا كان كل ما تجود به الجزيرة العربية؟ عزيزي القارئ، إن هذه االخرافات الجنية ليس لها مثيل لا في اليهودية ولا في المسيحية وإنما هي خرافات جاهلية وصارت معتقدا إسلاميا.
- عدد الزيارات: 64031