Skip to main content

هل يعتبر القرآن إعجازه معجزة له؟ - اصطلاح الأمّي في القرآن

الصفحة 4 من 14: اصطلاح الأمّي في القرآن

 

أولا : اصطلاح "الأمّي" في القرآن

تُنْسَخ "أمّيّة" محمد على هذه الصفة القرآنية : "النبي الأمي" ، على أساس اللغة ، لا بحسب الاصطلاح القرآني المتواتر .

1 – كان أهل الكتاب يقسمون الناس الى كتابيّين وأمّيين أي الأمم الذين لا كتابَ منزلا لهم ؛ وكانوا يقولون : "ليس علينا في الأمّيين سبيل" (آل عمران 75) . فقسمهم

القرآن في الجزيرة مثلهم : "وقلْ للذين أوتوا الكتاب والأمّيين : أأسلمتم ؟ فإن أسلموا فقد اهتدوا" (آل عمران 20) . فالعرب المشركون كلهم أمّيون لأنهم ليسوا من أهل الكتاب ، ولا كتاب منزلا لهم .

2 – ومحمد هو "أمّي" لأنه من العرب الأمّيين ، غير الكتابيين : "هو الذي بعث في الأمّيين رسولا منهم ، يتلو عليهم آياته ويزكيهم ، ويعلمهم الكتاب والحكمة ، وإنْ كانوا من قبل لفي ضلال مبين" (الجمعة 2) . فهذه الآية تقطع بأن "الأمي" اصطلاح قرآني يعني "العربي الذي ليس له كتاب منزل" . فمحمد هو "النبي الأمي" (الأعراف 157 – 158) أي النبي العربي ، لأنه من العرب الأمّيين واليهم . وليس في التعبير أدنى معنى للأمية اللغوية في العلم والمعرفة والثقافة والدرس والتدريس . قال الاستاذ دروزة : "تكرر وصف النبي صلى الله عليه وسلم بالأمي ؛ وهو الوصف الذي جاءَ في القرآن لغير الكتابي ، أو للعرب لأنهم غير كتابييّن" .

فالواقع القرآني كله يشهد بأن "النبي الأمي" اصطلاح قرآني ؛ ولا يرد في القرآن كله تعبير "الأمي" لغة إلاّ في موضع واحد بحق بعض الكتابيين من اليهود : "ومنهم أمّيون ، لا يعلمون الكتاب إلاّ أماني ، وإنْ هم إلاّ يظنون" (البقرة 78) . فالاستناد الى القرآن نفسه في تعبيره "النبي الأمي" للقول بأمية محمد هو افتراء على القرآن .

ومحمد هو "النبي الأمي" لأنه قبل الأمر اليه في رؤيا غار حراء : "وأمرتُ أن أكون من المسلمين ، وأن أتلو القرآن" (النمل 91 – 92) – حيثُ أمر أن ينضم الى المسلمين الموجودين بمكة من قبله وأن يتلو معهم "القرآن" الذي يتلون – "ما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطّه بيمينك : إذًا لارتاب المبطلون" (العنكبوت 48) . فالآية لا تشهد بأمية محمد المطلقة بل بأمية محمد بالنسبة الى الكتاب المقدس ، "القرآن" على الاطلاق ، قبل مبعثه وهدايته الى الايمان به : "وكذلك أوحينا اليك روحا من أمرنا : ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان ؛ ولكن جعلناه نورا نهدي به مَن نشاء من عبادنا ، وإنك لتُهدى الى صراط مستقيم ، صراط الله " (الشورى 52 – 53) . فمحمد قبل هدايته الى الايمان بالكتاب المقدس ، ما كان يدري ما الكتاب ولا الايمان ! وما كان يتلوه ولا يخطه بيمنه

مثل أهل الكتاب . لكنه لمّا أُمر بالانضمام إلى الكتابيين المسلمين من قبله ، وبتلاوة قرآن الكتاب معهم ، أخذ يتلو الكتاب ، وربما يخطه بيمنه مثلهم ومعهم ، "فدرس" ، "وعلمهم الكتاب والحكمة" أي التوراة والانجيل .

فلما "درس" محمد الكتاب (الانعام 105) تعلّم "القرآن" أي الكتاب وتعلّم البيان ، كما في قوله : "الرحمان علّم القرآن خلق الانسان علّمه البيان" . فالإنسان كناية هنا عن محمّد ، وينسب تعلم البيان الى الرحمان كما ينسب الى الكاتب بالعدل "أن يكتب كما علمه الله" (البقرة 282) .

شهادة القرآن بثقافة محمّد
الصفحة
  • عدد الزيارات: 23112