Skip to main content

هل يعتبر القرآن إعجازه معجزة له؟ - اختلاف دائم على وجه الإعجاز

الصفحة 12 من 14: اختلاف دائم على وجه الإعجاز

 

ثانيا : اختلاف دائم على وجه الإعجاز

 

وقد عقد السيوطي في (الاتفاق 118:2) فصلاً قيّمًا يعدّد فيه المحاولات المتعدّدة المتعارضة لمعرفة وجه الاعجاز في القرآن . قال : "لمّا ثبت كون القرآن معجزة نبيّنا ص ، وجب الاهتمام بمعرفة وجه الاعجاز . وقد خاض الناس في ذلك كثيرا ، فبين محسن ومسئ .

 

1 – "فزعم قوم أن التحدّي وقع بالكلام القديم الذي هو صفة الذات .

2 – "ثم زعم النظام أنه بالصرفة – أي أن الله صرف الناس عن معارضته ، وكان ذلك مقدورا لهم .

3 – "وقال قوم : وجه إعجازه ما فيه من الإخبار عن الغيوب المستقبلة .

4 – "وقال آخرون : ما تضمّنه من الأخبار عن قصص الأولين وسائر المتقدمين حكاية من شاهدها وحضرها .

5 – "وقال آخرون : ما تضمنه من الإخبار عن الضمائر ، من غير أن يظهر ذلك منهم بقول أو فعل .

6 – "وقال القاضي أبو بكر (الباقلاني) : وجه اعجازه ما فيه من النظم والتأليف والترصيف ؛ وأنه خارج عن جميع وجوه النظم المعتادة في كلام العرب ، ومباين لأساليب خطاباتهم .

 

7 – "وقال الإمام فخر الدين (الرازي) : وجه الاعجاز الفصاحة ، وغرابة الاسلوب ، والسلامة من جميع العيوب .

 

8 – "وقال الزملكاني : وجه الاعجاز راجع الى التأليف الخاص به ، لا مطلق التأليف ، كل فنّ في مرتبته العليا في اللفظ والمعنى .

 

9 – "وقال ابن عطية : والذي عليه الجمهور والحذّاق في وجه اعجازه أنه بنظمه وصحة معانيه ، وتوالي فصاحة الفاظه ... فبهذا جاء نظم القرآن في الغاية القصوى من الفصاحة .

 

10– "وقال حازم : وجه الاعجاز في القرآن من حيث استمرت الفصاحة والبلاغة فيه من جميع أنحائها ، في جميعه ، استمرارًا لا يوجد له فترة .

 

11– "وقال المراكشي : الجهة المعجزة في القرآن تُعرف بالتفكير في علم البيان ... لأن جهة اعجازه ليست مفردات الفاظه ، والاّ كانت قبل نزوله معجزة ؛ ولا مجرّد تأليفها ، وإلاّ كان كل تأليف معجزا ؛ ولا بالصرف عن معارضتهم . إنه في أحوال تركيبه . فعلى اعجازه دليل إجمالي وهو أن العرب عجزت عنه وهو بلسانها .

 

12– "وقال الأصفهاني : إن اعجاز القرآن ذكر من وجهين : احدهما اعجاز متعلق بنفسه ، والثاني بصرف الناس عن معارضته . فالأول يتعلق بالنظم المخصوص ، وهذا النظم مخالف لنظم ما عداه ؛ والقرآن جامع لمحاسن جميع أنواع الكلام ، على نظم غير نظم شئ منها : لا يصح أن يُقال له رسالة أو خطابة ، أو شعر أو سجع . والثاني عجزت كافة البلغاء عن معارضته ، مصروفة في الباطن عنها .

 

13– "وقال السكاكي : اعجاز القرآن يُدرك ولا يمكن وصفه !

14– "وقال أبو حيّان التوحيدي : القرآن لا يُشار الى شئ منه إلاّ وكان ذلك المعنى آية ، لذلك حارت العقول وتاهت البصائر عنده .

15– "وقال الخطابي : إن القرآن إنما صار معجزا لأنه جاء بأفصح الألفاظ ، في أحسن نظام وتأليف ، مضمّنا أصح المعاني ، جامعًا في ذلك الدليل والمدلول عليه . وقد قلت في اعجاز القرآن وجهًا ذهب عنه الناس ، وهو صنيعه في القلوب ، وتأثيره في النفوس .

16– "وقال ابن سراقة : ذكروا في اعجازه وجوهًا كثيرة كلها حكمة وصواب : الايجاز مع البلاغة ، البيان والفصاحة ، الوصف والنظم ، خروجه عن جنس كلام العرب من النظم والنثر والخطب والشعر ، قارئه لا يكل وسامعه لا يمل .

17– "وقال الزركشي : الاعجاز وقع بجميع ما سبق من الكلام ، لا يكل واحد على انفراد ، مع روعته وجمعه بين صفتي الجزالة العذوبة ، وكونه آخر الكتب غنيًّا عنها ، وهي ترجع اليه .

18– "وقال الرماني : وجوه اعجاز القرآن تظهر من جهات : ترك المعارضة ، والتحدّي للكافة ، والصرفة ، والبلاغة ، والإخبار عن الأمور المستقبلة ، ونقض العادة , وقياسه بكل معجزة .

19– "وقال القاضي عياض في (الشفاء) : إن القرآن منطو على وجوه من الاعجاز كثيرة . وتحصيلها من جهة ضبط أنواعها أربعة : الأول حسن تأليفه والتئام كَلِمِه وفصاحته ووجوه ايجازه ، وبلاغته الخارقة عادة العرب . الثاني صورة نظمه العجيب ، والاسلوب الغريب المخالف لأساليب كلام العرب ، ومنها نظمها ونثرها . الثالث ما انطوى عليه من الإخبار بالمغيِّبات . الرابع ما أنبأ به من أخبار القرون السالفة" .

وكان السيوطي آخر مَن تكلّم في الإعجاز .

وجاء أهل العصر يرون فيه وجوهًا جديدة من الاعجاز :

1– فكان مصطفى صادق الرافعي أول من تكلّم في (اعجاز القرآن) من أبناء العصر . "فالرافعي لم يخرج في اعجاز القرآن عن هذا الوجه الذي جرى عليه مَن سبقه من القائلين بأن النظم هو سر الاعجاز فيه" – وهو من القائلين بالاعجاز المطلق في القرآن . "إن

الناس كلهم يعجزون عن مثله . ومعجز في أثره الانساني ، ومعجز كذلك في حقائقه" . والخطيب يرد هذه الوجوه الثلاثة من حيث هي وجوه الاعجاز .

2 – فريد وجدي لا يرى أجمع عليه القوم أن اعجاز القرآن في نظمه البياني ؛ بل هو في "روحانية خاصة" هي عندنا جهة اعجازه والسبب الأكبر في انقطاع الإنس والجن عن محاكاة أقصر سورة من سوره . وناهيك بروحانية الكلام الإلهي . "نعم إن جهة اعجاز الكتاب الإلهي الأقدس هي تلك (الروحانية العالية) التي قلبت شكل العالم" . وهو يستند الى قوله : "وكذلك أوحينا اليك روحًا من أمرنا" (الشورى 52) . وفاته أن "الروح" هنا هو ملاك الوحي ، بحسب قوله : "يلقي الروح من أمره على مَن يشاء من عباده" (غافر 15) .

3 – محمد أبو زهرة يرى أن التشريع في القرآن أفضل وجوه الاعجاز فيه ، وأن العلماء لم يذكروه مع أنه أقواها ، وبه يكون معجزا لكل الناس ، لا للعرب وحدهم .

4 – عبد الرزاق نوفل يرى وجه الاعجاز في علم القرآن الذي سبق علوم المتقدمين والمتأخرين . فهو مثلا يرى علم الذرة العصري في كلمة "ذرة" اللغوية الواردة في القرآن . فخلط بين اللغة والعلم التقني .

5 – عبد الكريم الخطيب يرى من (الاعجاز في مفهوم جديد) أنه أقام الحجة البالغة المعجزة على العرب المشركين ، وعلى أهل الكتاب من يهود ونصارى ؛ وأن شخصية محمد إحدى معجزات القرآن ؛ وأن وجوه الاعجاز الذاتية فيه هي : الصدق المطلق الذي نزل به ، وعلو الجهة المنزل منها ، وحسن الأداء في النظم والفاصلة ، وروحانية القرآن .

6 – الدكتور أحمد أحمد بدوي يرى أن "البرغة هي سر هذا الاعجاز" .

7 – وسيد قطب يرى أن وجه الاعجاز في "التصوير الغني في القرآن" .

وهناك دراسات لا تأتي بجديد في الكشف عن "سر الاعجاز" .

الإعجاز في نظم القرآن
الصفحة
  • عدد الزيارات: 23155