الآيات التي يلقيها الشيطان - الصفحة الرابعة عشر
هكذا كانت خديجة تحمل هذه المكانة الفريدة، وما يحمله ذلك من دلائل عن مرحلة وجودها في حياة النبي، وهي أعظم مراحل عمره، يوم أن كان يعيش كأي مسيحي مكتفياً بزوجة واحدة ويدعو الناس إلى عبادة الله بالموعظة الحسنة، حتى ماتت خديجة. ومات ورقة، وتغير مسار الدعوة من السلم إلى السيف، ومن الوعظ إلى الذبح، وتدهورت سلوكيات النبي حتى رأيناه يطلق العنان لشهواته بدون أدنى تمييز أو استبصار حتى أنه ارتضى وسمح ضميره بأن يعاشر طفلة صغيرة معاشرة الأزواج، فعندما تزوج من عائشة كانت في العاشرة من عمرها! وتزوج ثاني وثالثة ورابعة وخامسة حتى عندما مات كان في عصمته تسع زوجات بخلاف معاشرته ما ملكت يمينه مما أفاء الله عليه! وهي تسمية مهذبة للسبايا من نسوة الشعوب المغلوبة ويصبحن جاريات ويبعن في سوق الرقيق في انتهاك صارخ لآدميتهن، فضلاً على معاشراته - بالهبة - أي أن أي امرأة لو دعته لمعاشرتها فإن أراد فليعاشرها بشرط واحد فقط وهو أن تكون مؤمنة!
15 سنة كاملة يقضيها محمد مع زوجة واحدة، لا يطلقها ولا يتزوج عليها، طبقاً للشريعة المسيحية، حينما كان محمد مسيحياً متتلمذاً على يدي أستاذه ورقة لكن الآن لم يعد محمد مسيحياً، بموت ورقة وخديجة وانتهى العهد المكي بمسالمته وتقواه، وجاء العهد المدني حيث تأسس ما يُسمى بالدولة الإسلامية وسيفها، وكانت المرحلة الانتقالية وهي من أصعب المراحل الحرجة التي واجهت النبي، ولا سيما بعد موت ورقة الذي كان مصدر الوحي لمحمد، تقول الأحاديث:
وما أن مات ورقة حتى فتر الوحي ؟
وظل مقطوعاً فترة طويلة مما جعل النبي يبحث عن مصادر ثانية لوحيه ولم يكن الأمر صعباً، فالجزيرة تعج بالكثيرين ممن يعطون الوحي، أناس من مختلف الملل والاتجاهات، يهود، نصارى، حنفاء، صابئين، زرادشتين، عبدة أصنام، وتعددت مصادر الوحي فجاء القرآن مشوهاً، ممسوخاً مليئاً بالمغالطات والمتناقضات الصارخة فظهرت بدعة الناسخ والمنسوخ ليبرر متناقضاته، واختلطت الأمور ببعضها المكي داخل المدني، والمدني داخل المكي، وأول الوحي في آخر القرآن وآخر الوحي في أول القرآن، والباقي تم توزيعه بدون تنسيق عقول أغلبية المسلمين، فلا يسألون ولا يهتمون، بل وكثيرين منهم لا يعرفون ما هو التنزيل المكي وما هو التنزيل المدني ولا ما هو الناسخ والمنسوخ، ولا يعرفون ترتيب التنزيل ولا كيفية جمع القرآن ولا يسمح لهم بدراسات نقدية حوله خشية اكتشاف زيفه، ويوجد سيفٌ مسلطٌ على عنق أي مسلم يطعن في صحة القرآن فهذا مرتدٌ والمرتد يُقتل.
وبعد هذا العرض يتضح أن المسيحية بلغت العرب، واعتنقها سكان الجنوب والشمال ووصلت إلى وسط الجزيرة - وتوغلت داخل النبي عن طريق ورقة، مما ينفي ادعاء حاجة العرب إلى دين جديد بكتاب عربي ونبي عربي،فالمسيحية جاءت لكل العالم واعتنقتها كل شعوب الأرض بمختلف لغاتهم وجنسياتهم، ولم يكن بحاجة ليرسل إلى كل شعب نبي منهم يتكلم لغتهم ومعه كتاباً خاصاً بهم.. لأنهلا يوجد دينٌ سوى دين واحد، ولا يوجد كتابٌ سوى كتابٌ واحد، هذا الدين الواحد بدأ بفلسطين وانتشر إلى كل أرجاء العالم، بكتاب واحد هو الكتاب المقدس الذي تمت ترجمته إلى كل لغات العالم، وهذا الكتاب شمل كل تعاليم ووصايا الله للإنسان إن عاش بها خلص، وإن رفضها هلك، ولم يترك هذا الكتاب كبيرة أو صغيرة إلا وتكلم عنها، بسلاسة وتنسيق بديع، وقد اتبع النبي هذا الكتاب لمدة 15 سنة لكنه ارتد عن المسيحية بعدما بدأ يميل إلى الزعامة والثراء والشهوات وهي أمور تتعارض بشدة مع المسيحية، والإسلام الذي جاء به محمد لم يقدم تعاليم جديدة نافعة للبشر بل استحدث تعاليم غريبة عن روح الدين السماوي، فأجاز القتل في سبيل نشر دعوته وأجاز تكفير بقية الشعوب، وأباح تعدد الزواج والطلاق وسائر الرزايا التي تعيد بالإنسان إلى عصور التخلف وعهود الظلام، وإني أتحدى أن يقول لي أي مسلم عن وجود تعليمٍ صالحٍ واحدٍ في الإسلام - لم يكن موجوداً في الكتاب المقدس الذي اقتبس وسُرق منه الإسلام أفضل ما لديه، إنها محنة عقلية أن يتوهم البعض أن الإسلام هو أفضل وأصدق الرسالات، وأي شخص يختار الإسلام هو مؤكد لم يدرس المسيحية ولم يعرفها المعرفة الصحيحة، وأي مسيحي يرتد عن المسيحية ليعتنق الإسلام، يشبه برجل استبدل جواهره الأصلية بأخرى مقلدة مزيفة لها بريق خارجي سرعان ما ينطفئ، أشكر الله إنني عشت المرحلتين، وعرفت الفوارق بينهما واخترت الأصلح والأجدى لخلاصي الأبدي، ويكون واهماً كل شخص يظن أنه يوجد خلاص بعيد عن المسيح، لكن مشكلة المسيحية أنها لم تتساهل مع الخطية بل وقد وضعت قيوداً أخلاقية صارمة على أتباعها لمرضاة الله وليس الناس، فلم تعد أتباعها بالخيرات الحسان ولا الغلمان ولا أنهار الخمر، ولم تبح لهم تعدد الزوجات والانغماس في الشهوات، لذلك كان طبيعي أن الإنسان الذي يختار المسيحية هو إنساناً صالحاً يسعى لحياة الكمال والقداسة والتضحية والمحبة، والجهاد الروحي في هذه الأرض حتى يخرج منها منتصراً لينعم في الأبدية بالنجاة والعيش مع رب السماء عيشة روحية مليئة تسبيحاً وحمداً وتمجيداً للخالق وهي السعادة الروحية لدى أرباب الكمال، لذلك رأينا أن الشعوب المتحضرة هي وحدها المتمسكة بالمحبة وبقية الشعوب الأخرى مهما تكن متخلفة مجرد أن تعتنق المسيحية تصير شعوباً راقية هذبتها تعاليم المسيحية، ولا يزال الإسلام قابعاً في هذه البقعة المتخلفة من العالم التي تشهد انتهاك حقوق الإنسان، وتخلفه الحضاري والفكري حيث الإرهاب والظلم والجهل والفقر الشديد.
العرب لم يكونوا بحاجة لدين جديد، ووصلهم الدين المسيحي المنزل من السماء، لكنهم اختاروا دين العالم وشهواته، وتركوا دين الله بروحانيته، وذبحوا المسيحيين العرب الذين ارتضوا بالمسيحية ديناً، فهم قد رفضوا المسيح، واتبعوا محمداً، وحتى تقوم الساعة يبقى للشيطان أتباع، وسيبقى لله أتباع، لكن الله يؤيد أتباعه، وهذا سر تقدم الأمم المسيحية.
- عدد الزيارات: 46107