Skip to main content

هل يعتبر القرآن إعجازه معجزة له؟ - الإعجاز في نظم القرآن

الصفحة 13 من 14: الإعجاز في نظم القرآن

 

ثالثا : الإعجاز في نظم القرآن

والجميع يرجعون الى مقالة الجاحظ أن سر الاعجاز في نظم القرآن مبنى ومعنى . ولذلك فهو معجز في ذاته ، لا بمعجزة حسية مضافة اليه . ولذلك يعتبرونه مع ابن خلدون أعظم المعجزات دلالة على صدق النبوة وصحة الدعوة لاجتماع الدليل والمدلول عليه فيه .

قال شيخ القائلين بإعجاز القرآن ذاته معجزة له ، الباقلاني : "إن نبوة النبي صلى الله عليه وسلم معجزتها القرآن : والذي يوجب الاهتمام بمعرفة اعجاز القرآن أن نبوة نبينا عليه السلام بنيت على هذه المعجزة ... وذلك يكفي في الدلالة ، ويقوم مقام معجزات غيره وآيات سواه من الأنبياء ... فبان أن بناء نبوته صلى الله عليه وسلم على دلالة القرآن ومعجزاته ؛ وصار له من الحكم في دلالته على نفسه وصدقه أنه يمكن أن يُعلم أنه كلام الله تعالى . وفارق حكمه حكم غيره من الكتب المنزلة على الأنبياء ، لأنها لا تدل على نفسها إلاّ بأمر زائد عليها ، ووصف مضاف اليها ، لأن نظمها ليس معجزًا وان كان ما يتضمنه من الإخبار عن الغيوب معجزًا . وليس كذلك القرآن لأنه يشاركها في هذه الدلالة ، ويزيد عليها أن نظمه معجز ، فيمكن أن يدل به عليه . وحلّ في هذا من وجه محل سماع الكلام من القديم" .

لكن اختلاف القوم في وجه الاعجاز ، وحيرتهم التاريخية في معرفة سر اعجازه ، جعلهم يعتبرون اعجاز القرآن "سرًا محجوبًا" ، و :اللغز الذي حيّر الناس" .

يقول عبد الكريم الخطيب : "فلو أن سر الاعجاز قد انكشف – وهيهات – لعرفه الناس ! ومن ثَم لم يعد بعيدًا عن متناول أيديهم ... وكان في مستطاعهم أن يأتوا بمثل هذا القرآن" .

وهذا الخلاف المتواتر المتواصل على وجه الاعجاز دليل الحيرة في العقيدة ، والعقيدة لا تكون في حيرة ؛ والمعجزة لها وجه مشرق لا يختلف الناس فيه : فإن اختلفوا في وجه الدلالة ضاعت المعجزة – فإن "اللغز الذي حيّر الناس" لا يكون معجزة لهم . ولجوؤهم في ختام المطاف الى اعتباره "سرًا محجوبًا" و "اللغز الذي حيّر الناس" فيه القضاء المبرم على اعتبار الاعجاز في القرآن معجزة له : لأنه من البديهة أن "ما لا يمكن الوقوف عليه ، لا يتصور التحدّي به" . وهكذا ينهار الأساس الثالث في اعتبار الاعجاز القرآني معجزة .

لا يقوم اعتبار الإعجاز معجزة على أساس صحيح
الصفحة
  • عدد الزيارات: 23116