Skip to main content

خرافات وسحر وشعودة - الرّقي

الصفحة 6 من 10: الرّقي

الرّقي:
لا شك أن الرقي من أقدم العادات في المجتمع البشري. لقد كان الرقي منتشرا بين الناس حتى قبل المسيحية وقبل اليهودية في المجتمعات الوثنية. ومن بين هذه المجتمعات العرب في الجزيرة العربية منبت الإسلام. يعتبر الرقي نوعا من السحر والشعوذة، ولم يُصرح به لا موسى ولا أحد آخر من الأنبياء. أما محمد فقد حافظ على ممارسة الرقي في دينه الجديد وشجع على من يمارسه من أصحابه على أخذ أجرة مقابل رُقاهم". (والرقي يعرف بالعامية بالحُجب).
كثيراً ما كانت الرقي أو الحُجب تستعمل حتى تحرس أو تحمي من أذى العين الشريرة. لقد ذكر القرآن إمكانية أذى العين في الآية التالية: "وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك (يوقعون الأذى بك) بأبصارهم لما سمعوا الذكر (القرآن) ويقولون إنه لمجنون.." (القلم: 51).
لقد أكد محمد على أذى العين كما جاء في الحديث: "حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدرامي وحجاج بن الشاعر وأحمد بن خراش قال عبد الله: أخبرنا، وقال الآخران: حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا وهيب عن إبن طاوس عن أبيه عن إبن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "العين حق ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين. وإذا استغسلتم فأغسلوا (أي إذا أصبتم بعين السوء فتوضأوا)." (مسلم ج 14 ص 171، رواه البخاري أيضا). وإضافة للوضوء فقد أوصى محمد بالاسترقاء من العين كما في الحديث: "حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان حدثني مَعبد بن خالد سمعت عبد الله بن شداد عن عائشة رضي الله عنها قالت: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أمرَ أن يُسترقى من العين." (البخاري ج 7 ص 30).
ليس هناك أي تفسير منطقي يقدمه القرآن أو محمد أو فقهاء المسلمين عن كيفية تسبيب العين الأذى للآخرين. هناك أقوال أو فتاوي كثيرة لفقهاء وعلماء المسلمين في هذا الشأن ولكنها لا تُغني ولا تُسمن من جوع، ويبقى التعليل المنطقي الوحيد لمثل هذا الاعتقاد أنه من باب الخرافة والشعوذة. ويُقال أن الكثيرين من الذين استرقوا أصبحوا يعانون من هجمات شيطانية إذ فتحوا بابا للشيطان ليدخل في حياتهم ويعذبهم عقليا وبصحتهم . وإن كنت يا عزيزي القارئ تتألم من أمر غريب في حياتك فأسأل نفسك هذا السؤال : هل أنا مرقى؟ وإذا كنت مرقى فما عليك إلا أن تتخلص منه ، والاسم الوحيد الذي سيساعدك هو اسم الرب يسوع المسيح الذي ترتعب الشياطين عند سماعه.
لم يأمر محمد بالاسترقاء فقط، بل أنه هو نفسه كان يسترقي ولا يرقيه إلا جبريل كما جاء في الحديث: "حدثنا إبن أبي عمر المكي حدثنا عبد العزيز الداروردي عن يزيد " وهو إبن عبد الله بن أسامة بن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: كان إذا اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم رقاه جبريل قال: باسم الله أرقيك ومن كل داء يشفيك ومن شر حاسد إذا حسد وشر كل ذي عين." (مسلم ج 14 ص 169، مكرر).
والآن يا عزيزي القارئ ، نذكر لك رواية طريفة فيها يُشجع محمد الراقي على أخذ الأجرة وطالب بنصيبه من هذه الأجرة. يقول الراوي: "حدثنا أبو النعمان حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن المتوكل عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: انطلق نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في سفر سافروها حتى نزلوا على حي من أحياء العرب فاستضافوهم (طلبوا الضيافة) فأبوا أن يضيفوهم. فلُدغَ سيد ذلك الحي، فسعوا له (عالجوه) بكل شيء، لا ينفعه شيء، فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط (الجماعة) الذين نزلوا لعله أن يكون عند بعضهم شيء. فأتوهم فقالوا: يا أيها الرهط إن سيدنا لُدغ وسعينا له بكل شيء لا ينفعه شيء، فهل عند أحد منكم شيء؟ فقال بعضهم: نعم والله إني لأرقي، ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا، فما أنا براق لكم حتى تجعلوا لنا جعلا (تعطونا أجرا). فصالحوهم على قطيع من الغنم فانطلق يتفل عليه ويقرأ "الحمد لله رب العالمين". فكأنما نشط من عقاله (دب فيه النشاط)، فانطلق يمشي وما به قلبة (عرج). قال: فأوفوهم جعلهم (أجرهم الذي صالحوهم عليه). فقال بعضهم: اقسموا، فقال: الذي رقّى: لا تفعلوا حتى يأتي النبي صلى الله عليه وسلم. فذكروا له، فقال وما يدريك أنها رقية؟"، ثم قال: "قد أصبتم. اقسموا واضربوا لي معكم سهما" (اجعلوا لي نصيبا) ، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم" (البخاري ج 3 ص 73 مكرر، رواه مسلم أيضا).
نرى من هذه القصة أن الجاهليين كانوا يؤمنون بالرقي مثلما كان يؤمن به محمد و أصحابه. لو كان الرقي من الله ، لا يستطيع الراقي أن يأخذ أجرة ، لأن القوة الخارقة هي إما من الله أو من الشيطان ، وإن كانت من الله ، كتاب الله يقول : مجانا أخذتم مجانا أعطوا. إذاً الرقي ليس من الله الحق.

التشاؤم والتفاؤل
الصفحة
  • عدد الزيارات: 61990