Skip to main content

هل يعتبر القرآن إعجازه معجزة له؟ - البيّنة على كلام الله بالمعجزة لا بالاعجاز

الصفحة 8 من 14: البيّنة على كلام الله بالمعجزة لا بالاعجاز

 

ثانيا : البيّنة على كلام الله بالمعجزة لا بالاعجاز

أجل إن كلام الله معجز في ذاته للمخلوقين أجمعين . ولكن ما البرهان على أنه كلام الله ؟ وما البيّنة على صدق النبي أنه ينقل كلام الله ذاته ؟

فالسر ، كل السر ، في الجزم أنه كلام الله ، للاقرار بإعجازه . وبما أن كلام الله لا يصلنا إلاّ بواسطة بشر ، وبكلام بشر ، فالبيّنة على أنه كلام الله لا تكون في ذاته . ولا تكون أيضا في واسطته ، لئلا يشتبه الأمر علينا بين كلام الخالق وكلام المخلوق ؛ فالحقيقة في ذاتها واحدة ، سواء كانت كلام الخالق أم كلام المخلوق ، وخصوصا أنها في الحالين تأتينا بواسطة المخلوق .

إن كلام الله يأتينا على لسان بشر ، وبلغة البشر ؛ فلم يعد معجزا في ذاته . والقول بأن اعجاز القرآن معجزة له ، لأنه كلام الله ، منطق معكوس ، فهو يثبت بدون برهان ما يُراد

اثباته . فما البرهان أنه كلام الله ؟ وما الدليل على صدق النبي في زعمه أنه كلام الله ؟ "قل : هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين" !

والبرهان خارج بطبيعته عن الكلام المزعوم لله ، وعن النبي الذي يدّعيه . قال الجويني في (الارشاد ص 331) : "لا دليل على صدق النبي غير المعجزة . فإن قيل : هل في المقدور نصب دليل على صدق النبي غير المعجزة ؟ – قلنا : ذلك غير ممكن" .

لذلك كان قول ابن خلدون : "إن أعظم المعجزات دلالة القرآن ... لاجتماع الدليل والمدلول عليه "، فيه مغالطتان بل تناقضان : المدلول عليه هو كلام الله وهذا ما يُراد إثباته ! والدليل عليه هو اعجاز هذا الكلام اعجازا إلهيا ، فما هو برهان اعجازه ؟ وهكذا فالمدلول بحاجة الى برهان ؛ والدليل بحاجة أيضا الى برهان . والبيّنة التي تحتاج الى بيّنة ، لا تكون بيّنة كافية من ذاتها . إنها بحاجة إلى بيّنة أخرى لا تتصل بها في الذات . ولإثبات قول نبي أنه كلام الله فهو بحاجة الى "معجزات خارقة لا تتصل به في الذات" .

كلام الله والإعجاز
الصفحة
  • عدد الزيارات: 23115