Skip to main content

لا تحريف في التوراة والإنجيل - الصفحة الخامسة

الصفحة 22 من 23: الصفحة الخامسة

ولو كان اليهود هم الذين حرفوا نسختهم لا السامريون لكان الأولى بهم أن يحرفوا عدد 12 لا عدد 4,

ثم إننا كنا قد أشرنا في ما تقدم إلى الخلاف الموجود بين النسخة السامرية والنسخة العبرانية والترجمة السبعينية من حيثية أعمار بعض الآباء الأولين في أصحاحي 5 و10 من سفر التكوين? وفي الغالب يجب أن يُحمل هذا الخلاف على محمل الخطأ? لأن الأرقام قابلة الخطأ حيث يسهل أن يحل بعضها محل الآخر, ومن الواضح أن اختلاف النسخ في هذه الأرقام لا يمس جوهر الكتاب في شيء,

وحاول بعض كتاب المسلمين أن يثبتوا وجود اختلاف كثير بين أسفار الكتاب المقدس? وزعموا أن هذا الاختلاف دليل على تحريفه, غير أن الكتّاب المطلعين ذوي العقول الراجحة والأفكار النيرة يسلّمون أنه إن كتب كاتبان أو أكثر عن واقعة حال? وكتب كلٌّ منهم بمعزل عن الآخر? تأتي كتاباتهم مختلفة اختلافاً ظاهرياً? ولكن إن اتفقت اتفاقاً تاماً يستدل من اتفاقهم على أنهم متواطئون,

أما البسطاء فيشتبه عليهم ظاهر الاختلاف بين سفر وآخر? ويشكّون في صحة الأسفار, أما المطلعون فيعلمون أصله ويحلونه حلاً جميلاً, والاختلاف الظاهري بين أسفار الكتاب المقدس أعظم دليل على أمانة أهله? وإلا لكانوا أزالوه منه لكي لا يبقى عرضة لانتقاد المنتقدين, ومن أمثلة والاختلاف الظاهري ما ورد عن نسب المسيح في بشارة متى ص 1 وبشارة لوقا ص 3 وما ورد عن موت يهوذا في بشارة متى 27 :5 وسفر الأعمال 1 :18 و19 فلو كان استباح أهل الكتاب التحريف لكانوا وفَّقوا بين هذه المواضع من كتابهم,

ويزعم قوم من المسلمين أن الإنجيل محرف لقول بعض النصارى إن الآيات الآتية غير موجودة في النسخ القديمة وهي - بشارة مرقس 16:9 إلى 20 وبشارة يوحنا 5:3 و4 و7 :53-8 :11 ورسالة يوحنا الأولى 5 :7 - ولو أن هذه الآيات لم تكن موجودة في المتن في النسخ الأكثر أقدمية إلا أنها موجودة على الهامش? فظنها الناسخ من الأصل فأدمجها فيه بسلامة نية, وسواء أصاب في ظنه أو أخطأ? فإن وجود هذه الآيات وعدمه لا يؤثران في جوهر الكتاب ولا في عقيدة من عقائد الكنيسة? لأن الحقائق الأساسية التي تضمّنها مستوفاة بأكثر تفصيل في مواضع أخرى من الكتاب,

وبالنسبة لهذه المسألة يوجد فرق عظيم بين الكتاب والقرآن? فإن المطلعين من المسلمين يعلمون أن فريقاً من الشيعة أثبتوا أن عمر بن الخطاب الخليفة الثاني وعثمان بن عفان الخليفة الثالث غيَّرا جملة آيات من القرآن بسوء النية والقصد? ليخفيا عن المسلمين حقيقتين هما من الأهمية بمكان : الأولى? هي يجب أن يكون عليٌّ صاحب الخلافة بعد محمد? والحقيقة الثانية يجب أن تحصر الإمامة في ذريته, ويدّعي فريق آخر أنه أسقط من القرآن سورة بجملتها يقال لها سورة النورين للغاية المشار إليها, أما نحن فلا يهمنا التحري عما إذا كانت هذه الدعوى صحيحة أو مُختلقة? ولكن تهمّ أهل السنة من المسلمين, لأنه إن كانت سورة النورين من القرآن حقيقة يكون ما أشقاهم واسوأ حظهم? لأنها تنذرهم بسوء العاقبة كما في قوله إن لهم في جهنم مقاماً عنه لا يعدلون وكتب ميرزا محسن بكشمير في كتاب له سنة 1292 هجرية يسمى - داستاني مذاهب سورة النورين - وذكر أن بعض الشيعيين يؤكدون بأن عثمان عندما أحرق المصاحف القديمة وأمِن على نفسه مناقشة الحساب? عمد إلى النسخة التي كانت بين يديه وشطب منها كل ما كان من مصلحة علي ابن أبي طالب وذريته من السيادة والإمامة? وقال أن بعض العلويين ينكرون القرآن المتداول اليوم? ولا يسلمون بأنه هو الذي نزل من الله على محمد? كما يعتقد المسلمون? بل يقولون إن أبو بكر وعمر وعثمان اختلقوه, نعم إن لدى العلماء المحققين من الأدلة ما يكفي لدحض هذه الدعاوي الباطلة? غير أنهم لا يسعهم إلا التسليم بأن هذه التهم الشائنة صوبها نفس المسلمين إلى القرآن, والذي يهمنا من المسألة أن هذه التهم في اعتبارهم مخلة بجوهر الخلاص لكل فرد من المسلمين? إن كان في الإسلام خلاص? في حين أن الدعاوى المزعومة على كتابنا المقدس محصورة في آيات قليلة? وهي التي سبقت الإشارة إليها إن حذفت من الكتاب أو زيدت عليه لا تخل بشيء من عقائد الدين والخلاص على الإطلاق - لأنها عرضية لا جوهرية - ,

ويدّعي بعض المسلمين عدا ما تقدم ذكره أنه قد ضاع من بين دفتي الكتاب المقدس أسفار كانت معدودة منه يوماً ما? كسفر ياشر - كما في سفر يشوع 10 :13 - وكتاب حروب الرب - كما في سفر العدد 21 :14 - فنقول دحض الهذا الاعتراض إن السفرين المذكورين لم يندرجا قط في سلسلة أسفار التوراة? وإن كانت أشارت إليهما التوراة, وحكمها حكم الأسفار التي أشار إليها القرآن وهي ليست منه? كصحف إبراهيم وموسى مثلاً - سورة الأعلى 87 :19 وسورة النجم 53 :36 -

واعترض بعضهم بأن الكتاب المقدس عند الكنيسة الكاثوليكية يتضمن أسفاراً غير موجودة عند كنيسة البروتستانت, ورداً على هذا نقول : إن أسفار العهد الجديد موجودة بذاتها عند عموم المسيحيين من بروتستانت وكاثوليك وأرثوذكس, وأما أسفار العهد القديم فقد زادت عليها الكنيسة الكاثوليكية أسفارا لم تكن مدرجة من ضمن التوراة عند المسيحيين الأولين? ولا عند اليهود? فضلاً عن كونها لا توجد في الأصل العبراني, نحن معاشر المسيحيين الحقيقيين نعتمد أسفار العهد القديم حسبما هي مدرجة في قانون اليهود وتثبَّتت لنا من المسيح ورسله, ولكن إن فرضنا أن هذه الأسفار المزيدة موحى بها فإنها بجملته الا تؤثر على أية عقيدة من عقائد الديانة المسيحية, وأما الفروق المذهبية بين كنيسة البروتستانت وغيرها فلم تنتج عن زيادة هذه الأسفار على العهد القديم? ولا عن اختلاف في الكتب? كما أن مذاهب الإسلام لم تنتج عن اختلاف في القرآن بين مذهب وآخر,

* * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * *

الصفحة السادسة
  • عدد الزيارات: 35479