لا تحريف في التوراة والإنجيل - الصفحة الثالثة
ومن الأدلة الشاهدة على وجود الكتاب المقدس - أي العهدين الجديد والقديم - بسلامته حين مجيء القرآن ?الاقتباسات الموجودة فيه المصرحة بأنها مقتبسة منهما كما في سورة المائدة 5 :45 وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا - أي في التوراة - أَنَّ النفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالأَنْفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ ,
فهذه الآية منقولة من سفر الخروج 21 :23-25 ونصه وَإِنْ حَصَلَتْ أَذِيَّةٌ تُعْطِي نَفْساً بِنَفْسٍ ?وَعَيْناً بِعَيْنٍ ?وَسِنّاً بِسِنٍّ ?وَيَداً بِيَدٍ ?وَرِجْلاً بِرِجْلٍ الخ ,
وفي سورة الأنبياء 21 :105 قوله وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ - كتاب داود - مِنْ بَعْدِ الذكْرِ - أي التوراة - أَنَّ الْأَرْضَ - أرض الجنة أو الأرض المقدسة - يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصالِحُونَ - عامة المؤمنين ملخصاً من البيضاوي, فهذه الآية مقتبسة من مزمور 37 :29 ونصه الصدِّيقُونَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ وَيَسْكُنُونَهَا إِلَى الْأَبَدِ ,
وفي سورة الأعراف 7 :40 قال إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَا سْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ فهذه الآية مقتبسة من الإنجيل كما في بشارة متى 19 :24 قال وَأَقُولُ لَكُمْ أَيْضاً : إِنَّ مُرُورَ جَمَلٍ مِنْ ثَقْبِ إِبْرَةٍ أَيْسَرُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ وفي بشارة مرقس 10 :25 لفظ العدد بعينه وفي بشارة لوقا 18 :25 قال لِأَنَّ دُخُولَ جَمَلٍ إلى آخر العدد بلفظه,
فهذه الاقتباسات الثلاثة ?أحدها من التوراة ?وثانيها من الزبور ?وثالثها من الإنجيل هي برهان جلي بأن الكتب المنزَلة التي كانت بأيدي اليهود والنصارى هي التي بأيدينا الآن ?وتُسمى بالأسماء التي كانت بعينها, ومثال ذلك إذا ما اقتبسنا أبياتاً من مثنوي جلال الدين الرومي أو من الديوان المنسوب لعلي ابن أبي طالب أو من كتاب آخر مشهور ?فمن أول نظرة من القارئ الخبير يحكم حكماً قطعياً بأن هذه المصنفات موجودة في وقتنا الحاضر, كذلك كان ينبغي لعلماء القرآن المنصفين أن يحكموا بأن الآيات التي اقتبسها من الكتاب المقدس تدل على أنه كان موجوداً في زمن محمد ?بل الآيتان المقتبستان من التوراة والزبور في قوله وكتبن الهم فيها أي التوراة وقوله ولقد كتبنا في الزبور فيهما برهان صريح أن هذين السفرين كانا موجودين حينئذ كما هما الآن,
عدا ذلك أن كثيراً من القصص الواردة في القرآن وردت في الكتاب المقدس ?ومن أمثال ذلك قصة يوسف - سورة يوسف - وقد تكون في القرآن مغيرة عن الأصل تغييراً يطابق التقاليد اليهودية المتأخرة أكثر من آيات التوراة المتقدمة ?كما شرحنا ذلك في كتاب تنوير الأفهام في مصادر الإسلام وكذلك يشتمل القرآن على مقتبسات كثيرة جداً من أسفار الكتاب المقدس لا يمكن تعليلها ولا فهمها إلا بمراجعة الأصل ?فنقتصر على ذكر واحدة منها, ورد في سورة آل عمران 3 :93 اسم إسرائيل بدل يعقوب وأنه حرم على نفسه طعاماً, فمن المستحيل أننا نقدر أن نفهم لماذا أبدل اسم يعقوب بإسرائيل ?وما هو نوع الطعام الذي حرمه على نفسه إلا بمراجعة التوراة, اُنظر سفر التكوين 32 :22-31 حيث تجد ذلك مشروحاً شرحاً وافياً,
وورد في الأحاديث المحمدية فقرات منقولة عن الكتاب المقدس, من أمثال ذلك ما ورد في كتاب - مشكاة المصابيح ص487 من طبعة سنة 1297 هـ الباب الأول والفصل الأول في كلامه عن وصف الجنة وأهلها - قال رسول الله قال الله تعالى أعددتُ لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فلا يشك أحد أن هذا الحديث منقول من الرسالة الأولى لبولس الرسول إلى أهل كورنثوس 2 :9, ومما هو جدير بالملاحظة هنا أنه بينما يقرر محمد أن هذا الوصف من كلام الله ينكر كثيرون من علماء الإسلام أن بولس رسولٌ ?وأن رسائله موحى بها من الله.
- عدد الزيارات: 37774